عادي
طوابير بالساعات وأجساد ينهكها التوتر (3)

الزحام المروري..دوام إجباري على الطريق

01:46 صباحا
قراءة 18 دقيقة

إذا سألت خبيراً: ما الزحام؟ ثم سألت شخصاً عادياً السؤال نفسه فستكون الإجابة قريبة الشبه: شوارع أقل وسيارات أكثر. ربما يفهم الخبير بحكم طبيعة عمله أو خبرته السبب في أن تكون الشوارع أقل بسبب من الجغرافيا، أو أن تكون السيارات أكثر، بسبب الثقافة المجتمعية التي تؤمن بحق الجميع في امتلاك سيارة، والاندفاع بها في الشارع. أما الشخص العادي فسيقول: الحل في الحافلات العامة، حتى لو كان هو نفسه يرفض ركوب حافلة، أو الانتظار في محطة للحافلات للذهاب إلى عمله.من دون أن نلجأ للخبراء، سنعرف الزحام تعريفاً إجرائياً وسنقول: إنه حبس اضطراري في سيارة مغلقة حتى لو كانت سجناً مكيفاً في شارع طويل زمنياً قصير جغرافياً، الزحام أن تقطع المسافة إلى عملك في وقت طويل وبجهد كبير وتوتر عصبي على أن مكان العمل ربما يكون في الشارع الثاني. هل أصبح الزحام في شوارعنا تراجيديا يواجه فيها المواطن والمقيم ما كان يواجهه سيزين وهو يحاول تسلق الجبل فتتساقط عليه الصخور دافعة إياه للأسفل.

الزحام لم يعد مجرد شوارع ممتلئة بالسيارات ثقافة وصراعاً يومياً يحتاج إلى أكثر من مسكّن، يحتاج في رأي البعض إلى جراحة. هذه قراءة في بعض مفردات المشكلة.

لم تعد مشكلة الازدحام المروري أزمة تخص إمارة بعينها، ولكنها امتدت لتطال كل إمارات الدولة تقريباً هناك مبادرات لحل الأزمة من جانب المسؤولين في بعض الامارات ولكن هناك مسؤولين آخرين ينظرون للأزمة وكأنها لا تعنيهم في شيء، هناك أجهزة تتحرك على قدم وساق لإيجاد الحلول لأزمة الاختناقات المرورية وهناك أجهزة تقف محلك سر وكأنها تقف في طابور الزحام الذي يشهده معظم الشوارع الرئيسية التي تربط الإمارات ببعضها ناهيك عن الاختناق المروري في الشوارع الداخلية في بعض الامارات، أصبحت رحلة الموظف اليومية لعمله رحلة عذاب لمن لديه سيارة يقودها وكارثة لمن لا يملك هذه السيارة لأنه يمر في هذه الحالة برحلتي عذاب الأولى رحلة البحث عن سيارة أجرة توافق ان تقله الى المكان الذي يرغب في الذهاب اليه - إن وجد السيارة من الأساس - والرحلة الأخرى رحلة عذاب الاختناق المروري طول الطريق حتى يصل الى عمله.

وعندما ننظر الى هذه الرحلة التي قد تستغرق من الموظف ما يقرب من الساعات الثلاث حتى يصل الى مكتبه في بعض الامارات نجد أنه قد وصل منهكاً ومضطرباً وعصبياً..

ونتساءل: هل يتوقع من هذا الموظف ان يكون في النهاية منتجاً في وظيفته؟ وهل سترتسم الابتسامة على وجهه خاصة إذا كان يعمل في مهنة خدمة عملاء أو خدمة عامة؟ طبعاً الأمر مشكوك فيه لأن تفكيره سيظل مشغولاً برحلة العودة أيضاً والتي قد تستغرق منه الوقت نفسه الذي استغرقته رحلة الذهاب.

ملاحظات

وهناك ملاحظات جديرة بالذكر لمن يجرب الاختناق المروري يومياً فعندما تجلس في سيارتك وتنظر للوجوه المجاورة في المركبات الأخرى فتجد وجوهاً مستسلمة للأمر الواقع أو وجوهاً تعلوها تكشيرة أو عبوس كبيران ويستفز أصحابها بسرعة إذا حاولت ان تتجاوزهم وتسير امامهم وهناك من تجدهم نائمين في مقاعد خلفية، ومنهم من يتناول وجبة افطار خفيفة، ومنهم من يسلي نفسه بثرثرة هاتفية طوال الطريق.

