إفريقيا . . “إيبولا” ليس الأكثر خطورة

03:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
مرض إيبولا هو أحد أشكال الحمى النزفية . ومعدلات الوفيات بين المصابين بهذا المرض مرتفعة جداً . ولا تتوفر حتى الآن لقاحات معروفة مضادة لهذا المرض، ولو أن عدة أدوية تجريبية تختبر حالياً . وفي الماضي، حدثت حالات تفشي إيبولا عدة، لكن معظمها كان في مناطق نائية . ومنذ أن ظهر إيبولا لأول مرة في منطقة الكونغو عام ،1976 أدى إلى نحو 3000 وفاة .
وبرغم كل الاهتمام الإعلامي بالموجة الحالية من تفشي هذا الوباء، إلا أن إيبولا ليس المشكلة الطبية الأكثر خطورة التي تواجهها إفريقيا حالياً . ففي كل يوم، يموت نحو 2000 طفل إفريقي بسبب الإسهال، وفي كل دقيقة، يموت طفل إفريقي بسبب الملاريا . وفي عام 2011 وحده، مات 2 .1 مليون إفريقي نتيجة مرض نقص المناعة "الإيدز" .
وما يجعل تأثيرات هذه الأمراض مأساوية إلى هذه الدرجة هو أنه توجد علاجات فعالة يمكنها تخفيض معدل الوفيات إلى ما يقرب من الصفر . وفي حالة الإسهال، هذا يتطلب مياهاً نظيفة، ومراعاة الأصول الصحية، في حين أن الوقاية من الملاريا تتطلب شباك بعوض . وبالنسبة ل "الإيدز"، لم تتوفر أموال بكميات تكفي لمعالجة هذه المشكلات .
وفي البلدان الصناعية، لم تعد أمراض الإسهال، والملاريا و"الإيدز" تهدد أرواح الناس على مستوى وبائي . أما إيبولا، فهو يهدد بأن يكون شيئاً مختلفاً تماماً، لأنه لايزال يقاوم العلاج . وأحد الأسباب التي جعلت وسائل الإعلام تغطي أخبار إيبولا بهذا الإسهاب، هو الخوف من انتشار المرض خارج إفريقيا . ولكن بسبب الطريقة التي ينتشر بها إيبولا - من خلال التلامس المباشر مع سوائل جسدية موبوءة - من غير المحتمل أن يصبح الجائحة التالية .
وهناك سبب آخر يجعل وسائل الإعلام تهوى الحديث عن إيبولا، هو أنه يتوافق مع النظرة الاستعمارية الجديدة لإفريقيا، باعتبارها موطن عادات متوحشة مثل أكل اللحوم البشرية . وفي الماضي، كان يتم الربط بين موجات تفشي إيبولا واستهلاك لحوم شمبانزي ووطاويط موبوءة .
ولكن في الحالة الراهنة، انتشار إيبولا لا علاقة له بأكل أي شيء كان . وعلى كل حال، كثير من الناس في أمريكا يأكلون "لحوماً برية" يسمونها ببساطة "طرائد" - مثل السناجب والخنازير البرية - لكن قلائل فقط من الناس يعتبرون ذلك عادة متوحشة .
وطبعاً، إيبولا يثير القلق بسبب السرعة التي انتشر بها . وأحد الأسباب التي جعلت إيبولا ينتشر بهذه السرعة هو النقص في أعداد العاملين الطبيين .
وهناك سبب آخر لانتشار إيبولا هو السبب البيئي . فالموجة الحالية من انتشار إيبولا تختلف عن الموجات السابقة، لأنها بدأت في منطقة نائية ثم امتدت إلى المراكز الحضرية، وأحد أسباب ذلك هو إزالة الغابات .
والمنطقة التي ظهرت فيها هذه السلالة من فيروس إيبولا لأول مرة - وهي الغابات الواطئة في غرب غينيا - جردت من أشجارها، إما من قبل الخشابين، وإما لإفساح مجال للمزارعين . وغرب إفريقيا ككل كان يخسر من الغابات سنوياً - نحو مليون هكتار - أكثر من أي بلد آخر في العالم . والبشر يجتاحون اليوم أماكن بالكاد عرفها أحد من قبل .
بكلمات أخرى، الناس الذين يعيشون في المنطقة هم الآن أكثر عرضة من أي وقت مضى للاحتكاك بناقلي إيبولا . كما أنهم يحتكون أكثر ببعضهم البعض، ما يزيد من فرص انتشار المرض .
والتدمير البيئي لغابات إفريقيا، يمكن أن يؤدي إلى تزايد موجات تفشي الأمراض . وقد وجد العلماء صلة بين ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بالنشاط البشري - الاحترار المناخي - وانتشار الملاريا وتزايد موجات أوبئة الإنفلونزا . لكننا لا نعرف حتى الآن ما التغيرات البيئية التي ستسبب وباء وبيلاً .

جون فيفر
* المدير المشارك لموقع مجلة "فورين بوليسي إن فوكس"

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"