عادي

البَرّ جلّ جلاله

22:49 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

يتقلب العبد بنعم الله، سبحانه وتعالى، ليل نهار، ونعم الله على العبد لا تعد ولا تحصى. ولو فكر العبد قليلاً وأجرى مقارنة عقلية سريعة بين نعم الله عليه وما يقدمه لقاء هذه النعم لأدرك عظمة الخالق، جل جلاله، فصلاة العبد وصيامه وسائر عباداته لا تذكر أمام نعم الله، فهو البر بعباده، وبره سبحانه وسع السماوات والأرض، فما معنى اسم الله البر؟

البَرّ هو اسم فاعل لمن يتصف بالبر، والبر هو اسم من أسماء الله الحسنى وله معانٍ عدة سأذكر اثنين منها. أولاً، البر بمعنى الرحيم اللطيف بعباده، فالله الذي يمد العبد بكل أسباب النعيم لا يحاسبه على نكرانه لنعيمه وجحوده لنعمه، ولو شاء الله محاسبة العباد على تقصيرهم لهلك الناس إلا من رحم الله «ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون»، النحل: 61، فهو البر اللطيف يمهل العبد ويفتح له أبواب التوبة؛ بل إنه قد يبتلي العبد رحمة ورأفة به حتى يعود إلى الطريق المستقيم. والمعنى الثاني للبر الصادق فيما وعد، فما من وعد إلا وقد أنجزه لعباده وعدهم بالرزق، فلن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، ووعدهم بالخير والبركة فبارك أموالهم وزادها عندما لم يبخلوا بها على الفقراء والمساكين وسينجز لهم وعده يوم القيامة بجنة عرضها السماوات والأرض إذا هم أطاعوا أوامره واجتنبوا نواهيه؛ لذا يقول أهل الجنة حينما يرون نعيم الله وقد جنبهم سبحانه نار جهنم «إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ»، الطور:28.

البر اللطيف الرحيم بعباده الصادق في وعده لعباده يدعوهم أن يكونوا بررة في عباداتهم فالعبد الذي يطمع بثوابه عليه أن يمتثل لأوامره «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون»، آل عمران:92، وأن يكونوا بررة بآبائهم وأمهاتهم، وبررة مع من يسالمهم ولا يعاديهم حتى لو كان على غير دينهم «لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»، الممتحنة: 9.

البر سبحانه يدعو عباده أن يلتزموا البر منهجاً في حياتهم فيصدقوا في أقوالهم وتكون أفعالهم مطابقة لما وعدوا به فالمسلم لا يخلف ميعاداً ولا ينكث عهداً وأعد لهم لقاء هذا نعيماً لا ينقطع ووصفهم بالأبرار فقال سبحانه: «إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ»، ومن أعظم ما ذكر في البر حديث النّوّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأَنْصَارِيّ قال: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبِرّ وَالإِثْمِ؟ فَقَالَ:«الْبِرّ حُسْنُ الْخُلْقِ. وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطّلِعَ عَلَيْهِ النّاسُ»، فالبر صدق في القول وأخلاق بالفعل، والبر إحسان لخلق الله والتزام بشرع الله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4dxw6zf7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"