ذاكرة المقبرة

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالحٍ يدعو له}.. رواه مسلم.
هكذا دستور حياة (دنيا ودين) منطلق نبوي نبيل، وقاعدة قوية متينة متماسكة الأركان والركائز والرؤى. بوصلة حياتية حية وحيوية مَثُلَتْ بين أيدينا وفي قلوبنا وفي عُقر أذهاننا منذ 1440 عاماً هجرياً نبوياً قويماً، نسترشد بها نحو أداء واجباتنا والإحاطة بحقوقنا تجاه أنفسنا وتجاه خاصتنا من البشر، أحياءً كانوا أم أمواتاً.
على ضَوْء هكذا دستور نبوي، ولأنَّ («الرمس» دُرَّة الأحياء دارة الموتى)، فقد أقْدَمَ مجموعة من «متطوعي شباب الرمس» على ترقيم قبور «مقبرة الرمس» الأهلية الحديثة كافة، قديمها وحديثها، حيث تم الانتهاء من عملية الترقيم التي أخذ القائمون على تنفيذها بجد واجتهاد إنساني تطوعي، ما أدى إلى إنجاز المهمة كمرحلة أولى من المشروع الذي (يهدف إلى توثيق أسماء المتوفين، وتاريخ دفنهم).
هذا المنجز التطوعي، لن يؤتي أُكُلَهُ ما لم تتضافر الجهود من أبناء «الرمس» كافة، الذين تقع على عاتقهم مسؤولية تزويد الشباب التطوعي بكل البيانات والمعلومات الوارد ذكرها في الرسالة أو المطوية الموضوعة خلف اللوحة المنصوبة في بدايات المقبرة، المتضمنة تحية الدخول على أموات المسلمين من أهالي «الرمس» ومن المسلمين كافة الذين شدوا الرحال إليها فيما سبق من زمن، وسكنوا مقبرتها ليرتحلوا إلى من سبقهم من سُكان المقبرة ويتجاوروا معهم فيها.. رحمهم الله جميعاً وغفر لهم (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون.. أسأل الله لنا ولكم العافية.. أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع.. اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تضلنا بعدهم).. اللهم آمين.
تقول مذكرة الشباب التطوعي (مشروع ترقيم القبور «مقبرة الرمس» بفضل من الله وتوفيقه ودعمكم بدأنا المرحلة الأولى من المشروع الذي يهدف إلى توثيق أسماء المتوفين وتاريخ دفنهم، حيث سنقوم بعد جمع الأسماء بتوفيرها يدوياً وإلكترونياً لتكون متاحة للجميع.
لقد تم الانتهاء من وضع لوحة بلاستيكية بيضاء تحمل رقماً باللون الأخضر وُضعت على شاهد الرأس للقبر. إن كنت ترغب في المساهمة في المشروع فيرجى تعبئة ورقة تحمل ما يلي (رقم القبر، اسم المتوفى، تاريخ الدفن، اسم مقدم المعلومات وصلة قرابته بالمتوفى، رقم هاتف مقدم المعلومات).. والله الموفق).
نعم، هكذا مشروع ينطلق من أساسين أساسٌ ديني منبثق من البوصلة النبوية المرشدة إلى أركان العمل الآدمي بعد الممات «الصدقة الجارية، العلم النافع، الولد الصالح».. وأساسٌ دنْيَوِي مُؤكِّد على ضرورات التوثيق التراثي للمنطقة الإماراتية بِأَسْرِها وبِأُسَرِها، بما في ذلك من حفظ لتاريخ السُّكّان كضرورات تِّعْدادِيّةِ وإحصائية وتوثيقية في السجلات الرسمية والأرشيفية، كما يُوَلِّدُ علاقة حميمة بين الأحياء والأموات أساسها البوصلة النبوية السالفة الذكر.

[email protected]