نظرية الانهيار الاقتصادي الصيني (2 - 2)

21:39 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي*

تنتشر نظرية الانهيار الاقتصادي الصيني ويرى مردودها أن البلد الذي يحقق ‏منذ عام 1978 نمواً بمعدل يتجاوز 9% ‏سنوياً، يحتمل أن تكون ‏نسبة ‏‏نموه آخذة في الهبوط، حتى أن بعض المراكز ‏البحثية قد أخرت ‏تنبؤاتها للموعد الذي ‏سوف ‏‏يتجاوز فيه اقتصاد الصين اقتصاد الولايات المتحدة ليصبح الاقتصاد ‏الأضخم ‏في العالم، ‏فجعلوا ذلك ‏‏الموعد هو عام 2030، أو ما بعده.

ويستند أصحاب التنبؤ بنظرية الانهيار الاقتصادي الصيني إلى المؤشرات التالية:‏

‏1- خلصت دراسة استقصائية في يونيو/ حزيران الماضي، إلى أن البطالة بين عمال المدن ‏الذين ‏‏تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة، ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 21.3 في المئة.

‏2- تخفيض توقعات نمو الناتج ‏المحلي الإجمالي للصين بسبب ‏عوامل، منها التنبؤ تباطؤ حاد ‏في الإنفاق الرأسمالي ومشكلات قطاع العقارات، بما سيكون له ‏تبعات على الاستهلاك.‏ حيث يعاني ‏قطاع العقارات الصيني من نقص حاد في السيولة منذ أواخر 2021 عندما انهارت ‏مجموعة ‏‏«إيفرغراند».

3- تراجع قيمة اليوان الصيني وزيادة ديون ‏القطاع الخاص‏

‏4- الانهيار الديموغرافي (فمعدل الخصوبة في ‏الصين اليوم يقل عن مثيله في ‏اليابان)، ومن ‏المنتظر أن تعاني الصين من انحدار بنسبة 9% في عدد سكانها في سن العمل الذي بلغ ‏ذروته ‏بالفعل في عام 2014 وقد جاوزتها الهند من حيث عدد السكان هذا العام.‏

‏5- قيام الحزب الشيوعي الصيني بتشديد سيطرته على الصناعات التكنولوجية، من خلال ‏إطلاق ‏إجراءات أمنية تستهدف البيانات ومكافحة الاحتكار، ما قضى على مليارات الدولارات ‏من قيمة ‏هذه الشركات في البورصة.

وقد قامت الصين بدحض أسس نظرية احتمال انهيار الاقتصاد الصيني وفق العديد من المؤشرات والبيانات ‏من أهمها:‏

‏1- في هذا العام يواصل اقتصاد الصين التعافي والنمو. فناتجها المحلي الإجمالي زاد بنسبة ‏‏5.5 % في ‏‏‏النصف الأول من هذا العام ‏متخطياً بذلك معظم الاقتصادات الكبرى.

2- وفقاً لتقديرات البنك الدولي سينمو اقتصاد الصين بنسبة 5.6% في عام 2023. وتتوقع ‏منظمة ‏‏‏التعاون الاقتصادي والتنمية ‏معدل نمو يبلغ 5.4% وصندوق النقد الدولي 5.2%. وكما هي ‏الحال ‏‏‏على مدى سنوات عدة، تظل الصين أهم محرك للنمو ‏العالمي.

3- أحد الملامح البارزة في النصف الأول لعام 2023 انتعاش الاستهلاك الذي ساهم بنسبة ‏‏77.2 % ‏‏‏في النمو. وهذا المعدل أعلى ‏بنسبة 44% من مستواه في 2022.

4- في الفترة من يناير إلى يوليو، زادت مبيعات ‏‏‏التجزئة في قطاعات النقل ‏والإسكان وتموين ‏الطعام والخدمات الأخرى بنسبة 20.3% على أساس ‏‏‏سنوي.

5- كما ان التجارة الخارجية لا تزال مرنة. فالصين تواصل الاستحواذ على نحو 14% من ‏سوق الصادرات ‏‏العالمية. وزادت ‏صادراتها من السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم آيون والخلايا ‏الشمسية بنسبة ‏‏‏61.6 % في أول 6 أشهر من هذا العام.

6- كما أن الشركات العالمية صوّتت بأقدامها (اختارت الاستثمار في الصين). ففي حين اتصف ‏الاستثمار ‏‏العابر للحدود الوطنية بالفتور ‏عالمياً، يتواصل الاستثمار الخارجي في الصين. ففرنسا ‏وبريطانيا ‏‏واليابان وألمانيا عززت الاستثمار في الصين في النصف ‏الأول من عام 2023 بنسبة ‏‏173.3 % ‏‏و135.3% و53% و14.2% على التوالي.‏ كما تأسست نحو 24 ألف شركة أجنبية ‏جديدة في الصين في الفترة نفسها بنسبة زيادة بلغت 35.7% ‏‏على أساس سنوي.‏ وفي العام الماضي، ‏أنتجت «تيسلا» نصف توريداتها العالمية من السيارات الكهربائية من مصنعها ‏‏في شنغهاي الذي ‏ينتج ‏سيارة كهربائية واحدة كل 40 ثانية في المتوسط.ً

ومع استمرار الصين في تعزيز الاستهلاك وتيسير الوصول إلى السوق وترقية بيئة الأعمال وتقوية ‏‏‏سلاسل التوريد ‏والصناعة، تظل الأساسيات التي تحافظ على نموها الطويل الأمد ثابتة من دون تغيير.

7- كما ذكرت الصين أنه في الأشهر الأخيرة، بدأت الصين بتنفيذ سياسات جديدة لتنشيط ‏الاستهلاك وتعزيز القطاع ‏‏الخاص واجتذاب المزيد من ‏الاستثمار الأجنبي. ‏

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bde5evx6

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"