انتخابات ومحاكمات في الجزائر

02:43 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

تستعد الجزائر لانتخاب رئيس جديد من خمسة مرشحين في الثاني عشر من ديسمبر/كانون الأول، في محاولة لفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد تطوي أشهراً من التأزم والسجال، بعد استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وبدء محاكمة أركان نظامه بتهم استغلال مناصب وتبديد أموال عامة وفساد.
جانب من الجزائريين ومؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي، يعتبر الانتخابات الحل الوحيد الممكن لانفراج الأزمة، وبدء مرحلة جديدة من العمل السياسي تقوم على تنزيه الساحة من كل الشوائب التي علقت بها في العهود السابقة، والتمسك بنهج الدولة الوفي لقيم ثورة الفاتح من نوفمبر 1954، وما حققته من مكتسبات في دولة الاستقلال، خصوصاً في عهودها الأولى. لكن المشكلة التي تواجه البلاد اليوم، تتعلق بحالة الرفض التي تسيطر على قطاع عريض من الشارع، يصر على أن السلطة الحالية تستخدم الانتخابات الرئاسية لمنع الإصلاح الديمقراطي الحقيقي ودعم شبكات الفساد، ويؤكد أن المرشحين الخمسة هم من أبناء نظام بوتفليقة ويحظون بحماية أجهزة الدولة، مشيرين إلى أن كثيراً من النشطاء والصحفيين تعرضوا للاعتقال؛ لأنهم انتقدوا بشدة الحملات الانتخابية للمرشحين، التي جرت تحت حماية مشددة من الشرطة في مختلف الولايات الجزائرية.
انقسام الشارع ربما ينذر بخطر مواجهة بين الطرفين يلوح في الأفق. ففي الأيام الأخيرة صعّد الحراك تظاهراته الرافضة للانتخابات، وإعادة إنتاج «النظام السابق»، المتهم بعقود من الفساد، والاحتيال في تزوير إرادة الناخبين. وبالمقابل تنفي مؤسسات الدولة المختلفة جميع هذه الاتهامات، وتؤكد أن الحل يكمن في الانتخابات التي ستحقق مطالب «الثورة الهادئة» وشعاراتها منذ 22 فبراير/شباط الماضي. وتحت هذا الضغط، يكاد المرشحون الخمسة يتحدثون بلسان واحد بشأن حماية الحريات، ومكافحة هدر المال العام، وإصلاح الاقتصاد والتعليم والصحة، والتوجه نحو رقمنة القطاعات الحيوية، واستثمار موارد الدولة الهائلة في بناء مستقبل أفضل. ومن حيث المبدأ لا فرق بين ما يتردد في الشارع الغاضب وما يقوله المرشحون، ولكن الخلاف يكمن في آلية تحقيق هذه الأهداف النبيلة، وهو ما تطرق إليه المتسابقون إلى قصر «المرادية»، في المناظرة الرئاسية غير المسبوقة، ولم يكن بأيديهم شيء يقدمونه غير الوعود والتعهدات، قبل أن يقول صندوق الاقتراع كلمته الفصل.
بالتزامن مع انتهاء الحملة الانتخابية، طلبت النيابة العامة إنزال عقوبة 20 عاماً بحق رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، في إطار محاكمة رموز نظام بوتفليقة، إلى جانب وزراء ورجال أعمال كبار في قضايا فساد. ويمكن أن يوحي تزامن الحدثين أن المحاسبة بدأت بالفعل، على الرغم من أن ذلك لا يقنع جانباً واسعاً من الجزائريين؛ لأنه يحتاج إلى كثير من الصدق والإخلاص قولاً وعملاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"