دراسة

وفي دراسة لأحد المواقع الالكترونية المتخصصة في التوظيف الالكتروني ذكرت ان الموظف الذي يعمل في إمارة دبي يهدر في رحلتي الذهاب الى عمله والعودة منه ساعة و45 دقيقة يومياً، وهو أعلى معدل زمني في المنطقة، هذا إذا كان من سكان الإمارة.

واشارت الى ان التنقل الى مكان العمل والعودة منه بالنسبة للقاطنين في إمارة الشارقة، ويعملون في دبي يكون اكثر تعقيداً حيث تستغرق رحلتهم اليومية ذهاباً واياباً نحو ساعتين و45 دقيقة ويقضون معظم الوقت في طوابير طويلة من السيارات التي تتحرك ببطء شديد.

إدراك حكومي

وأكدت الدراسة التي اعدها موقع جلف تالنت دوت كوم ان حكومة دبي ادركت عمق المشكلة المرورية التي تعاني منها الامارة باتخاذ إجراءات جذرية لتخفيف الازدحام المروري من خلال تطبيق نظام التعرفة المرورية سالك على استخدام طرق محددة في المدينة ويعد النظام الأول من نوعه في الشرق الأوسط، كما انها تقوم ببناء نظام جديد للسكك الحديدية وهو مترو دبي المتوقع دخوله الى الخدمة في عام ،2009 اضافة الى العمل في شبكة من الجسور والانفاق وتوسعة الطرق تكلف المليارات من الدراهم والتي بدأت فعلياً بافتتاح أجزاء منها.

وأوضحت الدراسة ان النقص الحاد أيضاً في مواقف السيارات يؤدي الى اختناق مروري أيضاً مشيرة الى ان دبي وغيرها من امارات الدولة تعاني من هذه المشكلة والتي بلغت في دبي نسبتها 44% وفي أبوظبي 40% وفي الشارقة 31%.

أسباب الأزمة

وأرجعت الدراسة أسباب الازدحام المروري الحاد في دبي بشكل خاص والامارات بشكل عام الى عوامل عدة منها: الازدهار الاقتصادي والمتنامي، وتوفر تسهيلات تمويل السيارات وعدم وجود شبكة مواصلات عامة حديثة رفع الطلب على وسائل المواصلات الخاصة مما أدى الى زيادة حادة في عدد المركبات على طرقات المنطقة.

وهناك أيضاً ارتفاع الايجارات في دبي الذي يدفع بالغالبية من الموظفين للبحث عن سكن بعيد عن اماكن العمل مما أدى الى تفاقم الأزمة المرورية بين دبي والشارقة على سبيل المثال.

وذكرت الدراسة أن خبراء المرور يؤكدون أن هناك أخطاء في نظام بعض الطرق مثل طريق دبي الشارقة وهو شارع الاتحاد حيث يتكون الطريق من نحو 6 مسارات وفجأة يدخل في جسر من مسربين فقط وحالياً أصبح مسرباً واحداً مما يؤدي الى توقف الحركة المرورية بأكملها.

وهناك ايضا الطرق الفرعية التي تؤدي الى شارع الإمارات كلها تعاني من مشكلة عنق الزجاجة أيضاً خاصة لهؤلاء الذين يرغبون الدخول لمنطقة ديرة والقادمين من الشارقة.

ولكن خبراء المرور أكدوا أنه مع اكتمال تنفيذ مشاريع البنية التحتية الجديدة التي تشمل القطارات والجسور والطرق العائمة سيكون هناك انفراج للأزمة.

الازدحام المروري

وحول الازدحام المروري الذي تشهده عدد من إمارات الدولة يرى المهندس العميد محمد سيف الزفين مدير الإدارة العامة لمرور دبي ان الازدحام المروري يعني توقف حركة المرور ووجود طوابير طويلة لمركبات متوقفة أو تسير ببطء على الطرق السريعة أو داخل المدينة.

ويشير الى ان هذا الازدحام المروري يحدث عندما لا تتمكن شبكة الطرق من تصريف حركة المركبات بسرعات منتظمة أو بسبب التضارب بين احجام المرور المختلفة من مركبات أو شاحنات أو باصات أو مشاة أو بسبب عدم الاستفادة القصوى من وسائل التحكم المروري.

وقال ان هذه المشكلات مجتمعة تعمل على خلق أو زيادة ظاهرة الازدحام المروري مشيراً الى ان العيوب التصميمية لبعض الطرق وحوادث السير وكذلك الأعمال الانشائية تسهم في تفاقم الأزمة.

