عادي
يستند إلى 4 ركائز أساسية أبرزها بناء القدرات

التعليم الأخضر.. الاستدامة تبدأ من مقاعد الدراسة

01:04 صباحا
قراءة 6 دقائق
مشاركة طلبة المدارس في البرامج التعليمية وحملات التوعية البيئية

تحقيق: محمد إبراهيم

في ظل تصارع التحديات البيئية المتصاعدة، وتزايد آثار تغيرات المناخ، واستنفاد الموارد الطبيعية، يستحوذ التعليم على مركز الصدارة في مختلف المجتمعات، لتعزيز الوعي البيئي ومحو الأمية البيئية. وتجاوزت أهمية التعليم الأخضر حيز المناقشات في الفصول الدراسية، لتصبح عنصراً حاسماً في تشكيل مستقبل مستدام وبناء أجيال الاستدامة.

في وقت أكد خبراء أهمية التعليم في ملف البيئة وتغيرات المناخ، لاسيما أن التعليم الأخضر يشكل حزمة من الدروس والمعارف التي تتضمن الحلقات التعليمية كافة، لبناء أجيال الاستدامة، وأنه لا فائدة من الجهود من دون تقويم الطلبة وتأهيلهم على الممارسات الإيجابية، وتثقيفهم جيداً بكيفية التعامل مع قضايا البيئة.

أكد عدد من التربويين أن للتعليم دوراً حاسماً ومؤثراً في تغيير ثقافة المجتمع بمختلف فئاته، والارتقاء بسلوكاته التي تشمل قضايا البيئة، فضلاً عن تمكين الأجيال القادمة من التنقل في التضاريس المعقدة للإشراف البيئي، وتغييرات المناخ التي تشكل تحدياً كبيراً للعالم اليوم.

وأكد معلمون أهمية التعليم في التصدّي للظواهر الطبيعية لتغيّرات المناخ، التي تشكل أحد أكثر التحديات الراهنة، والتحديات المتوالية للبيئة، لأن التعليم الأخضر مسار جديد لبناء أجيال الاستدامة، فضلاً عن إعادة صياغة الثقافة البيئية في المجتمع، خلال السنوات القليلة القادمة.

ويرى أولياء الأمور أن تضمين التعليم الأخضر في المناهج الدراسية يرسم ملامح مرحلة جديدة في مسيرة تعليم أبنائهم، لأنها فرصة ذهبية لتعزيز الثقافة البيئية للطالب وولي الأمر، وتفعيل دورهما في قضايا المناخ والمشاركة في بناء السياسات المستقبلية لحماية الموارد الطبيعية.

«الخليج» تناقش مع مجتمع التعليم، بمختلف فئاته، أهمية التعليم الأخضر، وآثاره في الأفراد والمجتمعات، وكيفية إعداد الأجيال القادمة وتمكينهم من التعاطي مع القضايا البيئة، ومعالجة أزمة المناخ.

أربع ركائز

البداية كانت مع قراءة تحليلية ل «الخليج» عن التعليم الأخضر الذي يستند إلى 4 ركائز أساسية، تضم «التعلّم الأخضر، وبناء القدرات في التعليم الأخضر، والمدارس الخضراء، والمجتمعات الخضراء»، إذ تنبثق المبادرة من شراكة تجمع وزارة التربية والتعليم، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو»، لدعم مسيرة الإمارات في الاستدامة البيئية، والحفاظ على البيئة وبناء أجيال الاستدامة.

يشمل التعليم الأخضر الأنشطة والبرامج التثقيفية لمفاهيم البيئة والحفاظ عليها، وتعزيز مسارات التعليم البيئي، الذي يشهد اهتماماً متزايداً من دول العالم، التي حرصت على تضمينه في المناهج الدراسية للمراحل الدراسية المختلفة، وتركز مستهدفاته على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتضمين خطط المناخ في المنظومة التعليمية، وتزويد الأطفال والشباب بالتعليم المناخي والمهارات المراعية للبيئة، لتمكينهم من التكيف مع آثار تغير المناخ ومواجهتها، فضلاً عن تدريب المديرين والمعلمين والمعلمات، لتوفير التعليم المناخي في جميع المدارس، وإعداد الموارد المفتوحة المصدر لمعلمي الدولة في الداخل والخارج.

