دار القوة الناعمة

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

«كبار النجوم»، هذا اللقب يوحي للجمهور بأن كل نجم كبير قد حقق من الجاه والمال ما يوازي ما حققه من الشهرة والنجاح؛ في زمننا هذا قد يكون الكلام منطبقاً على فئة من الفنانين، حتى فئة من المشاهير الذين لا يمكن اعتبارهم كباراً بحجم الخبرة وسنوات العمل؛ بل بحجم الانتشار والشعبية التي حصلوا عليها في سنوات قليلة ونالوا من خلالها نصيباً وافراً من الربح المادي، لكن الأمر لم يكن كذلك في سنوات ليست ببعيدة؛ بل عانى النجوم كثيراً ومات منهم كباراً في القدر والخبرة والموهبة دون أن ينالوا أي نصيب من الوفرة المادية ولا الثراء؛ بل منهم من وصل إلى حال الفقر وتعثر عليه توفير العلاج والدواء والمأوى.

المأوى، كلمة تبدو بسيطة وعادية، لكنها تعني «الحياة والموت» بالنسبة لأشخاص عرفوا المجد ولاحقتهم الأضواء وحلم بهم الجمهور واقتدى بهم ولاحقهم، ليجدوا أنفسهم بعد رحلة طويلة من الكفاح والنجاح والتصفيق يعزلهم المرض وسوء الحال وكبر السن والأصعب أن كل الشهرة لم تكف لتوفير غطاء وسقف يأويهم حين يتقدم بهم العمر وتنحسر الأضواء ويبهت وهج الشهرة.

الأمثلة كثيرة حين نتذكر من عانوا المرض وسوء الحال، منهم فاطمة رشدي، والفنان الكبير أمين الهنيدي، الذي مات في المستشفى ولم يستطع أهله تسديد مصاريف علاجه لاستخراج جثته لدفنه، وإسماعيل ياسين، الذي حاصرته الديون وباع كل أملاكه، كذلك عبدالسلام النابلسي الذي أصيب بمرض خطِر وأعلن أحد البنوك إفلاسه وعاش معزولاً، واستيفان روستي، جمع له الناس مصاريف جنازته، وعبد الفتاح القصري، ختم حياته بعد مرضه في غرفة صغيرة تحت السلم..

ما أعادنا إلى سير هؤلاء الكبار ومآسيهم، خبر بدء استقبال أول دار لرعاية كبار السن من الممثلين والفنانين في مصر نزلاءها، تلك الدار التي جاءت بمكرمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لتحتضن كل من يحتاج إلى رعاية ومأوى من أهل الفن من ممثلين وكل من يقفون خلف الكاميرا حتى الفنيين.. دار تضمن حياة كريمة لأهل هذه المهنة.. نقيب المهن التمثيلية، أشرف زكي لا يكل ولا يمل ويسعى في كل اتجاه كي يحقق للفنانين والعاملين في هذا المجال ما يستحقونه من احتضان ورعاية، خصوصاً حين تتقدم بهم السن وحين تتعثر أحوالهم المادية، والأهم أن «دار القوة الناعمة للرعاية» تستضيف نزلاءها مجاناً ودون أي مقابل.

باب جديد تهب منه رياح الأمل، كان يحتاج إلى هذه الرعاية الكريمة كي يتم تكريم من يسعدونا ويدخلون البهجة إلى قلوبنا بأشكال وألوان مختلفة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2j5hpfrx

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"