عادي
المدارس تخلي مسؤولياتها

مواقع التواصل.. مجموعات أولياء الأمور تربك الميدان التربوي

01:14 صباحا
قراءة 7 دقائق
أولياء أمور يروجون لتوجيهات مغلوطة لم تصدر من المعلم

تحقيق: آية الديب
فرضت وسائل التواصل الاجتماعي نفسها على جميع القطاعات الاجتماعية والعملية، باعتبارها وسائل باتت متاحة للجميع وتمكن من التواصل بين أطراف مختلفة بآنية وسهولة، ووظفتها مختلف قطاعات العمل لدعم جهودها، ووظفتها الكوادر التربوية والتعليمية وأولياء الأمور، جسر تواصل بين أولياء الأمور والكوادر التعليمية وبين أولياء الأمور وبعضهم بعضاً.

وعلى الرغم من نجاح «وسائل التواصل»، في أن تكون جسراً سريعاً يربط بين أولياء الأمور وإدارات المدارس، ويستهدف الارتقاء بالعملية التعليمية، وتوفير بيئة تواصلية تتيح للأسرة الاطلاع على كل ما يتعلق بتعليم أبنائهم، ومعرفة مواطن القوة والضعف لديهم، فإنها أخفقت في توظيف مهامها دون مشكلات.

أكد تربويون أنهم يحاولون تسخير هذه الوسائل في خدمة العملية التعليمية باعتبارها منظومة تشاركية بينهم وبين ذوي الطلاب، وأن المجموعات التي تضم كوادر المدرسة أو مشرفين، تثري العملية التعليمية، فيما تؤثر المجموعات التي تضم أولياء الأمور فحسب سلباً في سير العملية التعليمية، وأنهم يخلون مسؤوليتهم عما يدور فيها طالما لم تضم هذه المجموعات مشرفين من المدرسة.

وأوضح التربويون أن بعض المجموعات التي تجمع أولياء الأمور، تؤدي إلى غياب جماعي، لاسيما في أيام الدوام المدرسي التي تسبق المناسبات الرسمية، كما يدفع بعض أولياء الأمور الآخرين لاتخاذ مواقف سلبية ضد معلمين، وأن هذه المجموعات تضم في أحيان كثيرة أولياء أمور يروجون لإشاعات أو توجيهات مغلوطة لم تصدر من المعلمين.

وأكدوا أن مجموعات أولياء الأمور تفقد الكوادر التعليمية التواصل المباشر في أحيان كثيرة مع ولي الأمر، وأن بعض القضايا التعليمية يصعب مناقشتها عن طريق هذه المجموعات كقضايا الإرشاد الاجتماعي والتوجيه السلوكي للطلبة.

وفي المقابل تباينت آراء أولياء الأمور حول جدوى مجموعات التواصل التي تضمهم آباء عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، ففي الوقت الذي أكد فيه عدد من أولياء الأمور، أن هذه المجموعات تسهم في جعلهم على علم بمستجدات العملية التعليمية لأبنائهم، اعتبرها آخرون مصدر إزعاج لا يراعي المشتركون فيها الفروق الفردية بين الطلاب.

تجنب الفوضى

قال خالد السعيدي، مدير مدرسة حكومية في أبوظبي: «لدينا مجموعات تضم إدارة المدرسة وكوادرها وأولياء الأمور عبر وسائل التواصل الاجتماعي كتطبيقي (واتس آب وتيليغرام) يكون مسموح فقط لمشرفيها النشر وما يتم نشره في هذه المجموعات يتعلق بالتعليمات التي تصدر من المدرسة والتوجيهات العامة الاجتماعية ورسائل اجتماعية كرسائل النصح والإرشاد ومواعيد الامتحانات والرسائل التي نرغب في توجيهها لأولياء الأمور».

وأضاف أنه نظراً للعدد الكبير لطلاب المدرسة، وبالتالي أولياء أمورهم، يصعب السماح لأولياء الأمور بالمشاركة في هذه المجموعات، تجنباً للفوضى والبعد عن الأهداف الرئيسية لهذه المجموعات.

وتابع: «هناك مجموعات أخرى للتواصل مع أولياء الأمور، لكنها تخضع لإشراف من المدرسة، حيث تكون مجموعة لكل فصل دراسي يشرف عليها المعلم رائد الفصل ويمكن للطالب التواصل مع معلمه عبر هذه المجموعات وفق آلية محددة، حيث يحدد كل معلم وقتاً يمكنه الرد فيه على رسائل الطلاب ويقوم بإبلاغ طلابه بهذا الوقت».

وأردف: «بشكل عام لدينا توجيهات من وزارة التربية والتعليم بتوعية الطلاب بالسلامة الرقمية، والحماية من الاختراقات الإلكترونية، ونسعى إلى استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في السبل التي تثري العملية التعليمية باعتبارها اجتماعات ذكية مع أولياء الأمور والطلاب».

