هدفان استراتيجيان

03:45 صباحا
قراءة 3 دقائق

المصالحة وتشكيل حكومة تشرف على الانتخابات المقبلة التشريعية والرئاسية وإعادة ترتيب أوضاع منظمة التحرير، هدفان استراتيجيان يعمل الشعب الفلسطيني الآن على تحقيقهما . السلطة الوطنية من جانبها في رام الله، تؤكد على لسان الرئيس محمود عباس نفسه، ومختلف مسؤولي هذه السلطة،على جديتها التامة في هذا الشأن الذي تعتبره مصيرياً، ولا بد من النجاح فيه، لأن بديله في الفشل بعد كل هذه السنوات الطويلة من الانقسام، منذ العام 2007 إلى حينه، هو الخراب الشامل للقضية الفلسطينية برمتها .

وحماس في قطاع غزة، لا تقل جهداً عن السلطة الوطنية/فتح في التأكيد على هذه المسألة . ورغم بعض المؤشرات التي تقف عكس هذه الرؤية، أو هذا الجهد، ما يفتح المجال أمام احتمالات مغايرة من خلالها، قد توحي بصعوبة الوصول في المرحلة الراهنة على الأقل، إلى المصالحة، فإن سلسلة من الإجراءات الأخيرة على الأرض، توفر الإمكانات الإيجابية، نظرياً في الحد الأدنى، لامتلاك إرادة هذا الوصول .

هذه المحصلة نقرأها، على أية حال، على مستوى قيادات حماس وفتح . أما بالنسبة للشارع، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، فإننا بصدد محصلة مختلفة تماما تتدحرج في واد آخر . ويبدو أنه واد بعيد الغور، يكاد من فيه لا يسمع من في الآخر، أو لا يكترث بما يقول وما يعمل وما يخطط، إلخ .

يغالب الشارع نفسه بنفسه، في الضفة الغربية، تحت ثقل الأزمة المالية الطاحنة التي تواجهها السلطة الوطنية في رام الله، فتعجز عن الوفاء بالتزاماتها المالية إزاء موظفيها البالغ عددهم 180 ألف موظف .كما تعجز عن تسديد ديونها للبنوك وللمؤسسات الأخرى، ما ينعكس بدوره على المجتمع بأكمله، وهو يتهافت بالفعل، تحت ضربات هذه الأزمة التي لا مؤشر إلى حينه، لحلها . وكما نعرف، فإن هذا الحل، أو ما يقاربه، مرتبط بما سمي شبكة الأمان العربية التي أقرتها جامعة الدول العربية بمبلغ مائة مليون دولار شهرياً، قبل عدة أشهر، لضمان صمود السلطة الوطنية، ولم تلتزم بها هذه الدول، باستثناء السعودية وربما قطر والجزائر والكويت أيضا . كما هو مرتبط بدفع إسرائيل للمستحقات الفلسطينية من الضرائب، إلى جانب ما تلتزم بدفعه الدول الأوروبية .

كل هذه المصادر من التمويل، مضطربة المواقف حتى الآن، وغير واضحة في إمكانية التزامها بالدفع من دونه، ما يضع السلطة الوطنية ومؤسساتها والشارع كله، في مهب من التيارات المتعاكسة .

ولا يختلف الشارع الغزي، إلا ببعض التفاصيل الصغيرة، عن الشارع الضفاوي، وربما ازداد الوضع لديه سوءاً، بسبب الحصار الطويل والصعب الذي يواجهه .

والواقع، أن الشارع الفلسطيني بشكل عام، مدرك أن هذا الوضع كله، ناتج بسبب الضغوط الأمريكية التي تريد من خلالها واشنطن أن تعاقب السلطة على مواقفها الوطنية في الأمم المتحدة وغيرها . وبالتالي، فإن كوادر وقيادات هذا الشارع تقف عملياً إلى جانب القيادة ضد الموقف الأمريكي، وتحاول أن تقارب فيه بين حقها في المطالبة برواتب الموظفين وسواها من جهة، وبين إرادتها في الصمود في مواجهة الضغوط، من جهة ثانية، دون أن تتحول بذلك إلى أداة في يد السلطة، بل أن تكون إلى جانبها في نضالها الوطني الذي يجب أن يستمر وأن يتواصل، مهما كانت الأحوال .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"