شرود وافتقار للتركيز

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

إن أمعنا النظر في طبيعة الحياة المعاصرة، فإنه يغلب عليها تزاحم المهام والواجبات الوظيفية العملية، والاجتماعية الأسرية، فضلاً عن العلاقات الأخرى بالناس على اختلاف درجات قربهم وبعدهم عنا، في اللحظة نفسها هناك ثورة معلوماتية هائلة، جعلت من المعارف متتالية ومتكاثرة ومتزايدة، وجعلت عملية فرزها ومعرفة الأصلح والأفضل عملية شاقة، وفي كل لحظة من يومنا نستقبل مئات المعلومات، من أخبار وصور ومقاطع فيديو، على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، والتطبيقات التي نستخدمها في الاتصال والتواصل وإدارة همومنا وأعمالنا.

من هنا تظهر الحاجة للتركيز، نحتاج لعملية منظمة ومتقنة من التركيز على المهام الأكثر إلحاحاً والأكثر أهمية، التركيز على واجباتنا وما ينتظر أن ينتج عنا ومنا، وعملية التركيز هذه، باتت ملحّة ولها ضرورة قصوى في ظل كل هذه المشتتات، التي يأتي بعضها على شكل مهام وأعمال وفوائد يجب ألّا نفقدها، وهي في الحقيقة لا قيمة لها، أو لا أولوية لها، بل تزاحم بشكل واضح جوانب أساسية ورئيسية في مسيرتنا الحياتية.

يجب أن يكون لدينا القدرة والاستطاعة، أن نوجّه الانتباه نحو مهمة واحدة، نعرف وندرك بأنها أساسية، وليست ثانوية، ثم نبدع في هذه المهمة، يجب ألّا ننسى بأن التركيز وتعلمه والتدرب عليه، يعتبر قوة كامنة تُسهم في الحضور المعرفي والمهارة والإتقان.

فنون التركيز وأدواته، تختلف وتتنوع، والحاجات لتحقيقه أيضاً متباينة، البعض يحتاج للصمت والهدوء، والبعض يحتاج للتنظيم والترتيب، وهناك من يحتاج إلى أن يبتعد عن التقنيات الحديثة، ولا يملك إلا المعلومات التي يحتاج إلى العمل عليها، وهناك من يحتاج للتجميع ثم الفرز والتنقيح.

لذا من المهم أولاً أن تعرف ما الذي تحتاج إليه لتبدأ عملية التركيز، وكيف تدرب نفسك عليه، وفي كل الأحوال، فإن التركيز عملية مهمة وحيوية، تتطلب تدرباً وصبراً ومثابرة، لا تتوقع أنك أمام كل هذه المشتتات، وكل هذا الزخم المعلوماتي، ألّا يتم جذبك، ألّا يتم لفت انتباهك.

وكمثال واضح على مثل هذه الحالة، وأنت مندمج تماماً في أشغالك ومهامك، تصلك رسالة تنبيه على هاتفك الجوال، عن مقطع أو مشاركة في تطبيق ما، وهي ضغطة زر صغيرة متواضعة، لتخرجك من عالمك، وتبعدك تماماً عما كنت مركزاً عليه، وتخيل أن مثل هذه الحالة تحدث مراراً وتكراراً طوال يومك، هذا هو الشرود عن المهمة، وهذا هو الافتقار للتركيز.. ببساطة.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ppvtej6

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"