مجموعات متعددة

قال علي محمود عرفة، مدير مدرسة خاصة بأبوظبي، إن المجموعات التعليمية التي تنشأ على وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما تطبيق «واتس آب» باعتباره الأسهل والأسرع في الاستجابة، مضيفاً أن هناك مجموعات تجمع معلم كل مادة بطلاب صفه، وهناك أخرى تجمع إدارة المدرسة وأولياء الأمور، وغالباً ما ترسل المدرسة عبرها التعميمات والتوجيهات والإخطارات التي من المهم إطلاع أولياء الأمور عليها.

وتابع: «هناك مجموعات أخرى تضم أولياء الأمور مع بعضهم بعضاً في ظل وجود مرشد أو مشرف من المدرسة الذي غالباً ما يكون أحد الأخصائيين الاجتماعيين أو رئيس مرحلة دراسية، وتكون مهمته في هذه المجموعات هو الاطلاع على المشكلات التي تواجه أولياء الأمور وإطلاع الإدارة عليها ومن ثم الوقوف على التوصيات والحلول المقترحة لها».

وأضاف: «هناك مجموعات أخرى تضم إدارة المدرسة والمعلمين، تستهدف تنظيم العملية التعلمية وتحقيق أهداف المدرسة، وغالباً ما يزيد التواصل على هذه المجموعات بين إدارة المدرسة وكوادرها التعليمية والتربوية خلال فترات الامتحانات والفترات التي تتزامن مع استعدادات انطلاق كل فصل دراسي.

وأكد أنه على الرغم من أن مجموعات التواصل مع أولياء الأمور تتميز بسهولة وصول رسائلها، فإنها تفقد إدارة المدارس التواصل المباشر في أحيان كثيرة مع ولي الأمر، لافتا إلى أن بعض القضايا التعليمية يصعب مناقشتها عن طريق هذه المجموعات.

بيئة اجتماعية

أما وجدان المناصير، مديرة قسم المواد العربية في إحدى المدارس تقدم لطلابها منهاجاً أجنبياً، رأت أن مجموعات أولياء الأمور عبر وسائل التواصل الاجتماعي لها إيجابيات وسلبيات، إلا أن إيجابياتها أكثر من سلبياتها، وفي الغالب ما يستهدفه أولياء الأمور من هذه المجموعات هو متابعة الأبناء والواجبات والأنشطة المدرسية.

وقالت: «تمثل هذه المجموعات كذلك بيئة اجتماعية لأولياء الأمور يتبادلون فيها الآراء حول أمور مختلفة، مثل مناقشاتهم حول المناهج والمواد الدراسية والامتحانات والرحلات وغيرها، ووجود هذه المجموعات بدون ممثل لإدارة المدرسة داخلها أفضل حتى تكون المناقشات بينهم بحرية دون حرج».

ويمكن للمدارس استغلال ظاهرة هذه المجموعات بالإيجاب من خلال توطيد علاقة إدارة المدرسة مع «الأدمن» منشئ المجموعة، لكي يطلعها على مشكلات أولياء الأمور ومقترحاتهم وأيه صعوبات تواجههم حتى تعمل المدرسة على حلها.

كما أن المدرسة لها وسائل تواصل أخرى رسمية مع أولياء الأمور، تضمن اطلاع ولي الأمر على كافة مستجدات طفله التعليمية دون وجود أية إساءات أو خلق مشكلات بين أولياء الأمور وبعضهم بعضاً، حيث تتواصل المدرسة مع أولياء الأمور عبر تطبيق للهاتف كما تتواصل معهم عبر بريدهم الإلكتروني، فضلاً عن حسابات المدرسة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

زيادة الغياب

قالت رشا سامي، معلمة في مدرسة خاصة: «نقوم بالتواصل مع أولياء أمور الطلاب، عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونستغلها لتكون جسراً تربوياً بينا وبينهم بهدف مصلحة الطلاب، ويتم إنشاء مجموعات تضم كل معلم وطلابه، وكثيراً ما نرسل عبر هذه المجموعات تذكيراً بالامتحانات، والتعليمات والتوجيهات التعليمية الرسمية، وإشعارات بعقد حفلات في المناسبات، وكل ما يتعلق بالأنشطة المدرسية».

وأضافت: «غالباً ما يحدد كل معلم وقتاً معيناً يمكنه الرد خلاله على الرسائل التي ترده من الطلاب أو أولياء الأمور، مع مراعاة أن يتم توجيه التساؤلات للمعلم في صورة رسالة خاصة وليس على المجموعة العامة التي تضم أولياء الأمور والطلاب، ويخطر المعلم أولياء الأمور والطلاب بهذا التوقيت».

وتابعت: «على الرغم من أننا كمعلمين نحدد لطلابنا أوقاتاً معينة نرد فيها على تساؤلاتهم وتساؤلات أولياء أمورهم على وسائل التواصل، فإننا في أوقات الامتحانات بشكل خاص نحرص على أن نكون متاحين طوال الوقت للرد على جميع أسئلة الطلاب التي تسبق الامتحانات».

