عادي
الحلف يستعرض قوته في «فيلنيوس» على بعد خطوات من بيلاروسيا

قمة الناتو.. بايدن بين تجنب الحرب العالمية الثالثة وطموحات كييف

16:38 مساء
قراءة 6 دقائق

الخليج - متابعات
حوّل حلف شمال الأطلسي «الناتو» مدينة فيلنيوس الليتوانية، إلى ثكنة عسكرية أو ما يشبه الحصن، محاط بأسلحة متطورة، لحماية الرئيس الأمريكي جو بايدن وزعماء الحلف الآخرين، خلال قمة تُعقد الأسبوع الجاري على بعد 32 كيلومتراً فقط من سياج حدودي تعلوه أسلاك شائكة يفصل بين ليتوانيا وروسيا البيضاء حليفة موسكو.

ويتحتم على بايدن التوفيق بين مهمتين معقدتين، خلال قمة الحلف الأطلسي الثلاثاء والأربعاء، الأولى تقضي بتعزيز دعم الدول الحليفة لكييف، فيما تتطلب الثانية تجنب الحرب العالمية الثالثة والاصطدام بموسكو، من خلال عدم الرضوخ لطموحات ومتطلبات كييف الملحة بإعلان الموافقة على انضمامها إلى حلف الناتو.

تحقيق التوازن

ويعتبر بايدن الذي يصل إلى ليتوانيا في ساعة متأخرة الاثنين، مسألة تحقيق التوازن تلك، أكبر إنجازاته في السياسة الخارجية، أي تَمكنه من جمع دول الغرب ضد روسيا، وفي الوقت نفسه تفادي حرب أوسع نطاقاً مع قوة عظمى نووية.
ورغم مخاوف من أن أوروبا أصبحت تعتمد بشكل كبير على موسكو، وأن الكونغرس الأمريكي غير فعال بدرجة كبيرة، سارع بايدن إلى فرض عقوبات واسعة ضد روسيا، ورصد مساعدات عسكرية كبيرة لكييف عقب الحرب الروسية الأوكرانية في شباط/فبراير 2022.
والآن مع انطلاق الهجوم المضاد الصيفي لأوكرانيا، سينضم بايدن إلى سائر قادة دول الناتو في أجواء حازمة.
وقال مستشار الأمن القومي جيك ساليفان، الجمعة: «بفضل قيادة الرئيس جو بايدن إلى حد كبير، سيُظهر الرئيس وحلفاؤنا وحدتنا وحزمنا في دعم أوكرانيا».

البداية بريطانيا.. النهاية فنلندا

ويبدأ بايدن جولته بتوقف سريع في بريطانيا الاثنين، ويختتمها بزيارة فنلندا العضو في الناتو الخميس. وثمة بند إضافي على جدول أعماله يتمثل في دفع تركيا إلى التخلي عن معارضتها لانضمام السويد إلى الحلف، بحسب «فرانس برس».
وسيستخدم فيلينيوس، الأربعاء، خلفيّة لخطاب بشأن رؤيته لأمريكا قوية وواثقة بنفسها، يحيط بها شركاء وحلفاء أقوياء واثقون بأنفسهم.

الحرب العالمية الثالثة

حتى في الوقت الذي يحفز فيه الحلف بشأن أوكرانيا، سيسعى بايدن لإبداء نوع من ضبط النفس.
ويظهر هذا الحذر في كل مرة تتصاعد الضغوط من كييف، عادة بدعم من بولندا ودول البلطيق الثلاث، لتزويدها بأسلحة أقوى وأكثر تطوراً، سواء دبابات أو مقاتلات إف-16. وتتعلق آخر نقطة شائكة بامتناع واشنطن عن إرسال صواريخ (ATACMS) التكتيكية بعيدة المدى، والتي تريد أوكرانيا استخدامها ضد قواعد روسية خلفية.
ويعتبر بايدن أن بعض الأسلحة تغير قواعد اللعبة إلى حد أنها قد تؤدي إلى رد روسي يمكن أن يجر القوات العسكرية الغربية إلى النزاع. كما قال مراراً: «يسمّى الحرب العالمية الثالثة».
ويتبع بايدن في لحظات مماثلة النهج نفسه تقريباً. يرفض في البدء ثم يلين موقفه. فإما أن يأذن بتسليم معدات مثل دبابات ومنظومات باتريوت المضادة للصواريخ، وإما أن يعطي حلفاء الضوء الأخضر على الأقل، لإرسال معدات عسكرية من ترسانتهم.

