هيئة عربية للإغاثة

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

نتمنى أن تكون فاجعتا المغرب وليبيا آخر ما يحلّ بمنطقتنا من تحولات تدمي القلوب، وتغيّر حقائق الجغرافيا بعنف يفوق في نتائجه ما تفعله الحروب والنزاعات بالبشر. لم تبرأ القلوب بعد، في البلدين الشقيقين ولا المنطقة، بل وفي بقاع أخرى من العالم، من الأسى الذي حفره زلزال المغرب وفيضان ليبيا، وربما يتطلب الأمر سنوات، وكلفة باهظة، لتجاوز ما جرى في ساعات نام المنكوبون في البلدين خلالها على حال، واستيقظوا فزعين على حال أخرى. أما من قُدّر لهم الرحيل تحت ركام الزلزال، أو تدفق الماء، فلا عوض عنهم، لكن الاتعاظ مما حدث يمكن أن يجنبنا المزيد من الخسائر واللوعة.

إن تمنّي ألا يتكرر ما حدث لا يكفي وحده لقطع الطريق على تكراره، فالمشاعر، على أهميتها، لن تصمد في وجه أية مفاجآت عنيفة، وإن كان البعض يرفض وضع ما جرى في خانة المفاجأة، ويقول إن جهداً علمياً يقظاً يمكن أن يخفف من وقع نتائج الكوارث الطبيعية، وإن كان لن يمنعها. 

   لهذا، فإن الأمر يستدعي نقاشات علمية عربية، لا مانع أن تستفيد من أية خبرات دولية لمعرفة مدى قدرتنا على توقع مثل هذه الأحداث العنيفة، والتحسب لنتائجها، بحيث تكون في أدنى معدلاتها، وتبتعد في المقام الأول عن خسارة الأرواح. ولا شك في أن إدارة هذا العمل تحتاج إلى كيان عربي ينظم الجهود، ويعظم الاستفادة منها، ويدير في الوقت نفسه أوجه التعامل مع نتائج أية كارثة، كالتي حلت بالمغرب أو ليبيا، ومن قبل في سوريا، بحيث نضمن سرعة العمل الإغاثي، ورفع الأضرار الواقعة على البنى التحتية.

  ولا يمكن إلا الامتنان لمبادرات الدول العربية لمساعدة المغرب وليبيا، فالواجب الإنساني، خاصة تجاه الشقيق، يفرض نفسه، ويتسامى فوق أي خلاف، أو انقسام، سواء بين دولتين، أو داخل الدولة نفسها، كما هو الحال في ليبيا. ورغم ذلك، نحن بحاجة إلى هيئة عربية دائمة للإغاثة لا تنشط حينما تحل كارثة بأحد أقطارنا، وإنما تعمل على مدار العام، ويتجاور فيها العلماء وخبراء الإنقاذ والطوارئ، بحيث ينكّب المعنيون بالطقس والتغيرات المناخية على دراسة الخريطة العربية، لنخرج بمعلومات وافية عن تفاصيلها، ونحدّد مواطن الضعف المعرضة لأي خطر، وفي هذا استباق مطلوب يقي من الخسائر، خاصة إذا رافقته توصيات بالأماكن الأنسب لتوزيع السكان، بعيداً عن مراكز الزلازل، وأعين العواصف.

 ويبقى بعد ذلك دور المختصين بالإنقاذ والإغاثة في التعامل مع النتائج حين تكون في حدها الأدنى، وفي التحرك العاجل للتعامل مع التداعيات التي لا مفر منها، من دون انتظار لنداءات أو استغاثات، ومن دون التفات لأي اعتبارات سياسية تحكم علاقات البلد المعني بجيرانه، أو العالم، أو أية نزاعات داخلية.

   هول ما جرى في المغرب وليبيا وسوريا، يفرض التفكير الجدي في سُبل تكفل ألا يتكرر بهذا النحو الدامي الذي لا تزال تفاصيله تتدفق على الشاشات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y7x6ahb7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"