وأشارت إلى أن ولي الأمر قد يواجه مشكلة صغيرة يمكن حلها ببساطة من خلال التواصل مع المعلم أو إدارة المدرسة، إلا أن تواصل ولي الأمر مع أولياء أمور آخرين حول المشكلة ومناقشتها معهم في أحيان كثيرة يؤدي إلى اتخاذ المشكلات أكبر من حجمها ويصعب مهمة الحل على المعلم أو الإدارة.

ولفتت إلى أنه دائماً ما نخلي مسؤوليتنا عما يناقشه أولياء الأمور على مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم والتي لا تتضمن رقابة من المدرسة، وتؤدي إلى مشكلات كثيرة، مؤكدة أن مجموعات تواصل أولياء الأمور مع بعضهم تسهم في رفع نسب الغياب الطلابي بالتزامن مع المناسبات الرسمية، قائلة: «قبل المناسبات نجد شريحة كبيرة من أعضاء هذه المجموعات يتفقون على إحضار أبنائهم للمدرسة أو الغياب الجماعي، وهو ما يؤثر في خطط المدارس التعليمية».

شائعات تعليمية

قال محمد آيات الله، معلم في مدرسة خاصة: «تعتمد المدرسة التي أعمل فيها على نظام تواصل افتراضي مع الطلاب وأولياء أمورهم، يجعلنا في غنى عن التواصل مع أولياء الأمور عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، فمن خلال هذا النظام أستطيع أن أنشر أية تعليمات أو ملخصات أو واجبات أو تكليفات، وأيضاً يمكنني أن أنشر توجيهاً معيناً لطالب واحد أو مجموعة طلاب أو أن أقسم طلاب كل فصل إلى مجموعات أو أن أرسل ذلك التوجيه للجميع».

وأضاف أن هناك مجموعات أخرى تضم أولياء الأمور خارج نطاق المدرسة والمعلمين، ينشئها أحد أولياء الأمور، ومن المؤسف أن بعض أولياء الأمور يوصلون صور خاطئة عن معلمين في هذه المجموعات، وتضم هذه المجموعات في أحيان كثيرة أولياء أمور يروجون لإشاعات أو توجيهات مغلوطة لم تصدر من المعلمين.

وتابع: «في بعض الأحيان تتضارب أقوال أولياء الأمور على هذه المجموعات، وأتفاجأ بتساؤلات من أولياء أمور عن امتحان للأبناء في اليوم التالي، أو أنني أخبرت بأن الامتحان سيركز على أجزاء معينة، وأمور لم أقولها أو أنشرها على نظام تواصل المدرسة الإلكتروني مع أولياء الأمور، ومن المؤكد أن هذه الشائعات تؤثر في الطلاب وأولياء أمورهم سلباً».

قالت خلود أحمد، ولية أمر: «قامت إحدى الأمهات بإنشاء مجموعة تضم أولياء أمور الصف الذي يدرس فيه ابني، وتمت إضافتي في هذه المجموعة بناء على رغبتي في ذلك، وأغلب الأوقات لا أشارك الأمهات في مناقشاتهم حول مستوى العملية التعليمية والتعليقات على بعض المعلمين طالما أتابع التحصيل الدراسي لطفلي بنفسي».وقالت سلوى محمود ولية أمر: «في إحدى المرات طلب من طفلي ارتداء زي معين لتنفيذ نشاط حددته المدرسة، وأخطرتنا المدرسة بهذا النشاط قبل تنفيذه بيومين، وفي اليوم الأول توجهت إلى بعض المحال ولم أستطع شراءه، وبفضل التواصل مع الأمهات عبر مجموعة (الواتس آب) تعرفت إلى المحال الذي وجدت فيه الأمهات هذا الرداء».

أما أحمد فتحي ولي أمر، أكد أن المجموعة التي تضم أولياء أمور صف ابنته في المدرسة لها مميزات وعيوب، ففي الوقت الذي تساعد فيه أولياء الأمور على متابعة التكليفات المدرسية ومستوى التحصيل للطلاب وإرشادات المعلمين، نجد بعض أولياء الأمور يتحاملون على بعض المعلمين في الوقت الذي تؤكد فيه طفلتي أن هذا المعلم مميز وتستفيد منه.

وفي المقابل قالت حنان عبدالله ولية أمر: «أنا ربة منزل وأتابع شؤون أبنائي باستمرار بنفسي ولا أنشغل عنهم بدوام أو عمل، وبالتالي نادراً ما أحتاج إلى مساعدة أو دعم من أولياء أمور آخرين، لاسيما أنني بشكل عام أقلل من استخدامي لوسائل التواصل كي يقتدي بي أبنائي».

وأكدت إدارات مدارس خاصة في أبوظبي أن دائرة التعليم والمعرفة دائماً ما توصيهم بضرورة التواصل الدائم مع ولي أمر الطالب واطلاعه على مستواه ونقاط قواه وضعفه، وكذلك عقد اجتماعات دورية مع أولياء الأمور.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3683r7pm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"