توقعات متواضعة لقطاع الطاقة الجزائري

02:14 صباحا
قراءة 4 دقائق

تشير الأرقام الرسمية الجزائرية التي أعلنت مؤخراً إلى ارتفاع فائض الميزان التجاري للجزائر إلى 80 .14 مليار دولار في الأحد عشر شهراً الأولى من عام ،2010 بعد أن كان 70 .4 مليار في الفترة نفسها من العام السابق، وارتفعت قيمة الصادرات بنسبة 8 .26 في المئة لتصل إلى 27 .51 مليار دولار، بعد أن كانت 44 .40 مليار دولار في الفترة بين يناير/ كانون الثاني ونوفمبر/ تشرين الثاني ،2009 بينما ارتفعت الواردات بنسبة 9 .1 في المئة لتصل إلى 43 .36 مليار دولار من 76 .35 مليار دولار في الأحد عشر شهراً الأولى من العام الماضي .

وارتفعت قيمة صادرات النفط والغاز التي تمثل 16 .97 في المئة من مجموع الصادرات بنسبة 24 .26 في المئة لتصل إلى 80 .49 مليار دولار . إلا أن ارتفاع قيمة صادرات الطاقة الجزائرية يعود بالأساس إلى ارتفاع أسعار النفط بكثير عن تقدير سعره في حساب الميزانية الجزائرية، وليس بفضل زيادة حجم إنتاج وصادرات الطاقة .

تعد الجزائر خامس أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا والنرويج وكندا وقطر، إلا أن نصيبها من السوق يتراجع مع ضعف الاستثمارات في مشروعات إنتاج جديدة . ويبدو ذلك التراجع مرشحاً للاستمرار بسبب موقف الحكومة عموماً من الاستثمارات الأجنبية . وحسب تقديرات شركة بي بي يتراجع إنتاج الغاز في الجزائر في السنوات الأخيرة، وانخفض بالفعل بنسبة 5 في المئة عام 2009 .

ومن غير الواضح إلى أي مدى يعكس تراجع الإنتاج استراتيجية الحكومة أو مشاكل الاحتياطي القابل للاستخراج أو البنية الأساسية للإنتاج والنقل . وحسب الأرقام التي نشرت في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي يبدو واضحاً تراجع مبيعات الغاز الطبيعي في السنوات الخمس الأخيرة، ويبدو أن ذلك سيستمر في 2011 نتيجة تراجع الاستثمار في عمليات الاستكشاف وتدهور البنية التحتية .

وأشارت تقديرات وزارة المالية إلى تراجع عائدات تصدير النفط والغاز بنسبة 5 .4 في المئة في 2011 لتصل إلى 2 .42 مليار دولار من 2 .44 مليار دولار كانت مقدرة لعام 2010 . وإذا كانت وزارة المالية تحسب سعر النفط على أساس 60 دولاراً للبرميل في تقديراتها للعائدات، فإن ذلك، وإن كان الحد الأدنى لمتوسط الأسعار، فإنه ذات الرقم المستخدم في تقديرات ،2010 ومن ثم يصعب القول إن الارتجاع في العائدات يعود إلى انخفاض الأسعار المتوقع . إنما هو تراجع الإنتاج والتصدير، والذي يعبر عنه المراجعة بالتخفيض لتقديرات السنوات الأخيرة عاما تلو عام . ويتوقع بشكل رسمي تراجع إنتاج النفط والغاز في الجزائر بنسبة 8 .0 في المئة عام ،2011 وكانت شركة الاستشارات ووتربورن ذكرت أن الجزائر أنتجت 6 .40 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في شهر سبتمبر/ أيلول، في حين قدراتها الإنتاجية تصل إلى 81 مليار قدم مكعبة في الشهر .

من بين معوقات تطوير إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي الجزائري مشاكل البنية التحتية التي أدت إلى خفض القدرة الإنتاجية بنسبة 20 في المئة في مرفأي التسييل في البلاد . وإن كانت تلك المشكلات ستحل في غضون الأشهر المقبلة كما يقول وزير الطاقة الجزائري الجديد . كما أن بعضاً من التراجع ربما يعود لاختبارات خط أنابيب الغاز إلى إسبانيا، ميدغاز، والتي بدأت في يوليو/ تموز .

إلا أن من أهم أسباب التراجع مؤخراً التغيير في استراتيجية إنتاج وتصدير الطاقة في الجزائر مع استبدال وزير الطاقة وكامل إدارة شركة الطاقة الوطنية سوناطراك في مايو/ أيار الماضي . وتميز ذلك التغيير بالتحول من بيع الغاز في السوق الفورية إلى محاولة الاتفاق على عقود توريد طويلة الأجل مع المشترين .

وكانت سياسة وزير الطاقة المستبدل تقضي بالبيع في السوق الفورية للاستفادة من ارتفاع الأسعار من دون التقيد بسعر ثابت في عقود توريد طويلة الأجل . إلا أن تلك السياسة أدت لانتكاسة مع انهيار الأسعار مع الأزمة العالمية عام ،2008 وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي ولم تستفد الجزائر من استراتيجية البيع في السوق الفورية . أما الوزير الجديد والإدارة الجديدة لسوناطراك فهم يسعون لاتفاقات عقود توريد طويلة الأجل بسعر ثابت في ظل هبوط الأسعار، ما يعني خسارة أيضاً على المدى الطويل . هذا بالنسبة للعائدات في حال ثبات الإنتاج والتصدير، إلا أن الغاز الطبيعي المسال سيشهد تراجعاً أيضاً بعد عام مع تحويل قدر أكبر من إنتاج الغاز الطبيعي لخطوط الأنابيب، إذ سيبدأ ميدغاز العمل في ،2011 ومع قلة الغاز المخصص للتسييل ستفقد الجزائر قدراً من نصيبها في السوق .

وشهد إنتاج الغاز الطبيعي تراجعاً في السنوات الأخيرة لتقديرات الإنتاج المستقبلية . ففي عام 2005 كانت التوقعات بوصول الإنتاج إلى 85 مليار متر مكعب عام ،2010 و100 مليار متر مكعب عام 2015 . وبدأت الجزائر في مشروعات بنية تحتية لتحقيق ذلك المستهدف، بما في ذلك منشآت تسييل في سكيكدا، وخطي أنابيب تحت مياه المتوسط . أما الآن فقد أصبح المستهدف هو الحد من تراجع الصادرات . كما أن الاحتياطيات لم تشهد أي زيادة في السنوات الأخيرة أيضاً، فمن 52 .4 تريليون متر مكعب عام 1999 وصلت إلى 5 .4 تريليون متر مكعب عام ،2009 حسب أرقام بي بي . كذلك تراجع الإنتاج الفعلي على مدى العقد الماضي، فما بين 1999 و2008 انخفض الإنتاج من 86 مليار متر مكعب سنوياً إلى 8 .85 مليار متر مكعب، ثم هبط بنسبة 9 .4 في المئة ليصل إلى 4 .81 مليار متر مكعب عام ،2009 وتراجع نصيب الجزائر من الإنتاج العالمي من 7 .3 في المئة عام 1999 إلى 7 .2 في المئة عام 2009 .

في الوقت نفسه زاد الاستهلاك من الغاز وارتفع الطلب المحلي من 3 .21 مليار متر مكعب عام 1999 إلى 4 .25 مليار متر مكعب في ،2008 وتسارعت زيادة الطلب المحلي لتزيد بنسبة 5 .5 في المئة عام 2009 ويصل إلى 7 .26 مليار متر مكعب، ويتوقع استمرار الزيادة بالوتيرة ذاتها في السنوات المقبلة .

خبير اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"