فيتنام بين أمريكا والصين

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ليس الرئيس جو بايدن هو أول رئيس أمريكي يزور فيتنام، فقد سبقه الرئيس بيل كلينتون عام 2000، ثم الرؤساء جورج بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب، إلا أن زيارة بايدن إلى هانوي قبل أيام، تأتي بعد 50 عاماً من اتفاقات باريس التي أنهت الحرب الفيتنامية التي استمرت نحو عشرين عاماً، وانتهت بهزيمة للقوات الأمريكية التي خسرت زهاء 58 ألف جندي، وأكثر من 153 ألف جريح، في حين بلغت الخسائر الفيتنامية أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وتدمير قرى ومدن عديدة.

 ومع أن ندوب تلك الحرب لا تزال قائمة في ذاكرة الفيتناميين، إلا أن مصالح الدولتين تتغلب على آلام الماضي، وتعيد صياغة العلاقات بما يتجاوز حالة الصراع إلى تطبيع العلاقات، والانتقال إلى مرحلة الشراكة

 الاستراتيجية كجزء من مسعى لإدخال فيتنام في المحور المعادي للصين، ذلك أن حسابات هانوي الاستراتيجية لا تلتقي مع هذا المسعى، فهي تحاول تنويع علاقاتها وشراكاتها مع كل من الصين وروسيا والولايات المتحدة ودول الجوار في شرق آسيا، من خلال إرساء شراكات استراتيجية اقتصادية وتكنولوجية ودفاعية وفي مجال الطاقة.

 إن فيتنام تحاول تحقيق توازن في علاقاتها الخارجية، فالصين تعتبر منذ عام 2004 الشريك التجاري الأكبر لفيتنام، وبلغ حجم التجارة بين البلدين عام 2021 أكثر من 200 مليار دولار، كما أصبحت الولايات المتحدة من أكبر شركائها التجاريين، وتضاعفت الواردات الأمريكية من السلع الفيتنامية منذ عام 2019، لتصل إلى 127 مليار دولار عام 2022، بينما صّدرت الولايات المتحدة منتجات بقيمة 11 مليار دولار في العام نفسه إلى فيتنام. كما أن هانوي ترتبط بعلاقات وثيقة مع موسكو في مجالات الدفاع والطاقة.

 تشترك الصين بحدود مع فيتنام بطول 1500 كيلومتر، ولعبت دوراً مهماً في تمكين هانوي من الانتصار في حربها، ثم في قيام الدولة الفيتنامية الحديثة عام 1975، ومع ذلك فهناك صراع حدودي بين البلدين، وخلافات بشأن بعض الجزر في بحر الصين الجنوبي، لكن ذلك لم يمنع تعاونهما وتطوير علاقاتهما الاقتصادية والسياسية، إلا أن الولايات المتحدة تحاول استخدام هذه الخلافات، كي تصبح فيتنام جزءاً من المحور الذي يستهدف احتواء النفوذ الصيني المتصاعد في المنطقة والعالم.

 خلال زيارته التي وصفها ب«التاريخية»، وفي بيان مشترك مع زعيم الحزب الشيوعي الفيتنامي نغوين فو ترونغ، حذر بايدن الصين، من دون أن يسميها، من «التهديد أو استخدام القوة» في بحر الصين الجنوبي، لكنه أكد أن بلاده لا تريد «عزل الصين أو احتواءها»، ولا يريد إطلاق «حرب باردة»، لأنه يدرك صعوبة إخراج فيتنام عن حيادها. لكنه نجح في إبرام عدة صفقات اقتصادية مهمة، منها صفقة ضخمة بقيمة 7.8 مليار دولار عقدتها شركة الطيران الفيتنامية لشراء 50 طائرة من طراز «بوينغ 737»، وتوقيع اتفاق شراكة استراتيجية معززة، ينطوي على شقين اقتصادي وتكنولوجي، خصوصاً في ما يتعلق بقطاع أشباه الموصلات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4dc7hw34

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"