تأثيرات سلبية

وأكد ان هناك تأثيرات سلبية تنشأ نتيجة الازدحام المروري منها ضياع الوقت لمستخدمي الطريق حيث ان هذا الوقت المهدر يقلل من انتاجية السائق والراكب، وصول الموظفين لمواقع عملهم وكذلك الطلبة لمدارسهم متأخرين مما يقلل من الانتاجية والتحصيل العلمي.

ويؤدي الازدحام الى استهلاك متزايد في الوقود بلا فائدة مما يؤدي الى ضياع المال، كما ان التسارع والفرملة بصورة متكررة تؤدي الى كثرة الأعطال أو وقوع حوادث اصطدام، ويسبب الزحام كذلك في زيادة الضغط النفسي والتصرفات غير المعقولة من السائقين اضافة الى استخدام الطرق السكنية هروباً من الطرق الرئيسية المزدحمة والتي قد يكون لها تأثير سلبي في سلامة السكان.

حل مقترح

وحول الحلول المقترحة لأزمة الازدحامات المرورية يقول العميد الزفين إن من بين هذه الحلول التحكم في مداخل الطرق السريعة وتتلخص الفكرة في السماح للمركبات باستخدام هذه الطرق في أوقات الذروة ووضع اشارات مرور تتحكم وتنظم دخول المركبات بصورة لا تؤثر سلباً في حركة السير الرئيسية على هذا الطريق.

وأشار الى ان هذا الحل قد يؤدي الى زيادة في معدل التأخير للمركبات الراغبة في الدخول السريع إلا ان القدرة التشغيلية لهذا الطريق ستكون في احسن حالات، وأوضح ان بعض الدراسات في أمريكا تشير إلى ان تطبيق هذا الحل على بعض الطرق أدى لنتائج جديدة في تشغيلها وتم خفض الازدحام إلى 40% وكذلك زيادة السرعة في أوقات الازدحام من 40 كيلومتر/الساعة الى 80 كيلومترا/ الساعة وكذلك تقليل مدة الانتظار للمركبات في مداخل الطرق السريعة الى 30%.

أمراض عضوية ووفيات

المقدم الدكتور علي سنجل مدير إدارة الخدمات الطبية في شرطة دبي واستشاري الأمراض الجلدية يؤكد ان الازدحام المروري يؤثر سلباً في الحالة النفسية والعضوية للانسان مشيراً الى انه من جراء هذا الازدحام يؤدي الى انفعالات وتوترات نفسية وبالتالي يؤدي الى زيادة في الأمراض العضوية مثل السكري والقلب والضغط.

وأكد الدكتور علي سنجل ان الوفيات المفاجئة التي ازدادت في الآونة الأخيرة في دبي عند صغار السن الذين لا يتعدون سن 25 أو 30 عاماً هي من وراء هذه الضغوطات والتوترات النفسية الناجمة عن الازدحامات المرورية.

وقال إن زحام الطريق مع السلوكيات الخاطئة في القيادة تؤدي الى زيادة في التوتر ونقص التركيز وبالتالي تقل الانتاجية بشكل كبير.

وقال ان كثيراً من الاشخاص في دبي أصبحوا عدوانيين وأصبحوا يلهثون بشكل ملحوظ وطبيعي وهذا اللهاث ناتج من التوتر على الطرق بشكل عام.

واشار الى ان الامارات لديها ثقافات مختلفة وهذا يبدو جلياً في سلوكيات سائقي المركبات على الطرق، ولذلك لابد من توحيد هذه الثقافات المرورية حتى نحترم جميعاً القانون.

وقال ان الفحص العملي وحده للسائق لا يكفي عند منحه رخصة القيادة، لأن بعضهم وهم فئة العمال قد لا يجيدون القراءة أو الكتابة والطريق عامة هو عبارة عن كتاب لابد ان يقرأ ولا يكفي فقط التعامل بلغة الاشارة بين سيارة وسيارة لأن الغالبية أيضاً لا يعرف هذه اللغة وبالتالي يطبق ما عرفه في بلده.

نموذج بريطانيا

وذكر الدكتور علي سنجل ان بريطانيا وهي من الدول التي توجد فيها أقل نسبة حوادث موروية في العالم وفيها أيضاً ثقافات متعددة ولكنها وحدّت الثقافة على الطريق من خلال نظام تثقيفي وتعليمي وامتحان نظري وعملي حيث يطلب من المتقدم للفحص دراسة كتاب من 400 ورقة يشمل كل شيء عن المرور والمركبة والطريق ومن يرسب في اختباره لا يحصل على رخصة القيادة.

وأضاف الدكتور سنجل ان معظم حوادثنا في الإمارات اما نتيجة الاستعجال أو الانانية أو عدم المعرفة، ومعظم المتسببين فيها هم من العمال وسائقي الشاحنات الذين لا يقرؤون.

