حدس جنرال أمريكي

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

من غير المشكوك فيه، أن مشكلة تايوان واحدة من أكبر التحديات التي تواجه العلاقات الصينية الأمريكية، وتظل مفتوحة على كل الاحتمالات، نظراً لتمسك بكين بإعادة توحيد الجزيرة وضمها إلى الوطن الأم، ورغبة واشنطن في دفعها نحو الانفصال، على الرغم من السياسة الأمريكية التي لا تزال تعترف بمبدأ «صين واحدة».

التحذيرات التي أطلقها جنرال أمريكي يعمل في سلاح الجو، قبل أيام قليلة، حول احتمال نشوب حرب أمريكية صينية في عام 2025، معتمداً على حدسه، كما يقول، ودعا فيها مرؤوسيه، بمذكرة داخلية أقر صحتها «البنتاغون»، إلى الاستعداد للحرب والبدء منذ الآن في التدريبات الجادة، هي وجهة نظر ليست بالضرورة «حتمية» لاندلاع الحرب بين الجانبين. فمن جهة، تتمسك بكين بإعادة تايوان التي سيطر عليها القوميون اليمينيون منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1949، إلى الوطن الأم، إما سلماً وإما بالقوة، في حين ينتهج حكام الجزيرة خيار تطوير الحكم الذاتي الممنوح لها نحو الانفصال الكامل، متسلحين بالدعم الغربي، ورغبة واشنطن في إبقائها قاعدة لها في منطقة شديدة الحساسية، والحفاظ على دعمها وحمايتها، لأسباب استراتيجية أمريكية.

وبالتالي فإن الخيارات المتناقضة، وتضارب حسابات المصالح قد يدفع في نهاية المطاف إلى مواجهة صينية أمريكية، لكن هذا التناقض الحاد يبقى محكوماً بعوامل أخرى اقتصادية وسياسية وعسكرية، قد تجعل حدس الجنرال الأمريكي مشكوكاً فيه، أو ليس حتمياً على الأقل. إذ لا أحد يشك في أن الصين أصبحت قوة اقتصادية وعسكرية صاعدة ومتنامية، إلى الحد الذي جعل واشنطن تعتبرها أكبر خطر إستراتيجي يهدد مصالحها، وهي من دون شك تعد العدة لاحتمالات استخدام القوة في تايوان، يقابلها تحضيرات أمريكية أيضاً لمثل هذا الاحتمال، ناهيك عن محاصرة الصين بالأحلاف العسكرية (كواد وأوكوس) للسيطرة على المحيطين الهندي والهادي، وقبلهما بحر الصين الجنوبي، بذريعة حرية الملاحة والتجارة الدولية، وتأكيد حضورها القوي دعماً لحلفائها في تلك المنطقة. إلا أن الطرفين يدركان أن اندلاع حرب صينية أمريكية، سيدمرهما معاً، فمن جهة، هناك علاقات اقتصادية هائلة ومتشابكة سيخسرها الطرفان، وهناك أيضاً مجازفة خطيرة مع تحول الصين إلى قوة نووية ضخمة، وإمكانية امتلاكها لأكثر من 1500 رأس نووي بحلول 2035، حسب البنتاغون.

لا شك في أن التوترات المتصاعدة في تلك المنطقة، خصوصاً بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة لتايوان في أغسطس/آب الماضي، والدعم الأمريكي المستمر للجزيرة وإمدادها بأحدث الأسلحة، بذريعة حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، والغضب الصيني الذي انفجر بمناورات عسكرية هي الأضخم في تاريخ المنطقة، جعل الجنرال الأمريكي يرجح احتمالات الحرب في غضون عامين، مستنداً إلى أن عام 2024 سيشهد انتخابات في الجزيرة، يعطي حافزاً قوياً لبكين للتحرك لاستعادتها، بالتزامن مع انتخابات مماثلة في الولايات المتحدة، ما يجعل الإدارة الأمريكية «مشتتة»، لكن الجنرال الأمريكي نفسه يأمل في أن يكون «مخطئاً»، ومع ذلك لا أحد يمكنه التكهن بمآل تلك المنطقة، ما دامت الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yckmrsyn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"