في شارع القصر العيني

01:09 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

مقال جميل للروائي المصري الكبير إبراهيم عبدالمجيد، قرأته مؤخراً قال فيه، ضمن أشياء كثيرة قالها، إن شارع القصر العيني في القاهرة صار، فجأة، يناديه ليكتب عنه، فهو، وفق تعبيره «أكثر الشوارع التي مشيت فيها وقابلت فيه بشراً سعداء. والسبب أن فيه كانت وما زالت مجلتا «روز اليوسف» و«صباح الخير»، ولأني صرت أعمل لسنوات في الهيئة العامة لقصور الثقافة، الواقعة في الشارع نفسه وعلى بضع خطوات من موقع المجلتين».

ما حفّز عبدالمجيد لكتابة مقاله عن الشارع، مقال صغير للناقد السينمائي محمود عبد الشكور كتبه عن الزمالك، كأنه أيقظ في نفسه ذاكرة «القصر العيني»، كما أيقظت الزمالك ذاكرة محمود عبدالشكور، وذاكرة عبدالمجيد في ذلك الشارع تنطلق من «روز اليوسف» و«صباح الخير»، رغم أنه لم ينشر، في بداياته، سوى قصة أو اثنتين فيهما، ولم يكتب في «روز اليوسف» مقالات إلا متأخراً جداً، لكن كانت زيارته للمبنى الذي تقع فيه مكاتبهما شبه منتظمة ليجلس مع صبري موسى وعبد الله الطوخي ورشدي أبو الحسن ورؤوف توفيق وفتحي غانم ولويس جريس.

حديث إبراهيم عبدالمجيد عن المجلتين أعاد لي ذكرى الزيارة اليتيمة التي قمت بها في حياتي لمبناهما في الشارع المذكور، للقاء الأديب الراحل صبري موسى (1932 – 2018)، الذي كان في مقدمة من أتى على ذكرهم عبدالمجيد، ولهذا اللقاء خلفية، فالرجل أقام في البحرين لفترة ليست طويلة عمل خلالها مديراً لتحرير مجلة «صدى الأسبوع» لصاحبها ورئيس تحريرها المرحوم علي سيّار، أحد أبرز رواد الصحافة البحرينيين، وهي المجلة التي أعتز بأني عملت فيها في بداياتي، وكان سيّار معجباً أشدّ العجب بمدرسة «روز اليوسف» و«صباح الخير» في الصحافة، وهو ما حدا به للتعاقد مع صبري موسى، كونه أحد أبرز وجوهها، ليعمل مديراً لتحرير «صدى الأسبوع»، وفيها التقيتُ به وعملتُ معه.

كان مقر «صدى الأسبوع» يقع في شقتين متقابلتين في مبنى في قلب العاصمة، المنامة، ليس بعيداً عن شارعها التجاري الرئيسي: «باب البحرين». وما زلتُ أذكر كيف كان صبري موسى، الروائي الشغوف بالتفاصيل يقف أمام محال بيع التوابل في الشوارع المتفرعة عن الشارع الرئيسي، مستفسراً من الباعة عن اسمها وأصلها وفصلها، وفي ماذا تستخدم، ربما ليوظف تلك التفاصيل في إبداعه، وهو الروائي المهم الذي ذاع صيت روايته «فساد الأمكنة» الصادرة عام 1973، وصنفت ضمن أهم مئة رواية عربية.

كان صبري موسى قد عاد للقاهرة، حين ذهبت للدراسة في جامعتها، حيث ذهبت إلى زيارته، في مكاتب «صباح الخير»، واستعادة ذكريات البحرين التي جمعتنا، رغم فارق السن بيننا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5ehzyjjh

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"