مدارس خضراء

وتركز الوزارة، على أن تكون نصف المدارس والجامعات في الدولة خضراء، مع انطلاق قمة المناخ، وتدريب 4200 كادر وتأهيلهم في الميدان التربوي، بواقع 2400 معلم و1800 مسؤول تربوي، ومن المقرر أن تنفرد الوزارة، بافتتاح أول جناح تعليمي في تاريخ مؤتمرات المناخ.

عامل أساسي

في مداخلتها مع «الخليج»، أكدت الخبيرة التربوية آمنة المازمي، أهمية التعليم في ملف البيئة وتغيرات المناخ، إذ إن الجهود في العمل المناخي، لم تنجح من دون بلوغ التغيير الإيجابي لمستوى الأفراد، وهنا تكمن أهمية دور التعليم، عاملاً أساسياً في تشكيل الثقافة البيئية لدى المجتمع بفئاته كافة، في الوقت الراهن والمستقبل.

وأوضحت أن التعليم الأخضر خطوة جادة لمواجهة تداعيات أزمة المناخ، إذ تركز الوزارة عبر هذه المبادرة، على محاور متعددة لتضمين قضايا المناخ ضمن المنظومة التعليمية، بتطوير مواد تعليمية ومناهج مراعية للبيئة، وتدريب المعلمين والتربويين، وتأهيلهم، وتأسيس مدارس صديقة للبيئة تشكل محركاً لبناء مجتمعات خضراء مستدامة.

وأفادت بأن التعليم الأخضر، منارة للأمل في عالم يواجه تهديدات بيئية غير مسبوقة، باتت محور اهتمام الأكاديميين والمتخصصين. وهو قوة تحويلية تشكل المواقف والسلوكات والأولويات المجتمعية، برعاية المتعلمين بيئياً الذين يدركون شبكة الحياة المعقدة ودورهم فيها، كما يحفز التعليم الأخضر حركة نحو عالم أكثر استدامة وتناغماً، لاسيما أن العالم يقف على مفترق طرق التدهور البيئي والتجديد، فإن الاستثمار في التعليم الأخضر ليس مجرد خيار، بل ضرورة لبناء طريق نحو مستقبل أكثر إشراقاً واخضراراً.

مبادئ الاستدامة

وفي وقفة مع التربويين أميمة حسين، وخلود فهمي، وسهام عبد الله، وجمال دحروج، وسامي عزمي، أكدوا أن التعليم الأخضر أكثر من مجرد إضافة إلى المناهج الدراسية، إذ يعد تحولاً نموذجياً في كيفية إدراكنا للتعليم نفسه، متجذراً في مفاهيم الاستدامة. موضحين أنه اتجاه فاعل لتنمية معارف الطلبة وتمكينهم من الفهم العميق للأنظمة البيئية، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لمواجهة تحديات البيئة وتغيرات المناخ، لاسيما أن هذا النهج يغرس في نفوس المتعلمين قيم المواطنة المسؤولة والتعاطف مع الطبيعة والالتزام بأنماط الحياة المستدامة.

وفي ردهم على سؤال عن الآثار الإيجابية التي تنعكس على الميدان التربوي مع وجود التعليم الأخضر، أفادوا بأن هذا النوع من التعليم يعزّز فهم العلاقات المعقدة بين الكائنات الحية وبيئتها، ويفرز الوعي البيئي ويدفع عناصر المجتمع التعليمي إلى التساؤل عن أنماط استهلاكهم وخيارات نمط حياتهم، فضلاً عن المساهمة في محو الأمية البيئية والتفكير النقدي بدراسة تعقيدات القضايا البيئية، مثل تغير المناخ، وإزالة الغابات، والتلوث، والنظر في الحلول المحتملة، وتمكين الطلبة من معارف الاستدامة، والقدرة على المشاركة في المناقشات، والانخراط في سلوكات واعية بيئياً.

وقالوا إن التعليم الأخضر يزود الأجيال القادمة بالمعرفة والأدوات اللازمة لمواجهة التحديات التي تفرضها أزمة المناخ، مثل التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة وتنفيذ استراتيجيات الحد من الكربون، وحفظ التنوع البيولوجي، وحماية الأنواع النباتية والحيوانية من الانقراض، وتمكين الطلبة من إدارة الموارد المحدودة مثل المياه والطاقة والغابات، ما يضمن توافرها للأجيال القادمة.

