عادي
دعا إلى تصحيح الأخطاء ومواكبة النمو العالمي

غوتيريس: استجابة صندوق النقد والبنك الدولي للجائحة «فشل ذريع»

20:26 مساء
قراءة 5 دقائق
أنطونيو غوتيريس

إعداد: خنساء الزبير

ثلاث مؤسسات انبثقت من خلال رماد الحرب العالمية الثانية هي الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي تم إنشاؤها كنظام أساسي لنظام عالمي جديد. ولكن الآن، وفي خطوة غير معتادة، يضغط المسؤول الأعلى في إحداها، وهو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، من أجل إحداث تغييرات كبيرة في المؤسستين الأخريين، وفقاً لتقرسر نشرته «أسوشيتد برس».

ويقول غوتيريس: «إن صندوق النقد الدولي انتفعت به الدول الغنية بدلاً من الدول الفقيرة»، واصفاً استجابة كلٍ من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لجائحة كوفيد-19 بأنها فشل ذريع ترك عشرات البلدان مثقلة بالديون.

انتقادات غوتيريس هذه، التي جاءت في ورقة بحثية حديثة، لم تكن المرة الأولى التي يُطالب فيها بإصلاح المؤسسات المالية العالمية، لكنها التحليل الأكثر عمقاً لمشاكلهم والقاء للضوء على استجابتهم للوباء التي أطلق عليها «اختبار الإجهاد».

وصدرت تصريحاته قبيل اجتماعات دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس يومي الخميس والجمعة، لمعالجة إصلاحات بنوك التنمية متعددة الأطراف وقضايا أخرى.

السياسات

ولم يعلق صندوق النقد الدولي ولا البنك الدولي مباشرة على انتقادات الأمين العام ومقترحاته، لكن تعليقات غوتيريس تعكس تعليقات النقاد الخارجيين الذين يرون أن قيادة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مقصورة على الدول القوية التي تسيطر عليهما، وهو وضع مشابه لوضع الأمم المتحدة التي واجهت دعوات لإصلاحها.

وفي حوار أجرته «اسوشيتد برس»، قال موريس كوجلر، أستاذ السياسة العامة في جامعة جورج ميسون: «إن فشل المؤسسات في مساعدة البلدان الأكثر احتياجاً يعكس استمرار النهج من أعلى إلى أسفل، حيث يكون رئيس البنك الدولي مواطناً أمريكياً تم تعيينه بواسطة رئيس الولايات المتحدة، والمدير العام لصندوق النقد الدولي هو أحد مواطني الاتحاد الأوروبي المعين من قبل المفوضية الأوروبية».

وقال ريتشارد جوان، مدير مجموعة الأزمات الدولية في الأمم المتحدة: «إن هناك الكثير من الإحباط من سيطرة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على عملية صنع القرار، ما يترك للدول الأفريقية القليل من حقوق التصويت».

وأشار الى أن «الدول النامية تشكو أيضاً من ترجيح قواعد الإقراض للبنك ضدها».

وأضاف جوان: «من باب الإنصاف، ظل البنك يحاول تحديث إجراءات التمويل لمعالجة هذه المخاوف، لكنه لم يذهب بعيداً بما يكفي لإرضاء البلدان في جنوب الكرة الأرضية».

تصحيح الأخطاء

وقال غوتيريس: «إن الوقت قد حان لمجالس إدارات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتصحيح الأخطاء التاريخية، والتحيز والظلم المتضمن في الهيكل المالي الدولي الحالي».

وقد تأسست هذه «البنية» عندما كانت العديد من البلدان النامية لا تزال تحت الحكم الاستعماري.

وتم إنشاء كلٍ من صندوق النقد الدولي وما يعرف الآن باسم مجموعة البنك الدولي في مؤتمر عقد في بريتون وودز، نيو هامبشاير، في يوليو/ تموز 1944، لتكونا مؤسستين رئيسيتين في النظام النقدي الدولي بعد الحرب.

وكان على صندوق النقد الدولي مراقبة أسعار الصرف وإقراض العملات الاحتياطية للبلدان التي تعاني من عجز في ميزان المدفوعات. وسيقدم البنك الدولي مساعدة مالية لإعادة الإعمار بعد الحرب ولبناء اقتصادات البلدان الأقل نمواً.

وقال غوتيريس: «إن المؤسسات لم تواكب النمو العالمي، والبنك الدولي لديه 22 مليار دولار من رأس المال المدفوع، الأموال المستخدمة في قروض منخفضة الفائدة ومنح لبرامج التنمية الحكومية». وكنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهذا أقل من خمس مستوى التمويل لعام 1960.

وفي الوقت ذاته تمر العديد من البلدان النامية بأزمة مالية عميقة، تفاقمت بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وتوقف تخفيف أعباء الدين.