القنابل العنقودية

الجمعة، أعلنت الولايات المتحدة قرارها بتزويد أوكرانيا قنابل عنقودية، للمرة الأولى منذ بدء الأزمة الروسية الأوكرانية. وقال بايدن إن اتخاذه القرار كان «صعباً للغاية»، إلا أن ذخيرة الأوكرانيين تنفد.
لكن عندما يتعلق الأمر بأحلام أوكرانيا بالانضمام إلى الحلف الأطلسي، لا يبدو أن بايدن سيغير موقفه في وقت قريب.
وقد أعلن الرئيس الأوكراني هذا الأسبوع، أنه يريد دعوة للانضمام «الآن»، وقال لشبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية إن بايدن هو صانع القرار في الناتو.

دعم استثنائي

يرى الباحث في معهد «أتلانتيك كاونسل» للأبحاث جون هيربست، أن عدم تقديم نوع من التشجيع الملموس لأوكرانيا بشأن عضوية مستقبلية، سيكون هزيمة للناتو في فيلنيوس، وفقاً لـ «فرانس برس».
ويقول فيليب ريكر من مركز ويلسون: «إن هناك التزامات وضمانات أمنية معقولة، قد تسهم أكثر نحو مصالح أوكرانيا قصيرة الأمد وأهدافها بعيدة الأمد، بما يشمل العضوية الكاملة».
وأوضح ساليفان أن مواقف البيت الأبيض الداعمة والحذرة في الوقت نفسه في معركة أوكرانيا ستستمر.
وقال: «إن بايدن كان واضحاً، أننا سندعم أوكرانيا، طالما استدعت الضرورة، ونوفر لها كمية استثنائية من الأسلحة والقدرات... لكننا لا نسعى لبدء الحرب العالمية الثالثة»، بحسب «فرانس برس».

زيلينسكي يندد بغياب موقف موحد

وفي المقابل ندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، بغياب موقف موحد داخل الحلف الأطلسي «الناتو» حول مسألة انضمام السويد وأوكرانيا، محذراً من أن هذا يشكل «تهديداً» للأمن العالمي.
وقال زيلينسكي: «أعتقد أنه ليس هناك وحدة موقف كافية حول هذه المسألة، وهذا يشكّل تهديداً لقوة الحلف»، مضيفاً أن هذا في غاية الأهمية لأمن العالم بأسره.
وأكد: «نتوقع وحدة صف من الحلف، لأن قوته في وحدته».
وأضاف أن روسيا تعوّل على ضعف الحلف وانقسامه، وهو ما لا يُمكن السماح به.
كذلك طالب ببرامج مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا، مضيفاً: «ليس مجرد وعود بل استحقاقات زمنية محددة». وطالب بضمانات أمنية لأوكرانيا.

صيغة غامضة

وفي موقف مغاير للموقف الأمريكي، أعلن الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ الجمعة، أن قادة دول الناتو الـ31 سيعيدون التأكيد على أن أوكرانيا ستصبح عضواً في حلف شمال الأطلسي، وسيتحدون حول طريقة تقريب أوكرانيا من هدفها، من دون أن يوضح الصيغة التي سيتم الاتفاق عليها.
ويعمل الحلفاء على تحديد موقف مشترك حول الضمانات الأمنية التي ينبغي إعطاؤها لكييف، ودعوة أوكرانيا للانضمام مستقبلاً إلى الحلف.

