عادي
شريف عرفة يكرر تعويذة نجاحه مع «الزعيم»

«اللعب مع العيال» سياسة بروح الكوميديا

23:16 مساء
قراءة 4 دقائق

مارلين سلوم

شريف عرفة واثق الخطوة يمشي قدماً في عالم السينما، يعرف متى وكيف ومع من يخوض مغامراته السينمائية، ومنذ تعاونه الخماسي مع النجم الكبير عادل إمام («اللعب مع الكبار»، «الإرهاب والكباب»، «المنسي»، «طيور الظلام»، «النوم في العسل»)، أثبت أنه كبير يلعب مع الكبار في ساحات الإبداع السينمائي، ويكسب الرهان في كل مرة، سواء في أفلامه الكوميدية أم الاجتماعية الدرامية («اضحك الصورة تطلع حلوة»، «طيور الظلام»، «الكنز»، «الممر»، وغيرها الكثير..)، وها هو يضيف إلى رصيده مجازفة محسوبة وعملاً ناجحاً، يحمل توقيعه تأليفاً وإخراجاً ومعه «ابن الزعيم»، محمد عادل إمام الذي يتولى بطولة هذا الفيلم الاجتماعي الناجح والمستمر عرضه في الصالات «اللعب مع العيال».

هل حقق «اللعب مع العيال» إيرادات كافية في الصالات في مختلف الدول العربية التي عرض فيها؟ قد تبدو الأرقام ضعيفة حين نقارن بينه وبين فيلم تصدر قائمة الأكثر إيراداً وربحاً بفضل الدعاية الضخمة والحملة المبالغ فيها التي واكبته وهدفها دفع الجمهور لاختياره أولاً في الصالات، لكن بعيداً عن الضوضاء والصوت العالي، تكتشف أن أفلاماً أخرى عرفت بفضل جودتها ومضمونها وحرفية صانعيها والعاملين فيها وأبطالها كسبوا احترام الجمهور ونالوا حبه ورضاه، مثل «اللعب مع العيال» الذي قرر مؤلفه ومخرجه شريف عرفة، تكرار تعويذة النجاح التي عرفها مع الزعيم عادل إمام في خمسة أفلام مميزة منها «اللعب مع الكبار» إنما هذه المرة باللعب مع ابنه محمد بفيلم تعمد عرفة إطلاق عنوان له تيمناً باللعب مع الكبار كنوع من التحية للزعيم الكبير، واللعب على مشاعر الجمهور من خلال تذكيرهم بنجاح أعمال ملك الكوميديا التي تعاون فيها مع عرفة، وكنوع من الإيحاء بأن العملين متشابهان أو مترابطان بشكل ما، ليفاجأ الجمهور عند المشاهدة بأنه أمام فيلم جديد لا علاقة له من قريب أو من بعيد بما قدمه عرفة والزعيم.

محمد إمام وأسماء جلال

وقدر محمد إمام أن يكون ابن أحد أهم نجوم الفن في العالم العربي وربما يكون الأكثر جماهيرية في تاريخ الفن، ولا يختلف اثنان على حبه والاستمتاع بأعماله المسرحية والسينمائية والتلفزيونية، فنان استثنائي بحجم عادل إمام لا بد أن يترك إرثاً ثميناً وفي نفس الوقت يترك حملاً ثقيلاً على كتفي ولديه المخرج رامي إمام وشقيقه محمد. وطبيعي أن يرى الجمهور صورة الأب في كل ما يقدمه الابن في التمثيل، لذلك عرف محمد إمام فترة من التصدي للمقارنات التي أجريت بينه وبين أداء أبيه وعاند تلك الرياح التي حاولت التقليل من شأن موهبته لينجح في الفترة الأخيرة، وبعد تقديمه مجموعة أعمال تلفزيونية وسينمائية، في تجاوز تلك المرحلة الصعبة والوقوف بثبات في منطقة النجومية المستحقة، خصوصاً أنه يملك كل مؤهلات نجم الشباك ونجم الكوميديا الراقية الظريفة بلا افتعال أو سذاجة.

