مريم جمعة فرج

04:24 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

بين «الفيروز» و «الماء» صاغت قلائد من أبجدية السرد النابض بالحس الصادق، المرصع بشاعرية عذبة كتبت بحرفية حاذقة تنبض من كل جوانبها رائحة هذه الأرض بأفراحها وأتراحها، مرسلة صوتها كأنه «النشيد» ليسمعه كل من على هذه البسيطة من عشاق الحرف والكلمة.
هي من رواد السرد، وأوائل من كتب القصة القصيرة في الإمارات، وليست رقماً عادياً في قافلة الكتاب، بل لها الفرادة في التميز واللغة والموضوعات المتناولة، تكتب بإحساس مرهف تفوح من كل جوانبه قدرتها على الرصد والسبك والتوظيف، لغتها خليط متقن متوازن من القص والشعر، حفرت من خلاله اسمها كإحدى أعلام القصة القصيرة التي يشار لها بالبنان في الدولة، لم تكتفِ بذلك، بل غاصت في عالم البحث العلمي والأدبي اللصيق بالوطن، فكان لها «الغوص على اللؤلؤ» دراسة في النظام الاقتصادي والاجتماعي والثقافي: الإمارات نموذجاً، وعرجت على مخزون الذكرة في دراسة مقاربة بين المحلية والعالمية ل«الحكاية الشعبية في دولة الإمارات»، تكتب المقالة الصحفية الثقافية باقتدار العارف المتمرس.
شخصيتها الهادئة الصادقة أكسبتها الكثير من الشفافية، متصالحة مع ذاتها؛ لذا لا تسمع صوتها إلا همساً، لا تعرف معنى الغيبة فهي لا تتحدث عن أحد أبداً بما يسوء، تمارس الابتسام في أحلك الظروف، حتى وإن كانت تنزف من الداخل.
غابت عن الساحة الثقافية قبل مدة ليست بالقصيرة، لم يلحظ غيابها أي مؤسسة من المؤسسات الثقافية التي كانت حاضرة في فعالياتها، ومشاركة فاعلة في أنشطتها، وكأن لسان حال تلك المؤسسات هو الجحود والنكران، وهذا ليس معها فقط، فهو ديدن تلك المؤسسات مع أغلب الكتاب والأدباء والفنانين والمبدعين، ترحب بهم في حضورهم، وتنساهم حينما يغيبون لأي سبب كان.
مريم جمعة فرج القاصة والكاتبة والباحثة والإنسانة الصادقة، أختي التي أتشرف وأعتز بها و بأخوّتها، غيبها المرض الذي كاد أن يودي بها، ولولا عناية الله ولطفه لما عادت لنا، لم يلتفت لها وهي في معاناتها أحد من مؤسسات الثقافة حتى بالسؤال والدعاء، ومع عودتها لم تحتفِ الساحة بعودة رائدة من رواد الكلمة والحرف والسرد والبحث المبدعين.
أخت الحقيقة والحرف «مريم جمعة فرج» الحمد لله على سلامتكِ، حفظكِ الله ورعاكِ وأسبغ عليكِ العفو العافية.
ولا أقول إلا.. لقد اشتقنا لحروفك المبدعة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"