عادي

أمريكا والصين.. زيارة بلينكن وأزمة تايوان

22:31 مساء
قراءة 4 دقائق
بايدن وشي في قمة العشرين

كتب - بنيمين زرزور:

تستعد بكين لاستقبال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بعد غد الأحد، بينما يعلّق العالم آمالاً على الزيارة علّها تنزع فتيل الأزمة في مضيق تايوان، حيث بلغت الاحتكاكات حداً حرجاً وسط إصرار الأمريكيين على استفزاز الصين من جهة، وعناد بكين التي تتزايد قوتها وتفرض حضورها ليس في الإقليم فقط، بل على مستوى العالم، من جهة أخرى.

صارت أزمة تايوان مصدر قلق على وجه الخصوص، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا نظراً لما أثارته تلك الحرب من إغراءات لبكين، حيث يخشى المراقبون من استغلالها انشغال واشنطن والغرب في الحرب الأوكرانية، وبالتالي شن هجوم عسكري لاستعادة الجزيرة وضمها إلى البلد الأم، وهو ما أعربت عنه حتى دوائر صنع القرار الأمريكية، سواء في «البنتاغون»، أو خارجها.

ويعد مضيق تايوان، الذي يبلغ عرضه 130 كيلومتراً عند أضيق نقطة، قناة شحن دولية رئيسية تفصل بين تايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي والبر الصيني. ومنذ انفصال الصين الشيوعية وتايوان في نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949، أصبح الممر المائي الذي يفصل بينهما نقطة ساخنة جيوسياسياً.

الصراع حول تايوان

شهد المضيق أزمات متتالية تفاقمت إلى حد الصدام العسكري كما حدث عام 1995. وبعد ربع قرن تسببت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، نانسي بيلوسي، في أغسطس/ آب 2022 إلى الجزيرة، في إذكاء نار النزاع مجدداً، حيث أطلقت الصين التي اعتبرت الزيارة «استفزازية»، أكبر مناورات عسكرية حول تايوان، وأرسلت سفناً حربية وصواريخ وطائرات مقاتلة حاصرت الجزيرة.

ولا تزال الأزمة بين مدّ وجزر، حيث تكثف واشنطن حصارها للصين واتصالاتها مع زعماء تايوان المناهضين لبكين، التي تعزز بدورها من حضورها العسكري في محيط الجزيرة، وتصل الاحتكاكات إلى حد الصدام، بين الحين والآخر.

وتحتل تايوان مركز الصدارة في تفكير عدد متزايد من الأمريكيين في مواقع المسؤولية، سواء داخل غرف التداول المزخرفة في البيت الأبيض، أو حول طاولات صنع قرارات الحرب في «البنتاغون»، أو قاعات الكونغرس الكبرى، حيث يتحدث الجميع عن الأزمة.

ويردد الجميع تقريباً الأسئلة نفسها، ماذا سنفعل إذا هاجمت الصين تايوان؟ هل يمكن أن تصمد تايوان بما يكفي حتى وصول التعزيزات؟ وماذا لو خرج الصراع عن السيطرة وأصبح نووياً؟

هناك قلق واضح مما هو آت. فقد قال الأدميرال تشارلز ريتشارد، قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية، «لن يمر وقت طويل قبل أن يتم اختبارنا بطرق لم نتعرض لها منذ فترة طويلة. وبينما نجري تقييماً لمستوى ردعنا ضد الصين، تغرق السفينة ببطء».

يأتي تصريح ريتشارد وسط موجة من التحذيرات المشؤومة من كبار القادة المخولين الوصول إلى معلومات استخبارية حساسة عن الحزب الشيوعي الصيني، وقواته المسلحة.

ففي عام 2021، أخبر الأدميرال فيل ديفيدسون، قائد القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أن الصين قد تكون مستعدة لغزو تايوان في عام 2027، إن لم يكن قبل ذلك. وتتفق تقديرات عدد كبير من قادة «البنتاغون» حول الموقف. ففي فبراير/ شباط الماضي، كشف مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، أن الرئيس شي جين بينغ، أمر جيشه بأن يكون «جاهزاً بحلول عام 2027».

خوف تايواني

وتبدو النخبة العسكرية في تايوان أكثر قلقاً. وهؤلاء لا تخيفهم فوارق القوة بقدر ما يخيفهم الاحتمال المتزايد بعزم الصين على شن الحرب.

فقد قال الأدميرال المتقاعد لي هسي، القائد الأعلى السابق للجيش التايواني، «طالما لم يتغير النظام السياسي القائم على حكم الحزب الواحد في الصين، فلا بد أن يكون واضحاً أن ضم تايوان ليس سوى مسألة وقت. وهدف أولئك الذين يدرسون «التحذير الاستراتيجي» هو تحضير الأمة استعداداً للحرب بأسرع ما يمكن، وبالتالي توفير قوة رادعة».

وتلقى التحذيرات الاستراتيجية آذاناً صاغية في واشنطن وتايبيه، حيث يحشد الرئيس جو بايدن، الحلفاء الديمقراطيين، ويرسل طلبات عاجلة لشحن المعدات العسكرية، ويرسل مئات المدربين من القوات الأمريكية إلى تايوان.

أما الرئيسة تساي إنغ وين، فقد زادت ميزانية الدفاع في تايوان، وكثفت من تدريبات قوات الاحتياط، ومددت التجنيد الإلزامي من أربعة أشهر إلى عام كامل لجميع الرجال المؤهلين.

من جهة أخرى، وضع الرئيس شي ضم تايوان أولوية قصوى له، وينشط الحزب الشيوعي الصيني لتنفيذ متطلبات ذلك الهدف. فقد عززت الحكومة الصينية عمليات بناء أفضل قوة برمائية في العالم. ويشير الأدميرال لي إلى أن الجيش الصيني ينتج حالياً، وبكميات كبيرة، أسرع حوامات ودبابات برمائية في العالم. كما أنه أرسل أسطولاً ضخماً من الطائرات المروحية لعمليات الهجوم الجوي.

ويركز الجيش الصيني الذي يحظى بدعم لا محدود من القيادة السياسية، بميزات كثيرة، لعل أهمها الحصول على ما يحتاج إليه من موارد مالية وعينية. ففي عام 2019، اكتشف كونور كينيدي، الخبير بالشأن الصيني في الكلية البحرية الأمريكية، أن جيش التحرير الشعبي كان يسخّر سفنه التجارية الكبيرة في عمليات نقل قوات جاهزة. وفي الآونة الأخيرة قال لوني هينلي، المسؤول السابق عن عمليات الإنذار الاستراتيجي في وكالة استخبارات الدفاع، إن الأسطول غير التقليدي لجيش التحرير الشعبي يمكن أن يكون جيداً بما يكفي لإنجاح هجوم برمائي واسع النطاق.

وتقوم أجهزة التجسس التابعة للحزب الشيوعي الصيني، ووزارة أمن الدولة ومكتب الاتصال في جيش التحرير الشعبي، بتنفيذ حملة واسعة من العمليات السرية هدفها شل الحكومة والجيش والمجتمع التايواني من الداخل.

وفي حال فشل زيارة بلينكن في تحقيق اختراق وسط الجدل الحالي حول قاعدة التجسس الصينية في كوبا، يصبح احتمال شن الحرب قاب قوسين، أو أدنى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bebzrvpu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"