وأشار غوتيريس إلى أن «بعض الحكومات تُجبر على الاختيار بين سداد الديون أو التخلف عن السداد حتى تتمكن من دفع أجور العاملين في القطاع العام، ما قد يؤدي إلى تضرر تصنيفها الائتماني لسنوات قادمة»، لافتاً الى أن «إفريقيا الآن تنفق على تكاليف خدمة الديون أكثر من الرعاية الصحية».

ميل إلى الدول الغنية

وقال: «إن قواعد صندوق النقد الدولي تميل بشكل غير عادل إلى الدول الغنية، فخلال الوباء تلقت مجموعة الدول السبع الثرية، التي يبلغ عدد سكانها 772 مليون نسمة، ما يعادل 280 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، بينما البلدان الأقل نمواً، التي يبلغ عدد سكانها 1.1 مليار نسمة، خصصت لها ما يزيد قليلاً على 8 مليارات دولار».

وقال غوتيريس: «إن ذلك تم وفقاً للقواعد»، واصفاً إياه بأنه «أمر خطأ أخلاقياً»، داعياً إلى «إصلاحات رئيسية من شأنها تعزيز تمثيل البلدان النامية في مجالس إدارات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومساعدة الدول على إعادة هيكلة الديون، وتغيير حصص صندوق النقد الدولي وإعادة تنظيم استخدام أموال صندوق النقد الدولي».

كما دعا إلى «زيادة التمويل من أجل التنمية الاقتصادية والتصدي لتأثير تغير المناخ».

وعند سؤال المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، عن مقترحات غوتيريس في مؤتمر صحفي في 8 يونيو/ حزيران، قالت: «لست في وضع يسمح لي بالتعليق على أي من التفاصيل». وأضافت: «إن مراجعة حصص صندوق النقد الدولي من الأولويات ومن المتوقع أن تكتمل بحلول 15 ديسمبر/ كانون الأول».

استجابة غير مسبوقة

وفي رد مكتوب على استفسار من «أسوشيتد برس»، قال صندوق النقد الدولي إنه أعد استجابة غير مسبوقة لأكبر طلب على الإطلاق من البلدان للمساعدة في التعامل مع الصدمات الأخيرة.

وبعد انتشار كوفيد-19، وافق صندوق النقد الدولي على تمويل 306 مليارات دولار لـ 96 دولة، بما في ذلك قروض بسعر أقل من السوق لـ 57 دولة منخفضة الدخل. كما زاد الإقراض بدون فوائد أربعة أضعاف فوصل إلى 24 مليار دولار، وفي الفترة بين أبريل/ نيسان 2020 و2022 قدم حوالي 964 مليون دولار في شكل منح إلى 31 من أكثر دولة، حتى تتمكن من دفع خدمات ديونها.

وذكرت مجموعة البنك الدولي في يناير/ كانون الثاني: «إن مساهميها بدأوا عملية لمعالجة مستوى التنمية بشكل أفضل».

وقالت لجنة التنمية بالبنك في تقرير صدر في مارس/ آذار: «إن البنك يجب أن يتطور استجابة للاحتشاد غير المسبوق للأزمات العالمية التي قلبت تقدم التنمية وتهدد الناس والكوكب».

إصلاح الأمم المتحدة

ويأتي الضغط من غوتيريس لإصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الوقت الذي تواجه فيه الأمم المتحدة أيضاً مطالب بإصلاح هيكلها الذي لا يزال يعكس النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.

وقال جوان، مدير مجموعة الأزمات الدولية في الأمم المتحدة: «إن العديد من سفراء الأمم المتحدة يعتقدون أن إصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قد يكون أسهل بشكل هامشي، وأكثر فائدة للدول النامية من إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي تمت مناقشته منذ أكثر من 40 عاماً».

وبينما يتحدث غوتيريس وسفراء الأمم المتحدة عن إصلاح المؤسسات المالية، فإن أي تغييرات تعود إلى مجالس إداراتهم. وأشار جوان إلى أنه عندما قامت إدارة أوباما بتصميم إصلاح لحقوق التصويت في صندوق النقد الدولي في عام 2010، استغرق الكونغرس خمس سنوات للتصديق على الصفقة، والكونغرس الآن أكثر انقساماً واختلالاً في العمل.

وقال: «إن الحكومات الغربية تدرك أن الصين هي جهة الإقراض المهيمنة بشكل متزايد في العديد من البلدان النامية، لذلك لديها مصلحة في إصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بطرق تمنع الدول الفقيرة من الاعتماد على بكين للحصول على القروض».

وعقب اجتماع باريس، سيتواصل النقاش حول إصلاحات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في سبتمبر/ أيلول في قمة زعماء مجموعة العشرين في نيودلهي، وفي الاجتماع السنوي لزعماء العالم في الأمم المتحدة.

وقال المبعوث الرئاسي الأمريكي لشؤون المناخ جون كيري، في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس الأربعاء إنه سيحضر قمة باريس مع مسؤولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

ويأمل أن تكون سبل التمويل الجديدة أكثر تحديداً مما كانت عليه، وهذا أمر مهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7p5v46xv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"