«شر البليّة ما يضحك»

04:52 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

سجلت قوائم الطعام في بعض المطاعم والكافتيريات من غير العرب، أخطاء صارخة في حق «اللغة العربية»، إذ إن اجتهاد أصحابها دائم ودؤوب في ترجمة أسماء الوجبات، بالاستعانة بموقع الترجمة «جوجل»، لجذب الزبائن العرب، «ويا ليتهم ما فعلوها»، فقد أفرزت تلك الاجتهادات كوارث، تنصب المرفوع وترفع المنصوب، وأسماء وواجهات لمحال تجعل حقاً «شر البليّة ما يضحك».
نعلم أن الأخ «جوجل» أداة تساعد على ترجمة النصوص، ولكن بشكل غير دقيق، إذ تأتي ترجمته «حرفية»، مغايرة في معظم الحالات للمعنى الحقيقي للكلمات، مما وضع اجتهادات أصحاب تلك المطاعم والكافتيريات في قفص الاتهام، وأعتقد أن هذا «عبث واعتداء» على عراقة «لغة الضاد»، وسلوك غير مسؤول يستحق وقفة فاعلة من الجهات المعنية وفئات المجتمع كافة.
في الواقع صدمتني قوائم الطعام في عدد من المطاعم، التي جسّدت صورة مهينة للغتنا، إذ استوقفني البعض منها متسائلاً: ما علاقة وجبات الطعام ب«اتحاد العرب»؟ وما علاقتها بالسلام؟ وما صلتها بالري؟ جميعها أخطاء وردت بسبب اجتهادات عشوائية، لا تدرك مفاهيم وقيم لغتنا العربية.
الحق يقال، جهود الإمارات مشهودة في شأن حماية اللغة العربية والنهوض بها، لاسيما مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إذ جاءت لجنة تحديث تعليم اللغة العربية لتضم 12 خبيراً تربوياً وأكاديمياً وسياسياً وإعلامياً، ووضعت تصوراً حديثاً لتعلم «لغة الضاد»، وأساليب وآليات متطورة لتبني مناهج عززت مكانة لغة القرآن الكريم واستخدامها.
وهناك معجم محمد بن راشد للغة العربية المعاصرة، وجائزة محمد بن راشد للغة العربية، ومبادرة تحدي القراءة العربي، ومبادرة الوسم «بالعربي»، وشهر القراءة الحدث السنوي الذي تشارك فيه كل فئات المجتمع، مؤسسات وأفراداً، جميعها مسارات فاعلة تعزز تاريخ وعراقة لغة الضاد.
وأمام تلك الجهود، ونحن على أعتاب المؤتمر الدولي للغة العربية، الذي يأتي محمّلاً بخلاصة أفكار وأبحاث خبراء «لغة الضاد» في مختلف دول الوطن العربي، علينا أن نعي أهمية المحافظة على تراث لغتنا، وكيفية حمايته من العابثين، فالتصدي لهذه الانتهاكات والاجتهادات العشوائية مسؤولية الجميع، وتشديد الرقابة والعقاب هنا ضرورة لا بد منها، ونتذكر جميعاً مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «إن اللغة العربية ستبقى لغة للمستقبل والعلوم والابتكار، فمرونتها جعلت لها دوراً تاريخياً في الحضارات المختلفة».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"