ليس مستهتراً ولا مدللاً

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

زمننا مختلف عن زمنهم، هذه العبارة التي يرددها كل الأهالي اليوم يستخدمها البعض للتعبير عن استياء من «الجيل الجديد» باعتبار أنه مستهتر أو مدلل ولا يتحمل مسؤولية.. لكن الواقع يقول غير ذلك، فمن نسميهم «هذا الجيل» من أبنائنا الشباب والمراهقين يعيشون وفق معايير زمنهم التي اختلفت وتطورت بطبيعة الحال عن زمن آبائهم، ويتحملون المسؤولية ويجتهدون ويتعلمون ويبحثون ويقرؤون ويعملون.. لكن بما يتماشى مع تطور الحياة نفسها. 
كثير من المشاريع الصغيرة التي نراها هنا وهناك يقف خلفها شباب ابتكروا الفكرة أو طوروا فكرة سبقهم إليها آخرون، وصمموا ونفذوا وقدموا مشروعاً تجارياً يشقون به طريقهم، ويجدون من خلاله مكاناً لهم وسط الكبار؛ وكثير من الأحلام تبدأ بخطوات صغيرة وتتحوّل إلى مشاريع حقيقية ناجحة وأحياناً مبهرة.. كذلك كثير من شبابنا نجدهم يبحثون بأنفسهم عن أي فرصة للعمل وتحقيق الذات خلال العطلة الصيفية، ولا يتّكئون على معونة أهلهم كي يتسكعوا ويقضوا الصيف في سفر وعلى البحر أو في استرخاء تام بلا إحساس بالمسؤولية. 
ننتعش نحن الأهل رغم حرارة هذا الصيف الحارقة، كلما رأينا شباباً وفتيات يعملون في مؤسسات أو في أعمال تطوعية أو في مطاعم ومقاهٍ خلال العطلة الصيفية، ونفرح حين نرى من الأبناء من يلتحق بدورة صيفية ليزيد من مهاراته أو ليطوّر من موهبته وقدراته أو ليتدرّب في مجال تخصصه الجامعي، ومن يسعى لاكتساب مهارة وهو بعد طالب ثانوي.
كل عمل سواء كان تعليمياً أو تدريبياً أو تطوعياً، يساعد على صقل شخصية الشباب ويزيد ثقتهم بأنفسهم، ويساعدهم على التدرب على مواجهة الحياة العملية مبكراً، وكيفية التعامل مع الواقع بشكل عملي وهو ما يختلف بلا شك عن المعلومات التي يتلقاها الطالب بشكل نظري خلال دراسته سواء في المدرسة أم الجامعة؛ وهناك جامعات وهيئات شبابية في الإمارات تقدم برامج متنوعة، تلبي احتياجات الطلاب خلال الصيف، وتساعدهم على اكتشاف مجالات جديدة واكتساب مهارات في مختلف المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية.
أولياء الأمور يدعمون الأبناء لكن ليس دائماً، فهناك من يبث في نفوس أبنائه الإحباط ويردد على مسامعهم عبارات تشعرهم بعدم الثقة بالذات، وبأنهم أبناء جيل فاشل يتّكل على غيره ولا يجيد تحمل مسؤولية نفسه؛ بينما لا يحتاج الأبناء في هذه المرحلة العمرية إلا التفهم والوعي والدعم من الأهل، كي ينطلق كل منهم ويواجه الحياة بجرأة وثقة ولا يخشى الخطأ، فمن الطبيعي أن يخطئ ويتعلم ثم يصحح وينطلق من جديد. 
أبناء هذا الجيل لهم أدواتهم وطريقة تفكيرهم، التي نفاجأ بها أحياناً ونفاجأ بأنها ثرية، وفيها الكثير من الابتكار والحماس والأحلام القابلة للتنفيذ، وكل ما ينقصهم هو الدعم والتشجيع والتقدير.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44zhrdpd

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"