عادي

القناعة فستان بسملة في العيد

23:19 مساء
قراءة 3 دقائق

فى آخر أيام رمضان، انتبهت بسملة، وهى بنت رقيقة جميلة لا تتعدى العشر سنوات على نداء رفيقاتها من أهل الحى فخرجت لهن، وقالت: هل ستلعبن؟ ردت عليها هدى وأختها منى: لا.لا لن نلعب اليوم يا بسملة لأننا سوف نذهب لشراء ملابس العيد. قالت منى: سوف أشترى فستان وحذاء وحقيبة حمراء، وقالت هدى: وأنا أيضاً سوف أشترى فستاناً باللون الأخضر وحذاء وحقيبة بيضاء وبعض ورود الزينة للشعر.

ودّعت بسملة رفيقاتها وهى حزينة لأن أباها فقير ودخله صغير ولا يستطيع شراء ملابس جديدة هذا العيد. ودخلت بسملة بيتها وهى صامتة لا تتكلم، ولكن يظهر عليها الحزن. عندما رأتها أمها أوقفتها أمامها وقالت لها: ماذا حدث يا بسملة؟ لماذا أنت حزينة هكذا يا حبيبتي؟ قالت بسملة والدموع في عينيها: صاحبتاي منى وهدى ستذهبان اليوم لشراء ملابس العيد الجديدة، وأنا لا أستطيع أن أخرج ألعب معهما، ومع بقية بنات الحي في العيد بملابسي القديمة هذه، وفى نفس الوقت يا أمي أحب اللعب، وفرحة العيد وبهجته، وحزنت أكثر عندما رأيت في أعينهن نظرة العطف عليّ لعدم قدرة أبي على شراء فستان جديد لي مثلهن.

حضنت الأم ابنتها، وقالت لها: ومن قال لك يا حبيبتى أنك لن تلبسي فستاناً جديداً في العيد؟ نظرت بسملة لأمها في دهشة وقالت: كيف وظروف أبي لا تسمح أن يشترى شيئاً هذا العيد؟ أنا لا أحب أن أضغط على أبي وأحبه كثيراً، فلا تقولي له حتى لا يحزن وينزعج عليّ.

طبطبت الأم على بسملة وقالت لها: لا تخافي، لن أخبر والدك بشىء، وأنا أعلم بظروفه. سألتها بسملة في دهشة: كيف نشتري فستاناً جديداً؟ قالت لها أمها: لن نشترى بل سوف نصنع فستاناً جديداً. أنا عندي قطعة من القماش الزاهية الألوان الجميلة أحضرتها لي خالتك هدية السنة الماضية واحتفظت بها كما هي، وأنت تعرفين يا بسملة أنني ماهرة في تصميم وخياطة الملابس، فهيا بنا لنُخرج ماكينة الخياطة ونختار معاً فستان العيد.

فرحت بسملة ومسحت دموعها وقالت لأمها: أشكرك يا أمي.

أحضرت الأم مجلة قديمة كانت عندها، ولكن بها الكثير من التصاميم الرائعة وأعطتها لبسملة لتختار فستانها.اختارت تصميماً بسيطاً جميلاً يتناسب مع ألوان القماش الذي عند أمها.. قالت الأم: ماشاء الله اختيارك ممتاز يا بسملة، وبدأت في أخذ مقاسات الصغيرة وأحضرت أدوات الخياطة وبدأت في صنع الفستان.

في ساعتين انتهت الأم من خياطة الفستان، وكان رائع الجمال، ولم تصدق بسملة عينيها من شدة جماله. هلّلت الصغيرة من الفرحة وقامت ترتديه، وكان أرق وأحلى ما يكون عليها، وفى أثناء فرحة بسملة وهى ترتدى الفستان الجديد الذي صنعته لها أمها حضر أبوها من العمل، وعندما رآها بالفستان فرح كثيراً، لأنه كان حزيناً ويفكر في كيفية شراء بفستان جديد للعيد مع ضيق اليد.

قالت بسملة: هذا الفستان من صنع أمي حبيبتي . قال أبوها: ما أجمله من فستان، وسكت الجميع ثم نظرت بسملة فرأت في يد أبيها علبة فسألته: ما هذه العلبة يا أبي؟ قال: نسيت، هذا حذاء أبيض جديد وهو كل ما استطعت أن أحضره لك. طارت بسملة من الفرحة بالحذاء الذي سيكتمل به زي العيد مثلها مثل هدى ومنى. ثم أخرجت الأم من درج ماكينة الخياطة بعض الورود الملونة وصنعت منها أشكالاً جميلة للشعر.

نامت بسملة سعيدة لأنها سوف تخرج يوم العيد بفستان جديد. وفى الصباح قامت على رائحة الكعك تملأ البيت، وذهبت إلى أمها وأبيها وقالت: كل سنة وأنتما طيبان وبخير. ما هذه الرائحة؟ قالت الأم: رائحة الكعك، صنعت لك طبقاً ببعض الدقيق والسمن الموجود عندي. فرحت بسملة وحضنت أمها وأباها بشدة وقال الأب: أنت فتاة جميلة يا بسملة وعندك قناعة، وهى كنز السعادة لأن الشخص القنوع دائماً يشعر بالرضا بما يقسمه الله له، وبالتالي هذا يشعره بالسعادة التي هي الكنز الحقيقي.

ابتسمت بسملة وخرجت لرفيقتيها منى وهدى وبنات الحي، وعندما رأينها كن في حالة من الذهول لما هي عليه من أناقة وجمال ونظافة، وسألنها: من أين لك بكل هذا؟ قالت: من رضا الله.. وبدأت تلعب وهى سعيدة وراضية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdf6kvc6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"