خارج نطاق الخدمة

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

مع اقترابنا من عصر الاستحواذ للذكاء الاصطناعي، تواصل التكنولوجيا إعادة تشكيل جوانب حياتنا كافة، بما في ذلك طرائق تربية وتقويم أبنائنا؛ إذ يعاني الأبوان الجاهلان تكنولوجيّاً، تحدياتٍ فريدة وصعوبات بالغة في توفير بيئة آمنة لرعاية وحماية أطفالهما من المخاطر الرقمية.
ورغم عدم بلوغ التكنولوجيا ذروتها بتطوراتها، وتطبيقاتها المتنوعة، ومساراتها المتعددة، رصدنا فجوة رقمية كبيرة بين الآباء وأطفالهم، لاسيما البارعون في «علم التقنيات» القادرون على الانتقال بسلاسة بين الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وفي المقابل ما زال لدينا بعض الآباء «خارج نطاق الخدمة»؛ لعدم إدراكهم ماهية العالم الرقمي ومحتوياته وأهميته، ليظهر جلياً «خلل جديد» في نظام التربية الحديثة، فالأبناء يغردون في سرب التقنيات الحديثة والوالدان يجهلان سرد الأبناء.
جهل الوالدين بالتكنولوجيا يكشف محدودية القدرات عند توجيه وإرشاد أبنائهما نحو الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا؛ لعدم وجود فهم واضح للمنصات والتطبيقات الرقمية، فضلاً عن تعذر إمكانية وضع حدود ملائمة لوقت الاستخدام، وتقييم المحتوى ومؤثرات التفاعلات، لنُجابه بالتبعية إشكالية سقوط الأبناء في خطر الإدمان الرقمي، أو تعرضهم للمحتوى غير اللائق.
مفتقرو معارف التكنولوجيا من الآباء، لا يملكون القدرة على تطبيق الرقابة الأبوية ومراقبة المحتوى، وليس لديهم تدابير السلامة الكافية لحماية أبنائهم من تهديدات الإنترنت ومحتالي العالم الرقمي، ما يجعل أطفالهم «صيداً ثميناً» لسارقي الهوية والتسلط عبر الإنترنت، في وقت يعدّ ضمان الأمان عبر الإنترنت أمراً بالغ الأهمية في العصر الرقمي. وإذا توقفنا مع التعليم، نجد أن للتكنولوجيا دوراً محورياً في مكوناته، حيث تمكين الأبناء من ثروة الموارد التعليمية، فتواضع خبرات ومعارف الوالدين للتكنولوجيا يهدم ما تبنيه مؤسسات التعليم من قدرات وثقافات تعليمية ومعرفية ورقمية للطلبة، لتتسع الفجوة ويتقلص معها دور الأبوين في رحلة تعلم أبنائهما، فالضرورة هنا حتمية لمحو أمية التكنولوجيا لدى الوالدين، مع المحافظة على الاتصال المفتوح والانخراط في مناقشات الأبناء حول تجاربهم الرقمية واهتماماتهم، وليعلم كل ولي أمر أن محاضرات الإرشاد والتوعوية في المدارس ليست «وجاهة اجتماعية».
ونقولها صراحة إن التكنولوجيا جزء أصيل في تربية الأطفال في عصر الذكاء الاصطناعي، وجهل الوالدين في هذا الشأن تتعاظم معه التحديات، التي يرافقها مؤثرات جمة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمية في الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا والأمن السيبراني والتعليم والتواصل والترابط العاطفي.
والمطالبة العاجلة للأبوين في ظل تنامي الذكاء الاصطناعي حالياً، تكمن في ضرورة فهم المشهد الرقمي والتنقل فيه بعناية ودقة، لتمكين أبنائهما في العصر الرقمي، ورفدهم بالمهارات والمعارف والقدرات لاتخاذ خيارات مسؤولة في عالم يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا المتغيرة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4fb47tce

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"