منهج دراسي

وقال الدكتور سنجل لا نستطيع حالياً ان نغير السلوك الموجود ولكن لابد ان نتوجه للأجيال القادمة من خلال منهج دراسي مروري ومادة مرورية تدرس للتلاميذ وطلبة المدارس بدءاً من رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة بحيث يكون لكل مرحلة دراسية منهجها الذي يتلاءم وسن الدراسين بها مع استخدام الرسومات والأمور الشائقة التي تحبب الأطفال للاقبال عليها. وبالتالي نكون أجيالاً مرشدة للطرق المرورية وليست أجيالاً متهورة مؤكداً أن تغيير 200 ثقافة أمر صعب. وطالب بأن يكون هناك اجبار على احترام القانون للجميع وأن تكون هناك قوانين رادعة للمخالفين.

تخليت عن مواعيدي

وحول تجربته في السياقة على الطرق وسط الاختناقات المرورية قال أصبحت حالياً اتخلى عن الالتزام بموعد محدد لأنني لا اتحكم في وقتي فقد أكون خارجاً من العيادة في شارع الشيخ زايد على سبيل المثال محددا ان أصل الى مبنى تلفزيون دبي في غضون 10 دقائق، فأفاجأ بأنني اضعت وقتاً يصل الى 45 دقيقة وإذا كان الطريق سالكاً أخذ مني 15 دقيقة، ولذلك أصبحت دائم التوتر والقلق، وأذكر بصفتي طبيبا للأمراض الجلدية ان التوتر يقلل ايضاً من فاعلية جهاز المناعة وأيضاً يزيد من الحكة ولذلك مع الازدحام المروري تجد العديد من الأمراض وليس مرضاً واحداً.

شهادات لرحلة شاقة

وفي لقاءات مع عدد من الموظفين الذين يمرون برحلة الشقاء اليومية من الإمارات الشمالية الى دبي تقول ريم محمد انا أقيم في إمارة عجمان وعملي في دبي في احدى الدوائر المحلية الحكومية وحتى أكون على رأس دوامي في السابعة والنصف فأضطر للخروج من بيتي في الخامسة والنصف وهذا الأمر قد لا يكون مقبولاً في أيام الشتاء حيث الظلام ومع ذلك لابد ان اسلك طرقاً عدة داخلية مروراً بإمارة الشارقة وحتى أصل الى دبي وأكون في حالة توتر وقلق طوال رحلة الذهاب وعند العودة اعاني القلق نفسه لأنني مطالبة بالعودة سريعاً لطفلي لآخذه من مدرسته.

محمد علي إعلامي يعمل في احدى المؤسسات في مدينة دبي للإعلام ويقطن الشارقة ويبدأ دوامه عند التاسعة يقول اضطر للخروج من منزلي يوميا عند السادسة والنصف صباحاً وأصل بالكاد في موعدي أو بعده قليلاً واضطر للدوام في عملي حتى السادسة مساء، وأعود بالاسلوب نفسه لأصل الى بيتي عند العاشرة مساء، أي انني اقضي 16 ساعة متواصلة في العمل والطريق فبالله عليك: متى سأهتم بحياتي الخاصة، وبيتي وأولادي وطبيعي ان تظل زوجتي وحيدة طوال اليوم.

زحام مفتعل

زيد عبدالله موظف يقول دبي مدينة جميلة وأنا أقطن الشارقة منذ اكثر من 30 عاماً ولكن مؤخراً اضطررت للسكن في دبي ويقول أرى أن الازدحام المروري الذي يشهده شارع الاتحاد أو الطرق البديلة المؤدية لدبي ازدحام مفتعل بسبب تجاوزات بعض السائقين التي تحرق اعصاب الكثير من قائدي المركبات على الطرق صباحاً فكل سائق يريد ان يتخطى ويخالف حتى يكون في المقدمة وتكون هناك عشوائية في السير، وبالتالي الحركة تتوقف ولذلك المطلوب تكثيف دوريات الشرطة والمرور على الطرق عامة حتى نحد من هذه التجاوزات وحتى يصل كل شخص الى عمله في موعده، ويضيف: بمجرد ان انهي شارع الاتحاد وأدخل لدبي أجد الوضع سالكاً ولا يوجد زحام واتساءل إذاً أين المشكلة ولماذا مكثنا كل هذه الساعات ولا أجد إجابة شافية.

