عادي

هل يمكن لآلة أن تفكر؟

23:06 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

هناك روابط قوية بين ابتكار الحاسبات وظهور الذكاء الاصطناعي، غير أن بذور الذكاء الاصطناعي بذرت قبل فترة طويلة من ابتكار الحاسبات الحديثة، فقد نظر فلاسفة مثل ديكارت إلى الحيوانات من منظور أدائها الآلي، وكانت الآلات ذاتية الحركة أسلافاً للروبوت الشبيه بالإنسان اليوم، غير أن قصص الكائنات الاصطناعية يمكن إرجاعها أيضاً إلى تاريخ أبعد من ذلك، فهي تعود إلى الأساطير اليونانية مثل بجماليون.

لعل من أعظم رواد هذا الميدان العالم البريطاني آلان تورنج؛ ففي خمسينيات القرن العشرين (قبل فترة طويلة من ظهور الحاسبات الحالية) كتب تورنج بحثاً مبدعاً حاول فيه الإجابة عن السؤال: هل يمكن لآلة أن تفكر؟ وحتى مجرد طرح السؤال في ذلك الوقت كان بمثابة ثورة، وبعد ذلك بفترة قصيرة صنع مينسكي مارفين وإدمونز دين ما يمكن وصفه بأنه أول حاسوب ذكاء اصطناعي، مكون من شبكة تعمل وفقاً لنماذج الخلايا العصبية.

وظهر مجال الذكاء الاصطناعي في الواقع مع مولد الحاسبات (الكمبيوتر) في الفترة ما بين عقدي الأربعينيات والخمسينيات، وفي المرحلة المبكرة لتطوره، كان الاهتمام يتركز بشكل واضح على جعل الحاسبات تقوم بأشياء، إن حاكت فعل الإنسان فسوف تعتبر ذكية، وتضمن ذلك في الأساس جعل الحاسبات تحاكي بعض أو كل مظاهر سلوكيات البشر، وفي عقدي الستينيات والسبعينيات أثار هذا جدلاً فلسفياً، عن مجرد مطابقة الحاسوب للمخ البشري، وما إذا كانت أوجه الاختلاف مهمة حقاً، وعلى أية حال فإن هذه الفترة التي يشار إليها في الكتاب – بالذكاء الاصطناعي الكلاسيكي، كانت محدودة الأهمية.

تفوق

يرى كيفن واريك في كتابه «أساسيات الذكاء الاصطناعي» (ترجمه إلى العربية هاشم أحمد محمد) أننا في عقدي الثمانينيات والتسعينيات رأينا نهجاً جديداً بالكامل، نوعاً من الدراسة العميقة لهذه المسألة، تتمثل في بناء أمخاخ اصطناعية بشكل فعال لتخليق ذكاء اصطناعي، وهذا فتح باب الاحتمالات على مصراعيه، وأوجد مجموعة جديدة تماماً من الأسئلة، لم يعد الذكاء الاصطناعي يقتصر على مجرد محاكاة الذكاء البشري، وإذا كان في بعض الحالات مبنياً على محاكاة طريقة أداء المخ البشري، فقد دانت السبل ليكون أكبر وأسرع وأفضل، وتجسدت النتيجة الفلسفية لهذا، أن أصبح من الوارد أن يتفوق المخ الاصطناعي على المخ البشري.

يوضح الكتاب أن السنوات الأخيرة شهدت انطلاقة جبارة، فالتطبيقات الحقيقية للذكاء الاصطناعي ولا سيما في مجالات الشؤون المالية والصناعة والقطاعات العسكرية تؤدى بطرق لا يستطيع المخ البشري منافستها، وقد صار للأمخاخ الاصطناعية الآن هيكلها الخاص، الذي تستطيع من خلاله أن تتعامل مع العالم بطريقتها الخاصة، وتنتقل فيه وتعدله كما تشاء، وتعطي حالياً القدرة على التعلم والتكيف، وتمارس رغباتها فيما يتعلق بالبشر، وهذا يثير جميع أنواع القضايا في المستقبل.

تطبيقات عديدة

يمتلك الذكاء الاصطناعي حاليا تطبيقات عديدة، سواء كانت تطبيقات ذات أغراض عامة مثل الإدراك والتعليل المنطقي، أو كانت مهمات ذات غرض خاص مثل لعب الشطرنج أو التشخيص الطبي، غالباً فإن الخبراء والعلماء يتوجهون إلى الذكاء الاصطناعي لحفظ خبراتهم وتجاربهم، التي قضوا فيها حياتهم، فالذكاء الاصطناعي مجال عالمي يصلح لجميع التوجهات.

وقد عرض المؤلف مادة الكتاب بطريقة مبسطة وشائقة، حيث قسّمه إلى مقدمة وستة فصول، تناول فيها تعريف الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي الكلاسيكي، وفلسفة الذكاء الاصطناعي، والذكاء الاصطناعي الحديث، والروبوت، واستشعار العالم، وختم الكتاب بقائمة من المصطلحات الفنية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdefkenx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"