عادي

الصبر

23:03 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

الصبر لغة: هو الحبس والكف، قال تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» (الكهف:28)، يعني احبس نفسك معهم، والصبر حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما، ويقال صبر يصبر صبراً، وصبَر نفسه.

والصبر في الاصطلاح الشرعي: هو حبس النفس على فعل شيء أراده الله، أو عن فعل شيء نهى الله عنه، فهو صبر على شيء أمر به الله، وصبر عن شيء نهى الله عنه.

إن الله وصف الصابرين بأوصاف، وخصّهم بخصائص لم تكن لغيرهم، وذكر الصبر في نحو تسعين موضعاً من الكتاب الكريم، وأضاف أكثر الدرجات والخيرات إلى الصبر وجعلها ثمرة له.

قال الإمام أحمد، رحمه الله، في كتاب «الزهد»، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «وجدنا خير عيشنا بالصبر».

إن للصابرين معيّة مع الله، ظفروا بها بخير الدنيا والآخرة، وفازوا بها بنعمة الله الظاهرة والباطنة، وجعل الله سبحانه الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين فقال تعالى: «وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ» (السجدة:24)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «بالصبر واليقين؛ تُنال الإمامة في الدين».

وجعل للصابرين أموراً ثلاثة لم يجعلها لغيرهم، وهي: الصلاة منه والرحمة والهداية «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» (البقرة 156-157).

كما جعل سبحانه وتعالى الصبر عوناً وعدة، وأمر بالاستعانة به، فقال: «.. اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ..» (البقرة:153)، فمن لا صبر له؛ لا عون له، وعلّق النصر على الصبر والتقوى فقال تعالى: «بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ» (آل عمران:125)، وقال صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن النصر مع الصبر»، وجعل سبحانه الصبر والتقوى جنة عظيمة من كيد العدو ومكره فقال: «.. وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ..» (آل عمران:120).

يقول الشاعر

لا تيأسنّ وإن طالت مطالبَة

إذا استعنت بصبر أن ترى الفرجَ

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته

ومدمن القرع للأبواب أن يلجَ

ويقول:

وقلَّ من جدَّ في أمر يحاوله

واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر

وورد في السنة ما يفيد بأن الصبر خلق يمكن تحصيله، فهناك أناس جبلهم الله على الصبر، وبعضهم جبله على قليل منه، فلو كان عند المرء نقص في هذا العمل من أعمال القلوب، فيمكن تحصيله بالرياضة النفسية والتدريب عليه والمجاهدة، فهو شيء ممكن اكتسابه، وليس شيئاً فطرياً فقط لا يمكن الزيادة عليه، والدليل على أن الصبر خلق مكتسب وليس خلقاً فطرياً فقط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ومن يتصبّر يصبّره الله».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2by8fe9b

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"