عبدالله أحمد موظف يقول: أخرج من بيتي في عجمان في الخامسة والنصف صباحاً وأظل أدور في حلقة مفرغة من شارع لآخر ومن درب الى درب حتى استطيع الوصول لعملي في الوقت المحدد لأنني اعمل في دائرة عسكرية وغير مسموح بالتأخير على الاطلاق، ويؤكد ان الزحام اصبح مشكلة حقيقية لكل من يعمل في دبي ويقطن في امارة من الامارات الشمالية، ولكن ما باليد حلية فغلاء الايجارات مع ضعف الراتب يجعلنا نتحمل كل الصعاب من أجل العمل وتوفير حياة كريمة لأبنائنا.

وفي النهاية أقول انني اعتدت على الأزمة وكيفت حياتي على ذلك.

وإذا اجرينا مقابلات مع اعداد أكبر من الموظفين والسائقين وغيرهم لا نجد سوى اجابة واحدة وهو ان الكل يعاني من الازدحام المروري ولكنهم لا يدرون من أين ومتى سيكون الحل؟

حادث بسيط كل 150 ثانية في الإمارة

شركات التأمين تجهض فكرة للحد من اختناقات الحوادث

الحوادث المرورية البسيطة تعد واحدة من الاسباب التي تفاقم مشكلة الاحتناقات المرورية على الطرق.

وهذا السبب يكلف اجهزة المرور في الدولة ضغوطاً أكثر ويكلفها أموالاً بسبب ضرورة انتقال الدوريات المرورية أو رجل المرور لكل حادث بسيط لا يعدو كونه تلامساً بين سيارتين وناهيك عن توقف طوابير السيارات بسبب هذا التلامس أو فضول البعض للتوقف فعلياً لإلقاء نظرة على ما حدث.

الادارة العامة لمرور دبي حصرت هذه الحوادث والتي بلغت أكثر من 15 ألف حادث بسيط يقع شهرياً على طرق الامارة مما يسهم بشكل كبير في مشكلة الازدحام المروري خاصة اذا وقع هذا الحادث داخل نفق أو جسر فإنه يفاقم المشكلة بصورة كبيرة.

الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي كانت له مناشدات عدة على مدار الثلاث سنوات الماضية بشأن هذه الحوادث حيث طالب اصحاب السيارات التي ترتكب حوادث مرورية بسيطة لا ينتج عنها أية اصابات عدم التوقف وسط الطريق والتنحي جانباً لحين وصول رجل المرور أو التوجه لأقرب مركز شرطة للحصول على تقرير بالواقعة كاملة، وزاد على ذلك بأن اعد نموذجاً لتقرير الحوادث المرورية وعهد به الى شركات التأمين لكي تمنحه لعملائها بحيث يقوم كل متضرر من حادث بسيط بتعبئته مع شرح للأضرار التي لحقت بمركبته.

إلا أن هذه البادرة قوبلت بالرفض من قبل شركات التأمين وتم اجهاض المشروع برمته، وعندما تفاقمت مشكلة الاختناق المروري كرر الفريق ضاحي خلفان دعوته بأن منح مهلة لشركات التأمين وكان ذلك في شهر يونيو/حزيران عام 2006 حيث قرر أن تحال خدمة اصدار تقارير أو تقديم خدمة تقارير الحوادث البسيطة الى شركات التأمين اعتباراً من بداية عام 2007.

وأكد في ذلك الوقت أنه لا يوجد قانون يلزم اجهزة الشرطة بإعداد تقارير الحوادث البسيطة خاصة وأن اعداد المركبات في تزايد يومي حتى وصل لنحو مليون مركبة مرخصة في دبي، وقال إن دور رجال الشرطة سيقتصر على الانتقال للحوادث المرورية البليغة لاعداد تقاريرها.

وطالب في هذا الصدد شركات التأمين القيام بواجبها كما هو الحال بالنسبة لمثيلاتها في بقية دول العالم تجاه عملائها فيما يتعلق بمثل هذه الحوادث، وأكد ان انتقال رجال المرور لأكثر من 15 ألف حادث مروري بسيط شهرياً يتطلب الكثير من الجهد والوقت على حساب الخدمات الأمنية الأخرى مشيراً الى أن كثرة الحوادث المرورية البسيطة تأخذ حيزاً كبيراً من مجهودات رجال الشرطة. وفي تطور جديد للأمر تقدمت شركة الأمن الأولى في دبي فيرست سيكيورتي جروب بمشروع للقيام بمهمة معاينة واصدار التقارير للحوادث المرورية البسيطة وعقدت اجتماعات عدة في هذا الشأن بين شرطة دبي وشركات التأمين والمسؤولين بالشركة لشرح المشروع وتكلفته وكيفية القيام به إلا أن هذا الأمر لم يلق النور حتى اليوم رغم مرور أكثر من عام على تقديمه.

