ماذا في جعبة بلينكن؟

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الصين يوم 18 الحالي، تعويضاً عن زيارة كانت مقررة في شهر فبراير/ شباط الماضي، ثم أُلغيت بعد إسقاط الولايات المتحدة، المنطاد الصيني في الرابع من ذلك الشهر.

 خلال الأشهر الخمسة الماضية، منذ حادثة المنطاد وحتى اليوم، جرت مياه عكرة كثيرة في مجرى العلاقات بين البلدين، أكثرها خطورة تفاقم الأزمة التايوانية، وتصاعد التوتر في مضيق تايوان، ما هدد بانتقال التنافس بين البلدين إلى مرحلة صراع مكشوف بينهما.

 يدرك البلدان أن استمرار التوتر في العلاقات من دون ضبطه، ووضع قواعد على أسس جديدة تحقق مصالحهما، سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة، بما يشكل كارثة للبلدين والعالم، ما يقتضي القيام بمراجعة للأهداف والوسائل، بعيداً عن منطق القوة والهيمنة.

 راوحت العلاقات الصينية - الأمريكية، خلال العقود الماضية إبان حقبة الحرب الباردة، بين العداوة والتعاون، لكنها دخلت أثناء تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة، مرحلة من التنافس الشديد، اقتصادياً وسياسياً وتقنياً، ثم تواصلت في عهد الرئيس الحالي جو بايدن.

 وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى استمرار سيطرتها على النظام الدولي، فإن الصين تسعى إلى تأكيد أحقيتها في المشاركة بهذا النظام، نظراً لم تمتلكه من قدرات اقتصادية وعسكرية وتقنية، باتت تنافس القدرات الأمريكية، ما يعني تغير القيم التي رسختها الولايات المتحدة منذ أكثر من ثلاثة عقود، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وسقوط القطبية الثنائية.

 تعلن الولايات المتحدة صراحة أن الصين باتت تشكل تحدياً ومنافساً استراتيجياً، وترى أن القيادة الأمريكية للعالم «ضرورية»، بما يعنيه ذلك من إصرار على عدم مشاركة أية دولة أخرى في النظام العالمي.

 يقول بايدن: «لا نسعى للمواجهة أو الحرب الباردة». لكن ذلك يجب أن يقترن بالأفعال، لأن السياسات الأمريكية الحالية، تستدعي كل مبررات المواجهة، والعودة إلى الحرب الباردة.

 لعل وزير الخارجية الأمريكية بلينكن يحمل في جعبته مقاربة جديدة للعلاقات مع بكين، تقوم على المنفعة المتبادلة، والمصالح المشتركة، وهناك الكثير من مجالات العمل المشترك التي تصب في مصلحة البلدين والعالم إذا ما تم التخلي عن منطق الاستئثار والتفرد في تقرير مصير العلاقات الدولية، والإقرار بأن العالم يتسع للجميع على قاعدة المساواة والعدالة والتمسك بالقانون الدولي كقاعدة للعلاقات الثنائية والدولية.

 يمكن للبلدين احتواء المنافسة الاقتصادية الشرسة من خلال المنافع المتبادلة، خصوصاً أن الولايات المتحدة هي ثاني أكبر شريك تجاري للصين بعد الاتحاد الأوروبي، حتى ولو كانت هناك منافسة في الاقتصاد والتجارة، فيجب أن تكون صحية وعادلة. كما يفترض التعاون وضع حد للتوتر بشأن قضية تايوان من خلال التمسك بالاتفاقات الموقعة بين البلدين على أساس الاعتراف بصين واحدة، والتخلي عن استراتيجية «الغموض الاستراتيجي» التي تمارسها الولايات المتحدة في تعاملها مع أزمة تايوان، للإبقاء على جذوة التوتر قائمة.

 هل تحقق زيارة بلينكن هذه الأهداف، أم أن لها أهدافاً أخرى؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/29sdma64

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"