مسؤولية مشتركة

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

يتأهب الميدان التربوي لاستقبال المعلمين والهيئات الإدارية والفنية في غضون الأيام القليلة القادمة، إيذاناً ببدء العام الدراسي الجديد 2023-2024، في رحلة جديدة لقطار العلم والمعرفة، ومحطات متجددة في مسيرة بناء الأجيال لمستقبل واعد ومشرق.
المعلمون يشكلون أبطال المشهد التعليمي في المجتمعات كافة، صناع الأجيال الذين ينسجون بدقة خيوط المعرفة في ميادين العلم؛ إذ لديهم مفاتيح العقول والإلهام والإمكانات وبناء القدرات وغرس القيم، وفي أيديهم إمكانات قادة المستقبل والعلماء والفنانين والمفكرين والمبدعين.
إن عودة المعلمين إلى ربوع العلم لا تعني استئناف الدروس فحسب، ولكن تعدّ استمراراً للآمال والطموحات، ولكن ينبغي أن يعلم الجميع أن أعباء التعليم ومسؤولياته لا تقع على عاتق المعلمين فحسب، لكن يجب أن يكون الآباء والأبناء شركاء فاعلين في تلك المسيرة، فالعمود الفقري لأي نظام تعليمي ناجح يرتكز على الثلاثي القوي الذي يضمّ المعلم والطالب وولي الأمر.
وإذا نظرنا إلى دور الوالدين، نجد أن الآباء يشكلون العنصر الرئيسي الذي تُبنى عليه قيم الطالب ومواقفه وأخلاقياته، من خلال المشاركة النشطة في تعليم أطفالهم، فالتعلم جهد تعاوني، والسعي وراء المعرفة يتجاوز حدود قاعات الدروس، ويتحمل الطلاب أيضاً دوراً لا يمكن إنكاره في هذه المعادلة؛ إذ يشكل الموقف المتجاوب واحترام المعلمين والالتزام حجر الزاوية في مساهمة الطالب في النظام البيئي التعليمي.
لا يحتاج المعلم إلى الاحترام فحسب، بل يحتاج أيضاً إلى الدعم الحقيقي، والموارد الكافية، وفرص التطوير المهني المتنوعة، لمواكبة التطورات والمستجدات، ولا ننسى بيئة التدريس المواتية التي تشكل ضرورة ملحة لنجاحه في أداء الرسالة، والاعتراف بتفانيه يعدّ تقديراً يرفع معنوياته، ويحفزه على الابتكار والإبداع باستمرار في مناهجه التربوية. المعلم يعيش في مهمة رسمية لا تنتهي، لاسيما هذه الأيام التي تشكل عالماً متغيراً، يحيطه تقدم تكنولوجي متسارع، وأعراف مجتمعية دائمة التطور، وهنا تكمن أبعاد المهمة؛ إذ إن المعلمين مكلفون بإعداد الطلاب وتأهيلهم لوظائف مستقبلية ومهن لم توجد حتى الآن، وهذا يؤكد أهمية الاستثمار في قدرات ومهارات المعلم إذا أردنا الاستثمار في إمكانيات الأجيال.
ونحن على أعتاب عام دراسي جديد، تأخذنا الحاجة إلى تضافر الجهود والعقول والرؤى نحو التزامنا بالتعليم، ودعم المعلمين قدر المستطاع، وتمكينهم من أداء دورهم المحوري في العملية التعليمية، وضرورة المحافظة على هيبة صناع الأجيال ومكانتهم الرفيعة بين فئات المجتمع كافة.
دعونا نحتفل بالذين يكرسون حياتهم لنحت عقول الأبناء، ولنتذكر أن التعليم مسؤولية مشتركة، تحتاج دائماً للثلاثي القوي، الذي يضمّ المعلمين وأولياء أمور والطلاب، لخلق بيئة يزدهر فيها العلم والمعرفة، وتنهض من خلالها الأجيال لمواجهة تحديات المستقبل بحكمة وثبات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr28vf2d

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"