لا تكن أضحوكة «التلفيق»

04:59 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

استخدام الإعلام الحقيقي (وخطوط كثيرة تحت «حقيقي»)، وليس «التقليدي»، كما يخطئ بعضهم في التسمية، لوسائل التواصل، وتوظيفه لكل التقنيات المتاحة مثل ال «فيس بوك» و«إنستجرام» و«تويتر»، لم يبقِ أي ذريعة للعامة، لتناقل معلومات وتداولها من مصادر مجهولة أو غير حقيقية أو موثقة.
الكلام هنا عن عامة الناس، الذين لا يزال بعضهم يتقاذفون معلومات وتلفيقات، «ركيكة وسطحية» تدعو للسخرية من ناقلها، ولكن كل «دعائمه» أنه رآها على «فيس بوك»، السؤال هنا لناقل المعلومة، هل الصفحة التي رأيت المعلومة فيها، صفحة صحيفة محترمة أو تلفزيون محترم، أو إذاعة أو وكالة أنباء محترمة، أم أنها مجرد «كلام» وضعه شخص على «منشور» بلا معنى ولا قيمة، فمشيت أنت تنقله، من دون أن تعمل فيه العقل أو المنطق.
حجم المعلومات «المتقاذفة» في الهواء أكثر من «كورونا» نفسها، وحجم «التلفيقات» التي ليس لها أساس غريب جداً، وبدأ بعضهم بطرح سؤال: ما الجيوش التي لديها كل هذا الوقت والجلد، على عمل هذه «التلفيقات» والإساءات، وأحياناً بث الرعب في النفوس، وخلق حالة من الهلع والفوضى في الفضاء العام.
السؤال الأهم أيضاً، ما هدف هؤلاء الناس؟ هل تقف خلفهم جهات أو منظمات أم أن الأمر مجرد تسلية؟ لأن «دبلجة» فيديو مفزع عمره سنوات طويلة، وإخراجه من «مزبلة» الذكريات «التقنية» وإعادة بثه، كما لو أنه وقع أمس، في مدينة معينة، لا أعتقد أن صانع ذلك شخص بريء، أو ساذج، بل يقصد ما يقصد وله أهداف أو أغراض مما يفعل.
توافر المعلومات، وعبر قنوات مسؤولة، تمتهن هذا المجال من صحف وتلفزيونات وإذاعات ومواقع مرخصة، ألا يغني الناس عن متابعة «المواقع»، لتناقل المعلومات من مجهول؟ هل اللوم هنا على وسائل الإعلام الحقيقي، أم على بعض العامة الذين يصرون على تناقل «الشائعات والتلفيقات».
كُثر، للأسف، لا يفرقون بين الإعلام ووسائل التواصل، فالأخيرة ليست إعلاماً، ولا تتبع قواعده، ولا هي مرخصة، هي تطبيقات على هواتف ذكية، أو مواقع، يمكن لأي شخص تنزيلها بالمجان واستخدامها، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات أو أي جهة، وبثّ ما يحلو له عبر فضائها، أما أن تصبح هي مصدر المعلومة، فهذا كارثة.
من لا يريد أن يتابع وسائل الإعلام الحقيقي ليعرف ما يدور في الدنيا بشكل موثق، فهو حر، لكن يمكنه متابعة حساب الوزارات والمؤسسات والجهات نفسها، ويعرف كل ما يدور أولاً بأول، ولا داعي لأن يبقى رهينة «خزعبلات» وأخبار لا تسوى الحبر الذي كتبت به.
معيب استغلال هذه «الجائحة»، ونشر قضايا تضر أكثر مما تنفع، بذريعة «النصح» و«الإرشاد» و«التوعية»، والحث على ممارسات، قد تكون كارثية أحياناً.
إذا كانت وسائل التواصل متاحة ومجانية، فلا تجعل من نفسك أضحوكة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"