عادي

حقوق المعلم والمتعلم

22:10 مساء
قراءة 3 دقائق
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

في كتاب الله العزيز آيات بينات تضع القواعد والأسس لنظام تعليمي تربوي متكامل، تتجلى فيه آداب الحوار بين المعلم والمتعلم، ويحقق مصلحتهما ويخدم أهدافهما، بواقعية ترتقي إلى المثالية..في أبهى صورها، وشواهد ذلك كثيرة في القرآن الكريم، ( ما فرطنا في الكتاب من شيء) الأنعام 38.

تبدو بعض الجوانب المهمة في العملية التعليمية، كما صورتها قصة موسى مع الخضر عليهما السلام في سورة الكهف: قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا. (66 الكهف).

المتعلم هنا هو موسى نبي الله والمعلم هو الخضر، وموسى هو الذي يعلن بأدب جم وبأسلوب يتمثل بالمشاورة، عن نيته وصادق رغبته في التعلم من الخضر الذي هو أكثر علماً منه حسب تواضع موسى واعتقاده، والعلم الذي يريده موسى هو العلم الراشد، الذي تعلمه الخضر عن ربه، ووصفه موسى بالراشد إجلالاً وتعظيماً لمصدره الأول – الله سبحانه وتعالى- احتراماً وتقديراً للشخص الذي يحمله وهو الخضر، والعلم الراشد هو العلم الذي يريده موسى ويسعى لنيله من الخضر.

في إقرار موسى بأن الخضر أعلم منه، تواضع ينبغي أن يتحلى به طالب العلم- ولا يقتصر بحال على الأنبياء والرسل ومن أجل بلوغ العلم على المتعلم أن يسعى إلى الوصول إليه، لأن العلم لا يأتي ولكنه يؤتى.

المعلم والمتعلم كما يتضح في هذه الآية الكريمة، هما محورا العملية التربوية التعليمية، وهذا ما يتناقض إلى حد بعيد مع نظريات التربية الغربية الحديثة التي تجعل من المتعلم محوراً رئيسياً للعملية التربوية، وهذا ما أنشأ العلاقة غير السوية – إلى حد ما – بين المعلم والمتعلم، أضف إلى ذلك أن النظريات التربوية الغربية الحديثة أهملت الجانب الروحي إهمالاً «سافراً»، وأفسحت المجال للتعلق بالمادة.

المعلمون لهم مكانة سامية، وفضل كبير على المجتمع، بما يسدون إليه من جهود مشكورة في تربية أبنائهم، وتثقيفهم بالعلوم والآداب. فهم رواد الثقافة، ودعاة العلم، وبناة الحضارة، وموجهو الجيل الجديد.

لذلك كان للأساتذة على طلابهم حقوق جديرة بالرعاية والاهتمام، وأول حقوقهم على الطلاب، أن يوقروهم ويحترموهم احترام الآباء، مكافأة لهم على تأديبهم، وتنويرهم بالعلم، وتوجيههم وجهة الخير والصلاح. كما قيل للإسكندر: إنك تعظّم معلمك أكثر من تعظيمك لأبيك!!! فقال: لأن أبي سبب حياتي الفانية، ومؤدبي سبب الحياة الباقية.

(قال رسول الله (ص): يجيء الرجل يوم القيامة، وله من الحسنات كالسحاب الركام، أو كالجبال الرواسي. فيقول: يا رب أنَّى لي هذا ولم أعملها؟ فيقول: هذا علمك الذي علَّمته الناس، يعمل به من بعدك.

لقد جاء الإسلام بالعلم، والأمم غارقة في ظلام الجهل، فكان أول ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم *علم الإنسان ما لم يعلم. ( سورة العلق).

فكانت أول إضاءة في هذا الظلام الحالك، ثم توالت إثرها الآيات المؤذنة بأن هذا الدين دين علم، فهو يدعو أهله إلى العلم، وينفرهم من الجهل، فتحولت الأمة الأمية إلى أمة علم ونور، قال تعالى: هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين. ( سورة الجمعة).

الدين كله مبني على العلم، العلم بالله، وبدينه، والعلم بأمره ونهيه، فلا يعبد الله إلا بالعلم، ولا يمكن أن تستقيم الأمة على المناهج الصحيحة إلا بالعلم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mput9phr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"