وحينها قال اللواء متقاعد ناصر عبدالرزاق ان الشركة ستقوم بتعيين 200 فني متخصص في معاينة الحوادث المرورية وتوفر دراجات نارية للانتقال للحادث المروري سريعاً وسيكون العمل على مدار الساعة وسيكون التقرير معتمداً من قبل الاجهزة المختصة إلا أنه يبدو ان المشروع قد اجهض ايضاً من جانب شركات التأمين وظل الوضع كما هو عليه ووفقاً لتكملة المقولة وعلى المتضرر اللجوء للقضاء.

اذن الأمر هو عدم ثقة من جانب شركات التأمين وعملائها وسيظل الأمر فضفاضاً ان لم يكن هناك قرار الزامي يعاقب كل من يتسبب في عرقلة حركة السير بسبب حادث مروري بسيط لا يعدو كونه تلامساً بين مركبتين أو اكثر.

ومن جهته أكد العميد محمد سيف الزفين مدير الادارة العامة لمرور دبي أن هناك حادثاً مرورياً بسيطاً يقع على شوارع دبي كل دقيقتين ونصف (150 ثانية). وقال إنه رغم وجود قرار بعدم التوقف في مكان الحادث اذا كان بسيطاً والانتقال لاقرب مركز شرطة للحصول على التقرير إلا أنه لا حياة لمن تنادي لأن اصحاب السيارات يستمتعون بتضييع وقتهم ووقت رجال المرور.

ووجه العميد الزفين اللوم لشركات التأمين لأنه الضلع الغائب في مثلث الاختناقات المرورية.

وقال إن هناك مخالفة تحرر حالياً ضد طرفي الحادث المروري البسيط اذا توقفا في مكانهما ولم يخرجا من الطريق لأنهما يسهمان في عرقلة حركة السير.

سيارة واحدة لكل 184 من سكان دبي

تفعيل دور المواصلات العامة أفضل الحلول

دبي محمد رباح:

تعتبر دبي إحدى أكبر المدن عالميا من حيث توزيع المركبات على عدد السكان إذ تشير الإحصاءات الى وجود 541 مركبة لكل 1000 شخص أي بمعدل مركبة واحدة لكل 84.1 من السكان، فيما يبلغ المعدل في سنغافورة 111 مركبة لكل 1000 شخص. وتشير الإحصاءات إلى أنه مقابل كل 4 أشخاص يستخدمون وسائل النقل العام في المدن الغربية يستخدم شخص مركبته الشخصية، في حين يرتفع هذا المعدل في دبي ليصل الى 50 مقابل 50 مما يدل على استعمال الناس لمركباتهم في كل رحلة.

ومن المتوقع أن يبلغ متوسط الرحلات اليومية للأفراد بحلول العام 2020 إلى 14،300،000 رحلة حيث تشير الإحصاءات إلى أن 6% فقط من إجمالي السكان يستخدمون وسائل المواصلات العامة.

وكشف عبد الله يوسف آل علي، مدير إدارة الحافلات العامة في هيئة الطرق والمواصلات أن نسبة مستخدمي وسائل النقل الجماعية في دبي تصل الى 6% فقط حيث تسعى الهيئة الى رفع هذه النسبة لتبلغ 30% مع حلول ،2015 مشيرا الى وجود 569 حافلة في نطاق الخدمة فضلا عن 1640 محطة انتظار على الطرقات العامة و9 محطات رئيسية.

وأوضح أنه سيتم تفعيل شبكة الحافلات بتسيير خدمات جديدة مثل حافلات المطار، والحافلات المفصلية، وحافلات الدرجة الذهبية.

وأكد أن حل مشكلة الازدحام يكمن بتنشيط سبل النقل الجماعية والمشاركة في الرحلات اليومية من خلال آلية تتمثل بالشراكة مع كبرى الشركات لتطبيق برامج إدارة التنقل كمشاركة الركاب واستخدام حافلات الموظفين وتشجيع ركوب الدراجات الهوائية والسيرعلى الأقدام إلى العمل بالإضافة إلى التشجيع على نظام الدوام المرن والعمل على زيادة عدد الطلاب المستخدمين لحافلات المدارس عبر توعية الطلاب وأولياء الأمور.

