عدم الاستقرار العالمي

00:49 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

في «منتدى شيانغشان الأمني» المنعقد في بكين، والذي يشارك فيه ممثلون لنحو 90 دولة، من بينهم وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، تم رسم صورة مقلقة للاستقرار في العالم، ما يدل على أن العلاقات الدولية تتجه نحو مزيد من التعقيد، في ضوء اتساع المجابهات على أكثر من ساحة دولية، وآخرها ما يجري في منطقة الشرق الأوسط، واحتمال خروج الحرب في قطاع غزة عن حدودها الحالية، باتجاه انخراط قوى إقليمية أخرى فيها، بما يشكّله ذلك من مخاطر حقيقية على أمن المنطقة، والعالم، خصوصاً أن الحرب الأوكرانية لا تزال مستعرة من دون أفق لحل سياسي، كما أن المجابهة بين الولايات المتحدة والصين لا تزال في أوجها.

نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصيني، تشانغ يوشا، قال لدى افتتاح المنتدى «بينما ننظر إلى جميع أنحاء العالم اليوم، فإن القضايا الساخنة تظهر واحدة تلو الأخرى، وإن آلام الحرب والفوضى والاضطرابات والخسائر تظهر باستمرار»، وفي إشارة إلى الولايات المتحدة، ودول أخرى، أضاف «بعض الدول، وخوفاً من استقرار العالم، تتعمد خلق الاضطرابات، والتدخل في القضايا الإقليمية، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، وتدفع باتجاه الثورات الملونة، وخلف الكواليس تقوم بتوزيع السكاكين، وتستفز الناس لخوض الحروب، ضامنة استفادتها من الفوضى». هذا الموقف الصيني يؤشر إلى أن الاجتماعات المتعددة التي تعقد على أكثر من مستوى، بين بكين وواشنطن منذ أشهر، وآخرها اجتماع وزيري الخارجية، الأمريكي أنتوني بلينكن، ونظيره الصيني وانغ يي، في واشنطن، مؤخراً، لم تؤد إلى إذابة الجليد بين البلدين، كما لم تفتح الطريق، على ما يبدو، أمام قمة مقترحة بين الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والرئيس الصيني، شي جين بينغ، في فرانسيسكو، في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، على هامش «قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك)»، إذ وصف الوزير الصيني الطريق إلى هذه القمة بأنها «مملوءة بالعقبات».

أما وزير الدفاع الروسي، شويغو، فشنّ حملة عنيفة على واشنطن، واتّهمها بالسعي لإثارة عدم الاستقرار في آسيا والمحيط الهندي، وحذّر من مخاطر مواجهة نووية بقوله «إن خط الغرب تجاه التصعيد مع روسيا يشكل خطر نشوب صراع مباشر بين القوى النووية، الأمر الذي سيؤدي إلى عواقب كارثية».

هذه المواقف الصينية - الروسية، هي تعبير عن قلق حقيقي تجاه مختلف التهديدات الأمنية التي تقوّض الاستقرار، والتوازن الاستراتيجي العالمي، وتجعل العالم رهن سياسات لا تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الدول والشعوب، ولا تحترم ميثاق الأمم المتحدة، ولا مبادئ حقوق الإنسان.

ومع ذلك، فالعالم يعيش مرحلة انتقالية صعبة، لا بد منها للوصول إلى عالم متعدد الأقطاب سوف تتخللها صراعات وحروب، كما في كل المراحل التي واجه فيها العالم الانتقال من نظام عالمي إلى نظام آخر، طالما تصرّ الولايات المتحدة على البقاء متفردة بالنظام العالمي الحالي الذي فقد صلاحيته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9x6tkh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"