عادي
«أرييل» من بيضاء ذات شعر أحمر إلى سمراء

«حورية البحر الصغيرة».. تجديد ينعش السينما الخيالية

23:56 مساء
قراءة 5 دقائق

مارلين سلوم

هوليوود تجتر قصصها، وتواصل النبش في دفاترها القديمة لتعيد إحياء أشهر وأنجح أفلامها خصوصاً أفلام الكرتون المخصصة لقصص خيال الأطفال، فتعيد تقديمها مجسدة بشخصيات من لحم ودم، مثل «سندريلا» و«بيوتي أند ذا بيست» و«بينوكيو» و«سنو وايت» الذي تم تحويله إلى أكثر من فيلم وتفرعت منه قصص رعب، حتى «باربي» تحولت هي أيضاً إلى نجمة سينمائية بفيلم جديد.. ولن تكون «حورية البحر الصغيرة» أو «ليتل ميرميد» آخر عنقود إنتاجات السينما العالمية، لكن صناعه عرفوا كيف يخرجون عن الإطار المألوف والمتوقع ليحدثوا صدمة للجمهور قبل صدوره وبعده، وذلك من خلال تحويل الحورية «أرييل» من بيضاء ذات شعر أحمر إلى سمراء تتماشى مع «موضة الأفروسنتريك»، وما يشفع لهذا الفيلم أنه مصنوع بشكل جيد ونجح في جذب الجمهور ومازال يعرض في الصالات.

من لا يعرف «ليتل ميرميد» والحورية أرييل الشقية المغرمة باكتشاف كل ما هو جديد وانبهارها بعالم البشر ورغبتها الجامحة في العيش على الأرض؟ تلك القصة التي عشنا تفاصيلها عام 1989 في الفيلم الرائع الذي نال جائزتي أوسكار محققاً نسبة إيرادات عالية جداً مقارنة بذلك الوقت ومقارنة بتكلفة إنتاجه التي بلغت نحو 40 مليون دولار، فيما حصد في شباك التذاكر عالمياً أكثر من 211 مليون دولار! كتبه سينمائياً وأخرجه جون ماسكير ورون كليمنتس وقد أخذاه عن قصة خرافية كتبها المؤلف الدنماركي هانز كريستيان أندرسن، صدر الكتاب عام 1837 كجزء من مجموعة من القصص الخيالية للأطفال. واليوم، وبعد 34 عاماً من ظهور أول فيلم، وضع الكاتب دايفيد ماجي لمسة إضافية وتعديلاً طفيفاً جداً مع حرصه على إبقاء القصة بكامل جوهرها وسحرها، وتولى مهمة الإخراج روب مارشال ليقدما النسخة الحديثة من «ليتل ميرميد»، مع اختلاف بالميزانية طبعاً، حيث بلغت تكلفة الإنتاج نحو 250 مليون دولار وتجاوزت الإيرادات حتى الآن عالمياً أكثر من 554 مليون دولار.

الصورة

وفاء للنسخة الأصلية

من أبرز الملاحظات التي تشعر بها والكفيلة بجعل الفيلم الجديد محبوباً ومرغوباً، أنه ظل وفياً للنسخة الأصلية ولم يبتعد عنها كثيراً، تماماً كما فعل صناع فيلم «بيوتي أند ذا بيست» والذي نال نجاحاً عالمياً فاق كل التوقعات؛ فالكبار من المشاهدين كما الصغار، يصعب إقناعهم بتغيير الصورة «النموذجية» لشخصية خيالية أحبوها في طفولتهم والتصقت بكل تفاصيلها وأغانيها ولحظات الإثارة والتشويق فيها بمخيلاتهم، كما من المستحيل إجراء أي تعديل على الأغاني والألحان التي رافقت «ليتل ميرميد» خصوصاً أغنية «أندر ذا سي» أو «تحت البحر» والتي نالت جوائز عالمية منها الأوسكار وما زالت محبوبة..

ذكاء روب مارشال المخرج المعروف بتميزه في إخراج المشاهد الاستعراضية والغنائية، والذي وضع بصمة مختلفة في أفلام نالت نصيباً من الشهرة مثل «شيكاغو» (2002) الذي ترشح عنه مارشال لجائزة الأوسكار كأفضل مخرج، «ناين» (2009)، «إنتو ذا وود» (2014) و«عودة ماري بوبنز» (2018) وغيرها.. بذكائه عرف كيف يحافظ على جوهر «ليتل ميرميد» ويجعل من أغنية «تحت البحر» لألن مينكن قطعة فنية بحد ذاتها، فهو يمزج بين التصوير والجرافيكس، الشخصيات الحية والكرتونية ويصور عالم تحت البحار بأجمل الألوان ويجعل من الأسماك وكل المخلوقات المائية وثمار البحر والقناديل وحتى السلاحف المائية فرقة استعراضية متناغمة والأغنية تستعيد رونقها ومكانتها لدى الجمهور.

