حقّ الليلة المجتمعية

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

يحرص المجتمع الإماراتي، على رعاية التراث بكل أشكاله وفصوله وتفاصيله؛ الشفهي منه والمعنوي والمادي، والمحسوس والملموس، وما ينطوي على العادات والتقاليد والمناسبات الموسمية، وما هو معني بالأقوال والأفعال، بما يمثل صورة حقيقية وواقعية لتراث الآباء والأجداد، لتكون حاضرة في عصرنا هذا بمعية جيل الاتحاد، أبناء زايد.
«ليلة النصف من شعبان»؛ كانت وما زالت ضمن دائرة اهتمامات الإمارات منذ عشرات السنين، بصفتها التراثية، بمسمّاها التاريخي «حق الليلة» أو «حق الله»، حيث تنطلق مواكب الأطفال الصغار «أبناء وبنات» من بيوتهم من بعد صلاة العصر، في 14 شعبان، مروراً على بيوت الجيران والأهالي في الفريج الذين ينتمون إليه، والفرجان الأخرى المجاورة، حتى وقت غروب الشمس، حيث يوزّع الأهالي المأكولات التراثية «المكسّرات وغيرها» على الأطفال الذين يجمعونها في أكياس من القماش، تصنّعها أمهاتهم في ما سبق من زمن، أو في أكياس بلاستيكية في العهد الجديد، تأكيداً لصفة الكرم العربي الخليجي الإماراتي، وتأكيداً لأواصر المحبة بين أُناس المنطقة، واتفاقاً جماعياً على إدخال البهجة والسرور على نفوس الأطفال.
«ليلة النصف من شعبان»، أدرجت ضمن خطط الفعاليات المجتمعية وموازنات المؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص، إحياءً للمناسبات التراثية الوطنية الإماراتية، من أمثلة ذلك، ما هو قائم في إمارة رأس الخيمة، فمن جهة الاحتفال الموحد لثلاثي الشراكة المؤسسية (دائرة المالية، دائرة الجمارك، هيئة الحكومة الإلكترونية) بليلة النصف من شعبان، في فناء دائرة الجمارك، باشتمال الفعالية على بوفيه بالمأكولات الشعبية، من هريس وخبيص وسواهما، مع مشاركة إحدى الأسر المنتجة بالمعجنات الشعبية (خبز رقاق ولقيمات)، مع توزيعات أشاعت الفرح والسرور في نفوس الموظفين الذين استعادوا ذكريات الطفولة وحياة الطيبين. ومن جهة أخرى الانتشار الجغرافي لدائرة الخدمات العامة التي أحيت أو احتفلت بتلك الليلة المباركة بوجودها في وقت واحد في أربع حدائق (العريبي، البيت متوحد في الظيت، شعم، ميدان الاتحاد في الرمس).
إذا كان الأمر كذلك مؤسسياً، فإن المناسبة ما زالت حاضرة، ضمن دائرة عادات وتقاليد الأسر الإماراتية، حيث تفتح البيوت أبوابها للأطفال المنطلقين من بيوتهم إلى بيوت الأقارب والجيران، طلباً لاستحقاقات حق الليلة الشعبانية الإماراتية، أو باستقطاب بعض الأهالي الأطفال في أماكن عامة؛ من أمثلة ذلك، ما فعله النوخذة صالح أحمد حنبلوه، صاحب متحف «زايد البحري»، الذي أقام احتفالية تراثية شعبية جمعت الكبار والصغار في «ميدان الجالبوت» في «مدينة الرمس» التي اعتادت الاحتفال السنوي العام منذ سنوات مثبتات في ذاكرة التاريخ والإعلام.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/493r77zd

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"