ونوه الى نية الهيئة إطلاق موقع الكتروني تابع لها لتشجيع جميع سكان إمارة دبي على المشاركة في الرحلات اليومية، منوها الى وضع الهيئة لخطة لاستقطاب أعداد إضافية من الركاب من خلال توفير أفضل أنواع الحافلات والمواقف المكيفة للانتظار بالإضافة الى توفير محطات رئيسية مكيفة ومغلقة تحتوي على محلات تجارية و مطاعم و صالات انتظار لرجال الأعمال وتخصيص مسارات خاصة بالحافلات لتوفير أفضل و أسرع نظام نقل.

من جهة أخرى عمدت الهيئة الى تنشيط طرق النقل البحرية عن طريق تشغيل 149 عبرة تنطلق من محطات السبخة وبردبي وسوقي ديرة ودبي القديمين بالإضافة الى تشغيل 5 عبرات تعمل بالمجداف تنطلق من محطتي حديقة الخور والمكتبة العامة فضلا عن 3 عبرات تعمل بالغاز الطبيعي، لتساهم هذه العبرات وبشكل ملحوظ في تخفيف الاختناقات المرورية داخل الإمارة حيث بلغ عدد الركاب الذين استقلوا هذه العبرات العام الماضي ما يقارب 28 مليون راكب.كما سيتم زيادة طول الخط الساحلي لدبي من 73 كم إلى 1500كم وسوف يتم توسيع شبكة النقل البحري لتصبح أكثر من 250 كم مع استحداث وسائط جديدة للمواصلات المائية تشمل التاكسي المائي، والعبّارة فيري دبي مع زيادة عدد العبرات العاملة في الخور.

من جهة أخرى قال عبد المجيد الخاجة، المدير التنفيذي لهيئة الطرق والمواصلات إن الاستثمارات الحالية في مشاريع الطرق داخل الإمارة تبلغ أكثر من 5.4 مليار درهم، إذ إن هناك خططاً لزيادة طول شبكة الطرق الى 500 كيلومتر، وتشييد 95 تقاطعا جديدا، وتعديل 25 تقاطعا موجودا، وتخصيص مسارات خاصة للحافلات، وزيادة المعابر المخصصة للمشاة، ومن المتوقع أن يقفز عدد المعابر من 19 إلى 48 في 2008 والى 100 في 2020.وأشار الى أنه ستتم زيادة طول شبكة المترو إلى 318 كيلومترا في حين سيصل طول شبكة الترام إلى 270 كيلومترا، حيث يبلغ النمو المتوقع في الطلب على القطارات مستقبلا حتى العام 2020 ما يصل إلى 359،000 رحلة يومية للقطارات، و145،000 رحلة يومية للترام.

خليفة بن دراي: دراجات الإسعاف تقهر الزحام

أكد خليفة بن دراي المدير التنفيذي لمركز خدمات الاسعاف الموحد بدبي ان الازدحام المروري واعطاء المعلومة غير الصحيحة عن موقع الحادث يسهم في تأخير وصول سيارة الاسعاف بالسرعة المطلوبة.

وأكد ان كل ثانية تكون محسوبة على سيارة الاسعاف لأنه قد يكون المصاب أو المريض في حالة حرجة وانقاذه سريعاً يكون مطلباً مهماً.

وأوضح ان سيارة الاسعاف في السابق قبل تفاقم الاختناقات المرورية كانت تصل لأبعد موقع في الامارة في فترة لا تتعدى 10 دقائق، الآن اقل وقت للوصول يكون 20 دقيقة وذلك وفقاً للمكان ولذلك قام المركز بادخال آليات جديدة غير سيارات الاسعاف الاعتيادية مثل الدراجات النارية وسيارة المستجيب الصغيرة وتوفير مسعف متخصص لأمراض القلب حتى يقوم بمتابعة حالة المريض طيلة الطريق وكلها أمور ساهم في ايجادها الاختناق المروري.

واشار الى أنه في حالة ورود بلاغ عن الحالات المرضية أو الحوادث يتم التنسيق فوراً مع غرفة عمليات شرطة دبي وهيئة الطرق والمواصلات لافساح الطريق وفتح الاشارات الضوئية إلا أن تكدس المركبات على الطرق الحيوية في الامارة يحول دون افساح المجال أمام سيارة الاسعاف في اوقات كثيرة.

وقال إن هناك 50 سيارة اسعاف موزعة على نقاط في كافة انحاء الامارة، وهناك تقارير يومية ترصد من قبل سائقيها والمسعفين وخاصة اذا كان هناك تأخير في الوصول ودائماً المشكلة لا تكون من جانبنا على الاطلاق.

ورداً على سؤال حول حدوث وفيات أو تدهور حالات صحية لمصابين أو مرضى اثناء نقلهم بسيارات الاسعاف قال خليفة بن دراي لا بد ان يحدث ذلك لأن كل ثانية تكون محسوبة وأي تأخير ولو للحظة ليس في مصلحة المريض أو المصاب.

