التحالف ضد «داعش».. هل حقق أهدافه؟

00:18 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. صلاح الغول *
في العاصمة السعودية، الرياض، التأم أعضاء التحالف الدولي ضد “داعش” على المستوى الوزاري، في الثامن من الشهر الجاري؛ لبحث الجهود الدولية لمكافحة خطر التنظيم الإرهابي. وقد شاركت دولة الإمارات في الاجتماع بوفد رفيع المستوى ترأسه الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان. ويجب أن نتذكر أن الإمارات عضو في التحالف منذ تأسيسه في سبتمبر/أيلول 2014، وقامت بدور ريادي في الحرب على التنظيم الإرهابي.

على أي حال، يثير خبر الاجتماع تساؤلين يتعلقان بتقييم فاعلية التحالف بعد نحو عقد على إنشائه، وجدوى استمراريته في ضوء ما يبدو أنه أنجز مهمته الأصلية المتمثلة في “دحر تنظيم داعش وإلحاق الهزيمة به”.

واقع الأمر، نجح التحالف في قصم ظهر التنظيم وقياداته، منذ تدخله الحاسم لمساندة القوات الكردية المدافعة عن مدينة عين العرب “كوباني” في سبتمبر/أيلول 2014، مروراً بإسقاط “الدولة الإسلامية” أو “دولة الخلافة” المزعومة في سوريا والعراق بالسيطرة على الرقة في أكتوبر/تشرين الأول 2017، وإزاحة التنظيم عن آخر معاقله شرقي الفرات عام 2019، واعتقال عدد كبير من قياداته وكوادره، وانتهاءً باغتيال “خلفاء” داعش الأربعة بدءاً من أبوبكر البغدادي، الذي قُتل في عملية إنزال أمريكية في أكتوبر/تشرين الأول 2019 وصولاً إلى “أبو حسين القرشي” نهاية شهر إبريل/نيسان المنصرم على يد القوات التركية.

وبعد ما يبدو من أنّ التحالف الدولي ضد “داعش” أدى مهمته الأصلية في مواجهة خطر التنظيم في سوريا والعراق يثور التساؤل عن جدوى استمراريته.

وبالعودة إلى الاجتماع المذكور نجد أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أكد في كلمته إلى المجتمعين أنّ “الحرب على التنظيم لم تنتهِ بعدُ”. ورغم أن هناك من يرى أن الولايات المتحدة “اتخذت التحالف الدولي ضد داعش أداة لتنفيذ أجنداتها في المنطقة” فإنّ خطر التنظيم ما زال جاثماً على المنطقة وما وراءها.

بادئ ذي بدء، كشف التنظيم عن مرونة يتمتّع بها في أساليب العمل، وقدرة على التكيف مع الظروف الطارئة؛ ما يساعده على الاستمرار، وهو يعمد الآن إلى استراتيجية تقوم على الهجمات المنفردة المباغتة والسريعة في سوريا، والعراق، وغيرهما. ولا تزال المجموعات الإرهابية الموالية لداعش تواصل هجماتها المتنوعة، خصوصاً ضد قوات الجيش العراقي وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” ذات الأغلبية الكردية، فيما تستمر مخاطر مخيمات الإرهاب التي يقبع فيها العديد من الدواعش، وفى مقدمتها مخيم الهول، الذي تحوّل إلى بؤرة داعشية ملتهبة.

وخارج الهلال الخصيب، يستمر توحّش تنظيم “داعش” في قارة إفريقيا وفي أفغانستان؛ فقد تزايدت قوة ونفوذ التنظيم في غرب إفريقيا، وخصوصاً في نيجيريا، مع تنامي الهجمات النوعية للتنظيم ضد القوات الحكومية والمدنيين المتعاونين معهم على السواء. كما تصاعدت تهديدات التنظيم الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي، في ظل استمرار استهدافه القوات الدولية والأممية إلى جانب القوات الحكومية في كلّ من مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو. وكذلك، يواصل تنظيم “داعش” عمله في وسط إفريقيا، لا سيما داخل الكونغو الديمقراطية، حيث تتصاعد هجماته الإرهابية ضد القرى المسيحية في شرق البلاد، هذا إلى جانب استمرار استهدافه القوات الأممية والحكومة. وفي نفس الوقت، ترتفع وتيرة تهديدات “داعش” في منطقة بحيرة تشاد، التي تنشط فيها العديد من مجموعاته، كونها تمثل أحد مصادر تمويله؛ نظراً للإتاوات التي يفرضها على المهربين والتجار في هذه المنطقة. وأخيراً، يواصل تنظيم “داعش” في أفغانستان هجماته ضد المدنيين، مع استمرار استهدافه عناصر حركة طالبان.

والخلاصة أنّ المهمة الرئيسية للتحالف، الذي يضم 86 عضواً من الدول والمنظمات الدولية، قد تحوّلت من دحر تنظيم “داعش” وإلحاق الهزيمة به إلى منع عودة ظهوره، والإسهام في تحقيق الاستقرار في سوريا والعراق، ودعم المجتمعات الضعيفة في مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة، ومكافحة توسّع هذه الجماعة الإرهابية وتوحّشها في إفريقيا.

* متخصص في العلاقات الدولية والقضايا الجيوسياسية
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4kbkpby9

عن الكاتب

كاتب متخصص في العلاقات الدولية والشؤون الجيوسياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"