الصورة

خط درامي أساسي

«حورية البحر الصغيرة» تجديد ينعش السينما الخيالية القائمة على حكايات الطفولة التي تمر بمراحل من الفرح والحزن وتصل إلى ذروة التشويق والقلق على مصير الأبطال، ثم تصل إلى النهاية الوردية المريحة؛ يحافظ الفيلم على خطه الدرامي الأساسي، أرييل (هالي بيلي) أصغر بنات ملك البحر تريتون (خافيير بارديم) السبع وأكثرهن دلالاً والأقرب إلى قلبه لأنها شديدة الشبه بوالدتها المتوفاة، حتى في طموحها وحبها لاستكشاف العالم البشري والسعي وراء الحب الحقيقي، ما يجعل الملك دائم القلق عليها خصوصاً أنها مراهقة فضوليّة ومتمردة، لكنها مع المخرج روب مارشال ومع تحولها من رسم كرتوني وغرافيكس إلى فتاة من لحم ودم تطورت أرييل وبدت أكثر عمقاً في التفكير وأكثر نضجاً وجدية في ملامحها مع احتفاظها طبعاً بتهورها وبراءتها؛ حتى الأمير إريك (جونا هوير كينج) بدا أكثر نضجاً وتفاعلاً وعلاقتهما أكثر منطقية من القصة الطفولية، حتى أن إريك يقدم أغنية في هذا الفيلم وهو ما لم تفعله الشخصية الكرتونية، أغنية «أريد» هي إضافة جيدة، كما يبدو الأمير أكثر من مجرد شاب وسيم وقبطان ظريف، ومشهد تجوله مع أرييل في المدينة وأسواقها ورحلتهما في العربة قبل الوصول إلى البحر، قربت العمل من الأفلام الرومانسية الجميلة والتي تتجاوز حدود القصص الطفولية السريعة.

الصورة

تطوير الأحداث

اللافت أيضاً أن هذا الفيلم يمتد إلى ساعتين وربع الساعة بينما الفيلم القديم لا يتجاوز الساعة و23 دقيقة، ورغم هذا «التطويل» إلا أننا لم نشعر بالملل ولا بحشو لمجرد ملء الفراغ بل جاء كنوع من التطوير للأحداث. القصة الأصلية ما زالت على حالها، أرييل يجذبها خيال سفينة عابرة فيقودها فضولها إلى مخالفة قواعد أبيها وحظره لبناته الصعود إلى سطح البحر، خوفاً من أن يلقين مصير والدتهن التي قتلها أحد البشر، بمساعدة صديقتها السمكة الصغيرة فلوندر (صوت جايكوب ترمبلي) والتي تخوض معها كل مغامراتها، ولا تنتهي رحلة الاستكشاف هذه بسلام، حيث تتسلل أرييل إلى حدود السفينة وترى إريك فتعجب به، وحين تهم بالمغادرة وتبتعد تقع الكارثة وتحترق السفينة وتسرع أرييل لإنقاذ إريك وتضعه على الشاطئ وتغني بصوتها الجميل وما إن يبدأ باستعادة وعيه حتى تشعر أرييل بقدوم مساعديه فتسرع إلى البحر وتختفي.

أمل اللقاء

يبقى صوت أرييل عالقاً في ذهن الأمير ويحاول بلا كلل البحث عن هذه الفتاة التي أنقذته، وتعيش أرييل على أمل اللقاء به مجدداً ولكن كيف؟ العمة أورسولا (ميليسا ماكارثي) الأخطبوط الساحرة الشريرة تعرف أن أرييل مغرمة فتستغل نقطة ضعفها، فتعقد مع الفتاة صفقة تقضي بمقايضة صوتها الرائع بزوج من الأرجل فتتحول أرييل إلى آدمية بالكامل وتتمكن من لقاء إريك لكنها لن تتمكن من الكلام واستعادة صوتها إلا إذا أحبها الأمير وأثبت ذلك. مغامرة توافق عليها أرييل وتغادر دون علم والدها يصحبها السلطعون سيباستيان (صوت دايفيد ديجز) وفلوندر وطائر النورس الحكيم سكاتل (صوت أوكوافينا).

تألق واستغراب

هالي بيلي متألقة في دور أرييل، لكنك تستغرب كونها سمراء ولا يمكنك تجاوز هذه النقطة حتى ولو لم تعترض عليها، إنما فقط بحكم التعود على شكل أرييل طوال تلك السنوات. هالي معبرة بنظراتها وحيويتها وابتسامتها الدائمة، ومشاهدها مع البطل جونا مميزة خصوصاً تلك التي تحاول فيها أرييل جعل إريك يكتشف عالم البحر وسحر كائناته، ومشهد جعله يكتشف بالإشارة والإيحاء اسمها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/27sd47mp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"