الجيش الأبيض

03:25 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري


ما زلنا في رقم تصاعدي لحالات الإصابة بفيروس «كورونا»، لكن مع حجم الإجراءات وطرق العزل والمنع والتقييد والتعقيم، وما تبعها من إقامة 14 مركزاً للفحص في جميع مدن الدولة، فإن الأرقام بالتأكيد لن تبقى كذلك، وسيخرج علينا عبدالرحمن العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع بإذن الله، أو ينيب عنه الدكتورة فريدة الحوسني، ليخبرانا بأن الأمر أصبح تحت السيطرة، والأرقام بدأت بالتراجع، وستدب الحياة من جديد، وستزدحم بنا الطرقات والمراكز والحدائق والمطارات.
ولكن حتى ذلك الحين، فإن الأمر يحتاج إلى تركيزنا وانتباهنا، واستمرارنا في التقيد والالتزام بما وجه من تعليمات، فكل ما طلب من الجمهور، من إجراءات وقائية واحترازية، كفيل بحمايتهم، ومنع انتقال العدوى منهم أو اليهم.
كثير من الناس تعبوا من العزل في البيوت أو ما يسمونها «حبسة المنزل»، ولكن هل لنا أن نفكر في «حبسة» الأطباء والممرضين والكوادر الطبية في مستشفياتهم ومراكزهم، وهم لا يقدرون على زيارة أهلهم أو أطفالهم بسبب ضغط العمل، وحرصاً على أن لا ينقلوا الوباء إلى أسرهم.
لطالما انتبهت الدول إلى عتادها وجيوشها وتسليحها، ولم تنتبه إلى أن الحاجة ستصبح أكبر ل «الجيوش البيضاء» التي لا تكل ولا تمل من العمل، لتخليصنا من هذه الآفة المستجدة التي لم يحسب لها حساب قط.
هذه الفئة من الناس، خاصة أولئك العاملين في المستشفيات الحكومية التي يقع على كاهلها العبء الأكبر، يجب الانتباه إليهم أكثر من أي وقت؛ فحاجتنا إليهم تساوي حاجة الدول إلى سلاحها، لأنهم هم ذخيرتنا لليوم والمستقبل.
جائحة «كورونا» يجب أن تعيد حساباتنا على أكملها، وهي بالتأكيد ستفعل ذلك، ولكن الأمر يحتاج إلى تأن ودراسات ومفاضلات، حتى نخرج منها بسلام، بل لنخرج منها معافين وأصحاء أكثر من ذي قبل.
هذا «الفيروس» الذي لم نره و«أربك» حياتنا كلها، يفترض ألا يعيد حياتنا إلى سابقها، بل أن ننتبه إلى طعامنا وشرابنا واختلاطنا وطرق حركتنا، والأماكن التي نقصدها لنتفادى الازدحام والقلق من هذه التجمعات.
وعلى المؤسسات والدوائر أيضاً، أن تنشّط مسألة العمل عن بعد بشكل دائم، وتحرص على تشغيل جزء ولو قليل، من كوادرها من بيوتهم، عبر ربطهم بالمؤسسات، بخوادم وإنترنت، يجعلهم على تماس مع مؤسساتهم كما لو كانوا في العمل، فالكثير من المهن تصلح في هذه المهمات، وكما تفكر المؤسسات في أن هناك نسباً معينة من وظائفها ل «أصحاب الهمم»، عليها أن تبدأ بالتفكير أيضاً، بجعل نسبة من موظفيها يعملون عن بُعد، ففي ذلك راحة لهم، وللطرقات وللمؤسسات ومواقف السيارات أيضاً.
دروس «كورونا» كبيرة، وعلينا الاستفادة منها، بالتخطيط للحياة والمستقبل، فلا شي أهم من الصحة، ولا عتاد أهم من العتاد الطبي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"