قيمة مضافة

المعلمون إبراهيم القباني، وعبد المنعم محمود، ورأفت الحلبي، وريبال غسان العطا، أكدوا أن التعليم الأخضر قيمة مضافة لمنظومة التعليم، واتجاه معرفي مطور يضم محتوى مؤثراً في مسيرة بناء الأجيال، لاسيما في ظل التحديات البيئية الراهنة والمتوقعة، وتغيرات المناخ التي تشغل بال الحكومات والمجتمعات.

وأفادوا بأن التعليم الأخضر يضع الأساس للتنمية المستدامة، عبر إنتاج مخرجات طلابية مجهزة بمهارات للابتكار بطرائق توازن بين النمو والتطور والحفاظ على البيئة، والأجيال المثقفة بيئياً ستؤدي دوراً محورياً في وضع السياسات المستقبلية التي تحمي الموارد الطبيعية، وتقلّل التلوّث وتحسّن إدارة النفايات والتخطيط الحضري المستدام، وبناء مجتمع أكثر مرونة يمكنه التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة والتخفيف من تأثير الكوارث الطبيعية.

وأوضحوا أن دمج التعليم البيئي عبر المواد الدراسية ومستويات الصفوف، يعني أن المبادئ البيئية ستصبح متأصلة في رحلة تعلم الطلاب، كما أن الخبرات العملية مثل البستنة والمشي في الطبيعة والمشاريع البيئية للطلاب، تحقق تفاعلات ملموسة مع البيئة، ما يعزز ارتباطاً أعمق بالطبيعة، مشيرين إلى أن الانخراط في تحديات الاستدامة في العالم الحقيقي يشجع التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات، ما يمكّن الطلاب من تطبيق المعرفة النظرية على المواقف العملية.

محطة جديدة

أولياء الأمور سحر مراد، وعلي المحلاوي، وحاتم عبدالله، وميثاء آل علي، أكدوا أن التعليم الأخضر إضافة جديدة لمنظومة التعليم في الدولة، ومحطة جديدة في مسيرة بناء الأجيال، وهو فرصة ذهبية لإعادة صياغة الثقافة البيئية للآباء والأبناء، ما يسهم في تقليص العادات والسلوكات التي تؤثر سلباً في الموارد الطبيعية. كما أنه يعزز جيلاً من النشطاء الذين يمكنهم التأثير في السياسات المستقبلية لممارسات بيئية أكثر استدامة.

وأكدوا أهمية تأهيل الطلبة في مختلف مراحل التعليم، إذ إن كل طالب في مختلف أنحاء العالم معرض للمخاطر المناخية والبيئية، فالطلبة بمختلف أعمارهم سيواجهون العواقب الوخيمة الكاملة لأزمة المناخ، وانعدام الأمن المائي، وغيرها من الكوارث، على الرغم من أنهم أقل من تسبب في وجودها، وهنا تكمن أهمية إشراكهم في جميع المفاوضات والقرارات المتعلقة بتغير المناخ على الصُّعُد الوطنية والإقليمية والدولية، وجعل الثقافة البيئية جزءاً أصيلاً في مضمون المناهج، وتبدأ الاستدامة من الفصول الدراسية.

شراكات دولية

أكد الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير التربية والتعليم في تصريحاته أهمية وضع خطط ومنهجيات استثنائية، وتفعيل دور التعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ودعم اتخاذ خطوات عملية بشأن التغير المناخي. وأهمية الدور الحيوي الذي تؤديه الشراكات الدولية والتعاون البيني في إدماج أجندة المناخ ضمن المنظومة التعليمية.

توعية المتعلمين

تشمل المبادرات البيئية لوزارة التربية والتعليم التعاون في إنشاء صندوق الأمم المتحدة الاستئماني المتعدد الشركاء، من أجل شراكة التعليم الأخضر، حيث تركز الإمارات بوصفها دولةً رائدةً في هذا الإطار، على توعية المتعلمين بأهمية حماية أنظمة الواحات في العالم العربي، بيئياً وثقافياً وطبيعياً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ykaeu3uv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"