د. عبدالعظيم حنفي*
تنتشر نظرية الانهيار الاقتصادي الصيني ويرى مردودها أن البلد الذي يحقق منذ عام 1978 نمواً بمعدل يتجاوز 9% سنوياً، يحتمل أن تكون نسبة نموه آخذة في الهبوط، حتى أن بعض المراكز البحثية قد أخرت تنبؤاتها للموعد الذي سوف يتجاوز فيه اقتصاد الصين اقتصاد الولايات المتحدة ليصبح الاقتصاد الأضخم في العالم، فجعلوا ذلك الموعد هو عام 2030، أو ما بعده.
ويستند أصحاب التنبؤ بنظرية الانهيار الاقتصادي الصيني إلى المؤشرات التالية:
1- خلصت دراسة استقصائية في يونيو/ حزيران الماضي، إلى أن البطالة بين عمال المدن الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة، ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 21.3 في المئة.
2- تخفيض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بسبب عوامل، منها التنبؤ تباطؤ حاد في الإنفاق الرأسمالي ومشكلات قطاع العقارات، بما سيكون له تبعات على الاستهلاك. حيث يعاني قطاع العقارات الصيني من نقص حاد في السيولة منذ أواخر 2021 عندما انهارت مجموعة «إيفرغراند».
3- تراجع قيمة اليوان الصيني وزيادة ديون القطاع الخاص
4- الانهيار الديموغرافي (فمعدل الخصوبة في الصين اليوم يقل عن مثيله في اليابان)، ومن المنتظر أن تعاني الصين من انحدار بنسبة 9% في عدد سكانها في سن العمل الذي بلغ ذروته بالفعل في عام 2014 وقد جاوزتها الهند من حيث عدد السكان هذا العام.
5- قيام الحزب الشيوعي الصيني بتشديد سيطرته على الصناعات التكنولوجية، من خلال إطلاق إجراءات أمنية تستهدف البيانات ومكافحة الاحتكار، ما قضى على مليارات الدولارات من قيمة هذه الشركات في البورصة.
وقد قامت الصين بدحض أسس نظرية احتمال انهيار الاقتصاد الصيني وفق العديد من المؤشرات والبيانات من أهمها:
1- في هذا العام يواصل اقتصاد الصين التعافي والنمو. فناتجها المحلي الإجمالي زاد بنسبة 5.5 % في النصف الأول من هذا العام متخطياً بذلك معظم الاقتصادات الكبرى.
2- وفقاً لتقديرات البنك الدولي سينمو اقتصاد الصين بنسبة 5.6% في عام 2023. وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية معدل نمو يبلغ 5.4% وصندوق النقد الدولي 5.2%. وكما هي الحال على مدى سنوات عدة، تظل الصين أهم محرك للنمو العالمي.
3- أحد الملامح البارزة في النصف الأول لعام 2023 انتعاش الاستهلاك الذي ساهم بنسبة 77.2 % في النمو. وهذا المعدل أعلى بنسبة 44% من مستواه في 2022.
4- في الفترة من يناير إلى يوليو، زادت مبيعات التجزئة في قطاعات النقل والإسكان وتموين الطعام والخدمات الأخرى بنسبة 20.3% على أساس سنوي.
5- كما ان التجارة الخارجية لا تزال مرنة. فالصين تواصل الاستحواذ على نحو 14% من سوق الصادرات العالمية. وزادت صادراتها من السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم آيون والخلايا الشمسية بنسبة 61.6 % في أول 6 أشهر من هذا العام.
6- كما أن الشركات العالمية صوّتت بأقدامها (اختارت الاستثمار في الصين). ففي حين اتصف الاستثمار العابر للحدود الوطنية بالفتور عالمياً، يتواصل الاستثمار الخارجي في الصين. ففرنسا وبريطانيا واليابان وألمانيا عززت الاستثمار في الصين في النصف الأول من عام 2023 بنسبة 173.3 % و135.3% و53% و14.2% على التوالي. كما تأسست نحو 24 ألف شركة أجنبية جديدة في الصين في الفترة نفسها بنسبة زيادة بلغت 35.7% على أساس سنوي. وفي العام الماضي، أنتجت «تيسلا» نصف توريداتها العالمية من السيارات الكهربائية من مصنعها في شنغهاي الذي ينتج سيارة كهربائية واحدة كل 40 ثانية في المتوسط.ً
ومع استمرار الصين في تعزيز الاستهلاك وتيسير الوصول إلى السوق وترقية بيئة الأعمال وتقوية سلاسل التوريد والصناعة، تظل الأساسيات التي تحافظ على نموها الطويل الأمد ثابتة من دون تغيير.
7- كما ذكرت الصين أنه في الأشهر الأخيرة، بدأت الصين بتنفيذ سياسات جديدة لتنشيط الاستهلاك وتعزيز القطاع الخاص واجتذاب المزيد من الاستثمار الأجنبي.
* أكاديمي مصري