ومن جهته أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، لدى استقباله زيلينسكي، أن أوكرانيا تستحقّ الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، مشدداً على ضرورة عودة روسيا وأوكرانيا إلى مباحثات السلام.


1000 جندي لحماية زعماء الحلف

أرسل 16 من الدول الأعضاء في الحلف ألف جندي تقريباً، لحماية القمة المقررة في 11 و12 يوليو/تموز، والتي ستعقد على بعد 151 كيلومتراً فقط من روسيا نفسها. كما قدمت العديد من الدول الأعضاء أنظمة دفاع جوي متقدمة لا تمتلكها دول البلطيق، بحسب «رويترز».
وقال جيتاناس نوسيدا رئيس ليتوانيا: «ترك أجوائنا بلا حماية مع وصول بايدن وزعماء 40 دولة، سيكون بمثابة شيء أكبر بكثير من مجرد تصرف غير مسؤول».
وتنفق كل من دول البلطيق، ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، التي كانت ذات يوم تحت حكم موسكو، لكنها صارت أعضاء في كل من حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي منذ عام 2004، أكثر من 2% من حجم اقتصاداتها على الدفاع، وهي حصة أكبر من التي ينفقها معظم أعضاء الحلف الآخرين.
لكن بالنسبة إلى المنطقة التي يقطنها إجمالي ستة ملايين نسمة فقط، فإن هذا الإنفاق لا يكفي لامتلاك جيوش كبيرة أو الإنفاق على الطائرات المقاتلة أو نظم الدفاع الجوي المتقدمة.

أسلحة جوية ودفاعات أرضية متطورة

ونشرت ألمانيا 12 من قاذفات صواريخ باتريوت، والتي تستخدم لاعتراض الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز أو الطائرات الحربية.
كما نشرت إسبانيا نظام الدفاع الجوي الصاروخي ناسامز، وترسل فرنسا مدافع هاوتزر من طراز قيصر ذاتية الدفع، ونقلت فرنسا وفنلندا والدانمارك أيضاً طائرات عسكرية إلى ليتوانيا، وقدمت المملكة المتحدة وفرنسا دفاعات مضادة للطائرات المسيّرة.
وأرسلت بولندا وألمانيا، قوات عمليات خاصة معززة بطائرات هليكوبتر. وأرسلت دول أخرى مستلزمات للتعامل مع أي هجمات كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية محتملة.
ويرى نوسيدا أن جهود الأعضاء لضمان السلامة الجوية خلال اجتماع الزعماء، تعني أن الحلف بحاجة إلى إقامة دفاعات جوية دائمة على وجه السرعة في دول البلطيق.
وقال للصحفيين: «نفكر في ما سيحدث بعد انتهاء القمة، وسنعمل مع الحلفاء على تشكيل قوة بنظام التناوب لتوفير حماية جوية دائمة».

تعزيزات على الحدود

وقال سكان محليون في قرى مجاورة لحدود روسيا البيضاء لـ«رويترز»، إنهم يشعرون بالأمان التام رغم عرض حليفة روسيا استقبال قوات فاغنر الروسية الخاصة، واستضافة أسلحة نووية روسية.
وزادت ليتوانيا قوات حرس الحدود على الحدود مع روسيا البيضاء وروسيا خلال الصيف إلى ثلاثة أمثال، وعززتها بجنود من لاتفيا وبولندا. كما أرسل البلدان رجال شرطة للمساعدة على تنفيذ الدوريات الأمنية في فيلنيوس.
واقترح رئيس بلدية فيلنيوس على السكان الذهاب لقضاء عطلة خارج المدينة إذا كانوا يرغبون في تجنب الأجواء الأمنية المشددة، إذ ستغلق أجزاء كبيرة في وسط فيلنيوس من أجل القمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p94shse

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"