عادي

كوبا تحقق إنجازات صحية رغم الحصار

02:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
أوليفر هوبكنز *

على الرغم من الحصار الأمريكي الخانق الذي تتعرض له كوبا، منذ أكثر من نصف قرن، يتميّز هذا البلد بتفوق ملحوظ في مجال الرعاية الصحية. في يونيو/حزيران، أصبحت كوبا أول بلد في العالم يحصل على المصادقة الرسمية من منظمة الصحة العالمية، لنجاحها في القضاء على انتقال فيروس نقص المناعة المكتسبة، ومرض الزهري، من الأمّ إلى الطفل.
بالنظر إلى النطاق العالمي لانتشار وباء نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، إذ يوجد في العالم سنوياً نحو 1.4 مليون امرأة حامل، مصابة بالفيروس، فإن تأثير هذا الإنجاز سيكون غير عادي، لو استطاع العالم احتذاء التجربة الكوبية.
قالت منظمة الصحة العالمية: «إن القضاء على انتقال الفيروس، واحد من أعظم الإنجازات الصحية الممكنة. ويدل النجاح الكوبي على أن التغطية الصحية الشاملة، وحصول الجميع على الرعاية، هما مفتاح كل نجاح، حتى في مواجهة تحديات شاقة مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة».
وشهد هذا العام أيضاً عودة أكبر فريق من العاملين الصحيين الذين كانوا يكافحون تفشي مرض إيبولا في غرب إفريقيا، بعد إتمام مهامّهم بنجاح.

وتأتي هذه الإنجازات الرائدة في العالم ضمن قائمة طويلة جداً، من مآثر الرعاية الصحية الكوبية، وهي شهادة فخار لثورة كوبا وشعبها.
لقد أوجدت كوبا نظام رعاية صحية من طراز عالمي رفيع، وهي تتصدر جبهة أبحاث التكنولوجيا البيولوجية والطبية، على الرغم من أنها تحت الحصار، منذ أكثر من نصف قرن، ممّا يمنعها من الوصول إلى كثير من الأدوية والمعدات الطبية ذات الأهمية الحاسمة.
تقول مصادر البنك الدولي، إن الولايات المتحدة تنفق نحو 20 ضعف ما تنفقه كوبا على الرعاية الصحية للفرد سنوياً، ومع ذلك فإن معدل وفيات الرضع في كوبا أقل منه في الولايات المتحدة، ومتوسط العمر المتوقع في البلدين متساوٍ.
ولو كان معدل وفيات الرضع في الولايات المتحدة مساوياً لنظيره في كوبا، لتم إنقاذ أرواح الآلاف من الأطفال الأمريكيين كل عام.
ومن الجلي أن إنجازات كوبا تتجاوز الإحصاءات البسيطة، وهي ثمرة نظامها الاشتراكي. فكيفية تنظيم المجتمع، ولمصلحة مَن يذهب الإنفاق العام، والعمل على تعليم السكان ورعايتهم صحياً، كل ذلك يجب أخذه في الحسبان.
والفرق الأساسي هو أن الإنفاق على الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، يمول الأرباح الضخمة التي تجنيها سلسلة واسعة من الشركات التي تحقق الأرباح على طول سلسلة التوريد لسوق القطاع الصحي التي تم إنشاؤها.
أمّا كوبا، فهي ذات نظام مركزي التخطيط، حيث تتضافر دوائر القطاع العام المختلفة للعمل معاً بفاعلية عالية، سعياً إلى تحقيق الصحة العامة لشعبها، بدلاً من السعي وراء الربح.
ويستمرّ تطوير اللقاحات في كوبا، لكونه من بين الأفضل في العالم. وعلى سبيل المثال، هنالك لقاح لسرطان الرئة، يدعى «سيمافاكس»، يستطيع وقف نمو الأورام في الرئتين، ما يسمح بمرحلة مستقرة من المرض، فيطيل العمر.
ومركز علم المناعة الجزيئية في هافانا، وهو منظمة مملوكة للدولة الكوبية، وهو مبتكر لقاح سيمافاكس، كما قام بتطوير لقاحات لالتهاب السحايا ب، والتهاب الكبد الوبائي ب، وحُمّى الضنك. وكل هذه الأدوية مجانية ومتوفرة لجميع المرضى في كوبا.
ولقاح سيمافاكس متوفر في كوبا منذ سنوات عديدة، لكنه اكتسب مزيداً من الاهتمام العالمي منذ تقارب الولايات المتحدة وكوبا في 17 ديسمبر/‏كانون الأول 2014. وثمة أملٌ في تحسن التعاون بين الولايات المتحدة وكوبا في المجال الصحي، ويخضع سيمافاكس الآن لتجارب سريرية في الولايات المتحدة، ما يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح في هذه المسألة بالذات.
ولكن التقدم في ما عدا ذلك محدود. فقد تم افتتاح سفارتين في كل من واشنطن وهافانا هذا الصيف، ما يرمز إلى إعادة رسمية لإقامة علاقات دبلوماسية. وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، فلايزال الحصار مطبقاً، ولايزال خليج غوانتنامو محتلاً، والسياسات العدوانية الأمريكية نحو كوبا مستمرة.
والولايات المتحدة و«إسرائيل» فقط، تقفان الآن معزولتين في دعمهما للحصار. فقد شهد عام 2015، أكبر أغلبية في التصويت في الأمم المتحدة لصالح إنهاء الحصار، بمجموع 191- 2، دون امتناع أي عضو عن التصويت.
في إطار علاقات ما بعد 17 ديسمبر/‏كانون الأول 2014، أذن الرئيس باراك أوباما بتجارة محدودة. لكن الشيطان يكمن في التفاصيل. فالشركات الأمريكية، فقط، مسموح لها بتصدير سلع إلى كوبا، وللممتلكات والمشاريع، المملوكة ملكيةً خاصة فقط. أمّا كوبا، فلا تستطيع التصدير إلى الولايات المتحدة.

*مدير الحملات في حركة التضامن مع كوبا

من موقع: غلوبال ريسيرتش

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"