عادي

قرية إندونيسية تغرق تحت البحر

13:24 مساء
قراءة 3 دقائق

تمبولسلوكو - أ ف ب

أصبحت حقول الأرز الخصبة في منطقة تمبولسلوكو، مجرد شبكة من الممرات الحجرية على سطح المياه التي اجتاحتها، في مثال على الكارثة التي قد يتسبب فيها تغير المناخ في المجتمعات الساحلية.

ما زال أكثر من 200 شخص يعيشون في هذه المنطقة الساحلية من جزيرة جاوة، رغم أن حياتهم تغيرت بشكل كبير، بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر وتآكل السواحل، والاستخراج المفرط للمياه الجوفية، ما تسبب في حالة التسيّل.

كما أن إزالة أشجار المانغروف من أجل إنشاء برك صيد في التسعينات، جعلت الساحل أكثر عرضة للفيضانات.

يتأمل سولكان (49 عاماً)، وهو مدرّس إندونيسي صوراً قديمة. يستذكر فرقة موسيقية ومجموعة من التلاميذ المبتسمين الواقفين على طريق اختفى الآن تحت المياه العكرة.

يقول هذا الرجل،مثل العديد من الإندونيسيين يحمل اسماً واحداً فقط، «لم تعد إلا مجرد ذكريات».

ويؤكّد ديني نوغروهو سوجيانتو، الأستاذ في جامعة ديبونيغورو، أن المياه غطت مسافة خمسة كيلومترات في الداخل حول تمبولسلوكو ومنطقة ديماك المحيطة.

وبحسب الدراسات العلمية، فإن المنطقة المحيطة بتمبولسلوكو تغرق بمعدل 20 سنتيمتراً سنوياً، وفق سوجيانتو، أي ضعف المعدل المسجل في عام 2010.

ويضيف الباحث «هذا أعلى معدل تسيّل تسجّله المنطقة على الإطلاق»، مشيراً إلى أن كارثة بطيئة في طور الحدوث.

يعد القرويون الذي يعيشون على الساحل الجاوي الضحايا الأوائل لحالة الطوارئ المناخية، وفقاً للباحثين الذين يقدّرون أن جزءاً كبيراً من مدينة جاكرتا مهدد بالغرق بحلول عام 2050.

- لا مستقبل

في تمبولسلوكو، رفع السكان الأرضية الخشبية لمنازلهم بالتربة لإبقائها جافة مع اشتداد حدة الفيضانات.

وأُجبر سولكان على نقل روضة الأطفال التي يملكها إلى موقع أكثر ارتفاعاً.

يقول سولارسو (54 عاماً) إنه منذ عام 2018، رفع أرضية منزله ثلاث مرات، بمجموع 1,5 متراً، وكلّفه ذلك نحو 22 مليون روبية (1451 دولاراً أمريكياً).

تغمر المياه أرضية منزله عند ارتفاع المد، وهو يقول إنه يخشى أن تؤدي موجة أكثر عنفاً إلى تدمير منزله.

تواجه خواريا (42 عاماً) وهي ربة منزل، صعوبات في التسوق أو اصطحاب أطفالها الثلاثة إلى المدرسة بسبب الطرق المغمورة بالمياه.

- سأبقى هنا

وتقول: «الحياة أصبحت أصعب، كل مرة تجتاح فيها المياه منزلي، أتمنى لو كان باستطاعتي الانتقال» منه.

ويتوقّع أن تتفاقم المشكلة مع تغير المناخ.

وتقدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، أن ارتفاع الحرارة درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، قد يرفع مستويات سطح البحر 43 سنتيمتراً بحلول القرن المقبل.

كما رفعت مقبرة القرية إلى أرضية أعلى لتنجب غمرها، أقام القرويون سداً مرتجلاً بإطارات.

كذلك، موّل السكان ممراً حجرياً لربط منازلهم ببعضها، وليتمكّنوا من الوصول إلى قبور أحبائهم.

ويقول شوارول تاميمي (24 عاماً): «الحياة رتيبة هنا. غالباً ما يخرج الشباب لأنهم يكرهون البقاء في منازلهم التي غالباً ما تغمرها المياه».

ويضيف أنه قبل وصول القوارب إلى القرية، كان يسير في الشوارع التي غمرتها المياه من أجل الذهاب إلى العمل، مزوداً بثياب إضافية.

وطالب البروفيسور سوجيانتو الحكومة بتزويد السكان إمكانية الوصول إلى المياه الجارية لتقليل الاعتماد على المياه الجوفية والنظر في الردم بالرمال لملء التآكل.

ويشرح «إذا لم نرمم الساحل الأصلي، لن نتمكن من حل هذه المشكلة بطريقة دائمة».

في تمبولسوكو، يرفض سولكان الاستسلام، ويؤكد أنه سيبقى هنا ليعلم جيلاً جديداً من الأطفال، ويقول: «ما دام هناك سكان ومنازل، سأبقى هنا».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3c2t68re

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"