عادي
صفح وتسامح وتوبة تسبق الشهر الفضيل

مراجعة النفس قبل رمضان.. واجبة

00:24 صباحا
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني
نعيش أياماً مباركة ينبغي أن يعلو فيها التسامح والمودة والرحمة بين الجميع، ونستعد فيها لاستقبال شهر التوبة والمغفرة بنفوس راضية مطمئنة لا تشاحن فيها ولا نزاع ولا ضغينة حتى يتقبل الله منا عبادتنا، ويتوب علينا، ويغفر لنا.

فما أهمية الصفح والتسامح وصلة الرحم في هذه الأيام المباركة؟ وما الذي ينبغي أن يقبل عليه المسلم في هذه الأيام المباركة، ليستقبل شهر رمضان بنفس مملوءة بالرضا ويخرج منها بأفضل المكاسب؟

يؤكد د. أحمد الطيب شيخ الأزهر أن تعاليم الإسلام رسمت للعلاقات الإنسانية، صورة أخلاقية وسلوكية مثالية، فالمسلم مطالب أن يتعامل مع كل خلق الله بتسامح ومودة ورحمة في كل وقت، حتى يحظى أولاً برضا خالقه، ثم بثقة كل المتعاملين معه، فتستقيم حياته، ويؤدي رسالته، ويسهم بفاعلية في بناء ونهضة مجتمعه، وهو بحكم تعاليم دينه، يواجه كل تجاوز أخلاقي بنصيحة صادقة، وكلمة طيبة، عملاً بواجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

الصورة

لذلك.. فإن واجب كل مسلم أن يراجع سلوكه، ليس في هذا الوقت من أيام الله المباركة فقط؛ بل في كل وقت، فالمراجعة واجبة، والتصحيح مطلوب، والسير على طريقة الهداية والصلاح، ينقذ الإنسان من مصائب كثيرة، فكم من أرواح أُزهقت بسبب كلمة متسرعة، أو اتهام لا يستند إلى دليل، وكم من مشاجرات نشبت هنا وهناك بين أناس بسبب سوء ظن؛ لذلك فالتحصن بتعاليم الدين يحمى الإنسان والمجتمع والوطن من كل ما يتهدده الآن.

صلة الرحم قبل رمضان

وينصح شيخ الأزهر كل من ساءت العلاقة بينهم، بسبب خلافات مادية أو مشاحنات على مصالح وتجمدت مشاعر المحبة وعواطف القرابة في نفوسهم أن يتسامحوا ويتصافوا خاصة ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك.. ويقول: واجب المسلم أن يحرص على صلة رحمه في كل وقت وأن يحسن إلى أقاربه وأهله حتى لو أساؤوا إليه، وعلينا أن نتخذ من هذه الأيام الطيبة، فرصة للتسامح والرحمة والعطف على الآخرين، وإذا كان المطلوب من المسلم أن يكون متسامحاً مع كل خلق الله، فمن الأولى أن يفعل ذلك مع أهله وأقاربه، ومن هنا ننصح كل مسلم أن يصفح عمن ظلمه، وأن يعفو عمّن أساء إليه، وأن يبادر بفتح صفحة جديدة من العلاقة الطيبة مع كل من يتعامل معهم وخاصة أقاربه وأهله.

ويحذر شيخ الأزهر الجميع من قطع أرحامهم.. ويقول: جريمةَ «قطع الرحم» تكاد تعادل جريمة الفساد في الأرض بكل بشاعتها، ويقول: اعلموا أن صلة الرحم ليست مجرد فضيلة من الفضائل؛ للمسلم أن يفعلها فيثاب عليها، أو يتركها فلا يعاقب عليها، فهذا فهم خطأ لا يزال ينتشر-للأسف- بين كثيرين وكثيرات ممنْ يستهينون بصلة الأرحام، وتهون عليهم قطيعتها، والحقيقة التي يجب علينا أن نتوقف عندها هي أن صلة الرحم أمر من أوامر الشريعة يستوجب الطاعة، وقطيعتها نهي إلهي يستوجب الكَف والامتناع، فهي مناط الثواب أو العقاب يوم القيامة.

العبادات وحسن الأخلاق

يؤكد العالم الأزهري د. سيف رجب قزامل أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن أخلاقيات المسلم ليس لها مواسم خاصة؛ بل كل إنسان مطالب بأن يتخلق بأخلاق دينه في كل وقت.. لكنه ينصح باستغلال سيطرة الروح الإيمانية هذه الأيام، لمراجعة النفس وتصحيح العلاقة بالآخرين.

ويقول: نحن مقبلون على شهر رمضان، وفى هذه الأيام تتعدد وتتنوع العبادات والطاعات، والعبادة ليست طقوساً دينية يؤديها المسلم دون هدف لمجرد تحقيق المطلب الديني؛ بل هي فرائض وطاعات، هدفها الأسمى تهذيب سلوك الإنسان والارتقاء بأخلاقياته، وتحسين علاقاته بكل من يتعامل معهم، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والصيام غايته الأساسية التقوى، ويدخل صاحبه الجنة، خاصة إذا ما كان خالياً من الرياء وكان خالصاً لوجه الله عز وجل.

ويقول: الارتباط واضح بين عبادات الإسلام وما تهدف إليه من استقامة السلوك، وحسن الأخلاق، والأدلة على ذلك كثيرة جداً من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول في الحديث الصحيح: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، والمراد بقول الزور: الكذب.

ويقول د. قزامل : كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يربط القول بالعمل، وكانت تتجسد في سلوكياته قيم وأخلاقيات الإسلام؛ حيث كانت سلوكياته متناسقة مع الحكمة من أداء العبادات، فلا يصح أن نلتزم بالصلاة والصوم والزكاة، ونعيش في خصام ونزاع مع خلق الله، ولا يصح أن نؤدي هذه العبادات ونكذب ونخون ونظلم ونسرق ونقطع صلة الأرحام.

التخلص من الحرام

د. حسن الصغير أستاذ الشريعة الإسلامية ورئيس أكاديمية الأزهر العالمية لإعداد الدعاة يرى أن هذه الأيام المباركة فرصة لمراجعة النفس والتخلص من كل صور الحرام سواء في السلوك أو المعاملات.. ويقول: هذه الأيام المباركة للتخلص من كل سلوك مخالف لتعاليم ديننا وكل كسب من حرام، أو يحمل شبهة حرام، وإعادة الحقوق المادية لأصحابها إن وجدوا، وتطهير النفس من تبعات الحرام بكل أشكاله.

ويضيف: شريعتنا الغراء تفتح أبواب التوبة والتخلص من كل أشكال الحرام، وهنا ننصح الجماهير في كل مكان أن يسألوا العلماء فيما اختلط على أذهانهم من معاملات اختلط فيها الحلال بالحرام، فكل مسلم مطالب شرعاً أن يذهب إلى العلماء وليس إلى الأدعياء، فالتعامل مع قضايا الحلال والحرام، والمباح والمحظور، يكون من خلال العلماء، وخاصة أهل الفتوى، وهنا لا يجوز لأحد أن يحكمُ رأيه وانطباعاته الشخصية في سلوكيات أو تصرفات الآخرين.

ويؤكد أن باب التوبة والتخلص من المال الحرام، أو الذي فيه شبهة حرام مفتوح ومتسع لكل تائب، صادق في توبته، والله سبحانه وتعالى هو القائل في كتابه الخالد: «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycy226ru

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"