على أبواب غزّة

03:46 صباحا
قراءة دقيقتين

عادت غيوم العدوان لتحوم فوق قطاع غزة بعد شهر التهدئة الذي أعقب مجزرة جباليا في مارس/آذار الماضي، وما تبع ذلك من مفاوضات تهدئة بقيادة مصريّة لإرساء نوع من الهدنة بين فصائل المقاومة وإسرائيل. ومع بوادر فشل المفاوضات وتعارض شروط الطرفين، استأنفت المقاومة نشاطها السابق عبر عملية ناحل عوز النوعيّة وقتلها 3 إسرائيليين خلال الأيام القليلة الماضية.

هذه الأجواء تترافق مع توتّر متصاعد بين مصر وحماس على خلفية التهديدات التي أطلقها قادة الحركة الإسلامية مع الجهاد بإمكان إعادة اختراق حدود رفح البرّية، رغم محاولات الحكومة المقالة احتواء تداعيات هذه التهديدات بالإشارة إلى أهميّة العلاقة مع القاهرة ومناشدتها استئناف جهود التهدئة.

هذه المناشدة أطلقها رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، الذي لا شك يدرك ومن ورائه قادة حماس، أن القطاع قد يكون مقبلاً على عدوان واسع، قد يكون إعادة احتلال ألمح إليها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز لوقف إطلاق الصواريخ على المستوطنات المحاذية لغزة. وتدرك حماس ايضاً أن أي تحرّك إسرائيلي لن يحدث قبل مرور احتفالات الذكرى الستين لقيام إسرائيل (نكبة فلسطين).

حسابات حماس لمثل هذا العدوان ورؤيتها له تختلف عن رؤيّة أي من فصائل المقاومة الأخرى لاعتبارات كثيرة، قد يكون أهمها أن مشروع مقاومة حماس غير معزول عن المشروع السياسي للحركة الإسلامية القائم حالياً في قطاع غزة. وبالتالي فهي معنية بحماية هذا المشروع السياسي بكل الوسائل الممكنة، على عكس باقي فصائل المقاومة، ولا سيما الجهاد الإسلامي، المستندة إلى مشروع مقاوم فقط.

في هذا السياق فإن حماس معنية بإعادة عجلة التهدئة ومفاوضاتها إلى الدوران قبل نهاية الاحتفالات الإسرائيلية. والحركة تملك في هذا الإطار ورقة مهمة جداً من الممكن أن تلعبها في المرحلة المقبلة وتعيد تفعليها كمقدمة لإحياء التهدئة. فلا يزال مصير الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليت في يدها، ومصيره يشغل المستوى السياسي الإسرائيلي، وهو ما تدركه حماس، التي تبدو مستعدة لتخفيض سقف مطالبها بشأن التهدئة، ولا سيما في خصوص تزامن التهدئة بين قطاع غزة والضفة الغربية. المطلب في الأساس لم يكن مطلباً حمساوياً، بل كان من الشروط التي وضعتها الجهاد، التي يتعرّض مقاوموها لعمليات تصفية في الضفة الغربية.

مع شعور حماس بحراجة الموقف على أبواب القطاع، قد لا يكون مهماً التزامن، بقدر الاستمرارية، ولا سيما أن نهاية حكمها للقطاع يعني نهاية الحركة، أو على الأقل مشروعها السياسي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"