لا مقارنة

نجح التعاون الأول بين محمد إمام والمخرج شريف عرفة، لكنه لا يقارن بالنجاحات التي حققها المخرج في أفلامه السابقة مع عادل إمام والتي كان فيها عرفة مخرجاً فقط، بينما كتبها المؤلف الكبير الراحل وحيد حامد، وفرق كبير بين ما كتبه حامد وما قدمه شريف عرفة في هذا الفيلم، حتى ولو حاول هذا الأخير تقديم السياسة مغلفة بروح الكوميديا الساخرة، كما كان يفعل وحيد حامد؛ بل يمكن القول إن عدم وصول «اللعب مع العيال» إلى ذروة النجاح وإبهار الجمهور وترك بصمة لا يمكن محوها، سببه الضعف في سياق الكتابة، الفكرة جيدة، عن الأستاذ علام النخعاوي (محمد إمام) الذي يقرر الهروب من عروسه لاعبة القوى أرواح (ويزو) والتي تم تزويجه منها رغماً عنه، فقط من أجل أن يبقى الميراث وكسب أرباح الأسرة من مركز التعليم الذي يملكه والده محمود النخعاوي (حجاج عبد العظيم) ويعمل فيه كل الأعمام والعمات، بيد الأسرة فقط. قدم علام أوراقه وتم قبوله مدرّساً في إحدى المدارس النائية في شرم الشيخ، لكنه يفاجأ بأنها في خرابة، مدرسة مهجورة في منطقة شبه معزولة بين الجبال والصخور، وعلى الرغم من كل المشقات وربما استحالة العيش في هذا المكان وغرابة السكان، لاسيما زعيم القبيلة أبو عقيلة (بيومي فؤاد) وأبناؤه وكل أبناء وبنات القرية، يقرر علام تحدي الظروف والبقاء في المدرسة ومحاولة تعليم صغارها..

المخرج برفقة محمد إمام وباسم سمرة

رسائل الفيلم واضحة، تطغى عليها الفكرة الاجتماعية والتربوية طوال الوقت، إلى أن يقرر علام مواجهة أعدائه والمستغلين جهل أبناء القرية، والتصدي لهم من خلال تحصين الكبار والصغار بالتعليم والذي يعتبر السلاح الأهم والأقوى في أيدي أهل القرية وأبناء الوطن؛ يتوحدون ويتعلمون فيتمكنون من مواجهة العدو أبو مغزوم (باسم سمرة) الذي يحاول إغراء «الأستاذ علام» بتقديم كل وسائل الترفيه والمتعة له وإغرائه وتخديره بالخمور والمخدرات والسلاح.. فيتمكن أبو مغزوم من السيطرة على المنطقة بأسرها وبالتالي السيطرة على كل العقول وإعادة تشكيل وعي الناس والاستيلاء على الأرض. الحس الوطني يكون محرضاً ومحركاً كافياً لتعليم الأستاذ لتلاميذه كيفية مواجهة الجهل بالتعلم، وكيفية مقاومة كل عدو والتسلح بالجرأة اللازمة للحفاظ على الأرض والوطن، ويستمد علام قوته من قوة أبناء القبيلة أي أبناء سيناء الشرفاء الذين لا يهابون مواجهة العدو مهما كان جباراً بقوة سلاحه ومهما كانت وسائلهم الدفاعية أقل.

ولا نستطيع الوصول إلى الختام دون العودة إلى روعة أعمال شريف عرفة وعادل إمام ووحيد حامد، حيث كان هذا الأخير ملك الكتابة «السخرية السوداء» وتغليف الوجع والهم الوطني بقوالب ظريفة محببة، كان يجيد وحيد حامد اللعب على «الكبار» بالكتابة الذكية والرسائل المبطنة التي يقدمها للجمهور فيُضحكه ويُبكيه في آن، وكان يجيد كتابة الشخصيات والمواقف والأحداث لتترك أثراً في نفوس الجمهور وتعيش أبداً خالدة في ذاكرته وذاكرة السينما العربية؛ بينما يأتي «اللعب مع العيال» جميلاً آنياً، قد ترغب في مشاهدته يوماً ما، لكنه لن يكون خالداً ولن يرتقي إلى مستوى الأعمال الاجتماعية السياسية الوطنية الكوميدية التي نرفع لها ولصناعها القبعة في كل زمن وكلما شاهدناها أو تذكرناها.

أداء جيد

لا غبار على أداء الممثلين خصوصاً محمد إمام الذي يزداد نضجاً وخبرة وقدرة على إبراز موهبته الحقيقية و«الكاريزما» التي يتحلى بها، كذلك يبرز باسم سمرة وبيومي فؤاد وأسماء جلال ومجموعة الوجوه الجديدة من الأطفال، بينما تبدو ويزو مستفزة ومغالية في أدائها لدور الزوجة المتسلطة والقوية

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/s93bu9tn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"