تدخّل في ما لا يعنيك

01:08 صباحا
قراءة دقيقتين

لا يتحقق نجاح أي جهة، إلا بوجود مدير يدرك أهمية ما يقدمه الموظفون على اختلاف درجاتهم من مقترحات بناءة وأفكار قيمة، من شأنها تحسين جودة العمل والارتقاء بآليته. وهذا ما يجعل الاجتماعات خير مكان لطرح كل جديد؛ لأنها تستحث عقل الموظف، وتثير في داخله الحماسة إلى الإدلاء بفكرة أو رأي يمكن أن يصب في مصلحة جهة العمل.

ومن الشائع جدّاً في معظم الشركات، ألّا يسمح المديرون لغير أصحاب الاختصاص بمشاركة آرائهم وتوصياتهم حول مجال محدد أو مسألة معينة يدور حولها النقاش، بحجة أن من لا يملك الخبرة اللازمة فلن يستطيع الإسهام برأي سديد أو فكرة نافعة.

وفي حال أبدى موظف جديد أو موظف خارج نطاق التخصص المطلوب استعداداً أو رغبة في إبداء رأيه وعرض أفكاره، تجد لسان حال الإدارة كأنما يقول: «لا تتدخل فيما لا يعنيك». فمن النادر أن تجد مديراً يرحب بمشاركات الموظفين بصرف النظر عن مؤهلاتهم؛ حيث يعتقد أغلبية الإداريين أن الأقدمية والتخصص عنصران جوهريان لا غنى عنهما، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بموضوع خاص أو مشكلة محددة.

عندما كان يدور نقاش في إحدى الشركات التي تُعنى بطباعة المعاملات الحكومية حول مشكلة تراجع إنتاجية الموظفين، وكثرة تغيبهم عن العمل بسبب المشكلات الصحية المتكررة، في مقابل الازدياد المطّرد للعملاء، مما يحول دون القدرة على مواكبة جميع متطلباتهم، كان لدى الموظف الجديد «سبنسر» اقتراح ذكي يقتضي تقسيم ساعات العمل، وتعيين موظفَين، كلّ منهما يعمل نصف عدد الساعات الموكلة سابقاً إلى موظف واحد فحسب. أي بدلاً من موظف واحد يعمل 8 ساعات، كان الاقتراح مبنيّاً على فكرة تعيين موظف جديد يعمل 4 ساعات، في حين يكمل زميله العمل من بعده 4 ساعات.

بهذه الطريقة، كان من الممكن تلبية طلبات العملاء وإنقاذ الشركة من إفلاس وشيك، إلا أن الفكرة بقيت حبيسة عقل «سبنسر»؛ لعدم إيمان الإدارة بقدرة موظف جديد على تقديم اقتراح قيّم. وبدلاً من ذلك تم تقديم اقتراحات من قبل موظفين قدماء تبين بعد فوات الأوان أنها زادت المشكلة تعقيداً، وأدت في نهاية المطاف إلى إغلاق أبواب الشركة.

في معظم الفرق الرياضية حول العالم، يرحب المدربون بالطاقات الشابة الواعدة، وهكذا يجب أن يكون المدير الناجح، صاحب أفق واسع، يترك المجال مفتوحاً لجميع العاملين تحت إشرافه بغض النظر عن أعمارهم أو مجال تخصصهم أو سنوات خبرتهم للتعبير عن آرائهم بحرية تامة. فلربما تأتيك فكرة عظيمة من موظف جديد، أو تحصل على اقتراح مذهل من أصغر عامل لديك وأقلهم خبرة، بينما يعجز من يفوقونه مهارة وخبرة عن الإتيان بمثله.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4v3vzayh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"