4.6 مليار درهم خسائر دبي سنوياً

اعترفت هيئة الطرق والمواصلات في دبي أن ازدحام حركة المرور يكلف اقتصاد الإمارة خسائر تقدر ب4،6 مليار درهم سنوياً.وكان مدير دراسات وتخطيط المواصلات عبدالمالك أبو شيخ في الهيئة أشار في تصريحات صحافية سابقة الى أن الخسائر التي يتسبب فيها الازدحام توازي 3،15% من اجمالي الناتج المحلي للإمارة.

الزحمة مرض

أكدت دراسات طبية محلية أن ارتفاع ضغط الدم أحد العوامل الرئيسية المسببة لأمراض القلب والأوعية الدموية، وأن وفيات أمراض القلب تتصدر قائمة المسببات العشرة للوفيات في دولة الامارات خلال السنوات العشر الأخيرة.وقال أطباء متخصصون في دراسات محلية إن التوتر النفسي محفز رئيسي لارتفاع ضغط الدم وأن الازدحام المروري قاسم مشترك مسبب للتوتر النفسي الى جانب غلاء الأسعار والإجهاد في العمل.

وفي السياق نفسه حذرت مصادر طبية من ارتفاع نسبة الاصابة بأمراض الجهاز التنفسي والربو والحساسية في الدولة نتيجة الازدحام المروري والتلوث الناتج عن عوادم السيارات.

مدرّب يعلّم السائقين فنون التجاوز

الملاحظ في أثناء وجود الاختناقات المرورية على غالبية الشوارع وحتى في عدم وجود الاختناقات هو ان هناك فئة من قائدي المركبات أصبحت متعتهم الوحيدة تخطي الجميع والتجاوز بشتى الطرق حتى يكون في المقدمة، وهذه واحدة من الأمور التي تؤدي لاختناقات مرورية كبيرة وتقوف حركة السير في بعض الأحوال خاصة اذا كان المتجاوزون كثيرين. وهذا التجاوز يعني ان الثقافة المرورية لدى الغالبية قد أصبحت معدومة، وهذا لا يقتصر فقط على اصحاب المركبات والسائقين، ولكن أيضاً نجد ذلك عند سائقي مركبات مدارس تعليم قيادة المركبات والمفترض ان يكونوا الأكثر التزاماً، فمنذ عدة أيام فوجىء أصحاب المركبات الملتزمون بخط سير على أحد الطرق المؤدية لمنطقة القصيص بحافلة تابعة لاحدى مدارس تعليم قيادة السيارات الشهيرة في دبي، ويحمل مجموعة من المتدربين يتجاوز الجميع من اليسار ويصل للمقدمة وبكل عنف يدخل للمسار ويسلك طريقه من دون أية مراعاة لحرمة الطريق أو للسائقين، ولدينا رقم الحافلة واسم المركز التابعة له.

مشهد عبثي

أحد سائقي سيارات الأجرة في الشارقة رفض ذكر اسمه عند سؤاله: لماذا ترفض الذهاب إلى دبي؟ قال: وما الفائدة أقضي ساعتين أو أكثر في الطريق للذهاب احصل في المقابل على أقصى تقدير 50 درهماً ثم أعود غير محمل بركاب.

ماذا سأجني وأنا راتبي ضعيف، ولذلك أنا ابتعد دائماً عن اي شارع فيه زحام ورغم ان ذلك صعب إلا أنني أفضل العمل داخل الشارقة فقط حتى استطيع جني أكبر قدر من المال.

هذا أحد سائقي سيارات الأجرة، أما الغالبية منهم سواء كانوا داخل الشارقة أو داخل دبي فهم يستمتعون عندما يجدون الشوارع ملأى بالركاب والأيادي تشير إليهم ولا يتوقفون وعندما تلتقط رقم أحدهم وتبلغ عن شركته فإنك تفاجأ بكم من الأسئلة والاستفسارات وكأنك في تحقيق بوليسي ومن ثم تحصل على وعد بأن هذا السائق سينال عقابه وفقاً للائحة الجزاءات في المؤسسة وتحصل على وعد أيضاً بأنه سيتم ابلاغك بالعقاب الموقع على السائق حتى تعرف حقك.. ولكن اتحدى ان يتصل بك أحد منهم بعد ذلك، والمشهد يتكرر: سيارات أجرة تسير خالية وعدد هائل من الركاب يتمنون توصيلة لمنازلهم أو لمقر عملهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"