الرّحلة المُنتظرة

23:43 مساء
قراءة دقيقتين

د. بديعة الهاشمي

شهر نوفمبر يعني الكثير بالنسبة للقرّاء ومحبّي الكتب في دولة الإمارات، فبحلول نسماته اللّطيفة أسترجعُ صوراً من ذكريات الطفولة السعيدة، ومواقف من الرحلات المدرسية الجميلة إلى معرض الشارقة الدولي للكتاب، مشاهد لا يمكن أن تُمحى من الذاكرة، تلك التي جمعت بين أيام المدرسة وزيارات المعرض.

كانت الرحلة الوحيدة التي أنتظرها طوال العام الدراسي هي تلك التي ستتجه بنا إلى معرض الكتاب، حيث كان الانطلاق والتجول بين دور النشر الخاصة بكتب الأطفال بمثابة رحلة التنقيب عن الكنوز التي سأقتنيها، والبحث عن الأصدقاء الجدد الذين سيرافقونني على مدار عام كامل. كنوز متنوعة ما بين القصص والحكايات العالميّة، وكتب الألغاز والتّسالي والأناشيد، وكرّاسات التلوين التي كنت أتباهي بها أمام زميلاتي. وبمجرد عودتنا من الرحلة كانت كل واحدة منا تشرع في فتح كيسها الذي يحوي منتقياتها ومختاراتها، لتخبر صديقاتها عن صيدها الثمين.

غير أن الرياح لم تأتِ بما أشتهي في بعض السنوات، وذلك حينما لم يكن صفي من الصفوف التي ستفوز بالرحلة المنتظرة، فأنظر بعين الحسرة والحزن إلى تلك الأكياس المملوءة بالكتب في أيدي الطالبات العائدات من الرحلة، الظافرات بحكايات جديدة سيسافرن مع أبطالها إلى عوالم الخيال والمتعة خلال الشهور القادمة، والتي سأنتظر فيها طويلاً حتى يزورنا المعرض مرة أخرى في العام المقبل..

لم تكن الدورة الثالثة والثلاثون للمعرض في عام 2014 بالدورة العادية بالنسبة لي. فرحتي كانت مضاعفة، فالقارئة تحوّلت من مجرد زائرة إلى كاتبة مساهمة بإصدار يضاف إلى الكتب التي يُحتفى بها في عرس الشارقة للكتاب. إذ جاء إصدار كتابي الأول، «الهوية الوطنيّة في قصص الأطفال في دولة الإمارات العربيّة المتحدة» الصادر عن دائرة الثقافة بالشارقة، متزامناً مع تلك الدورة، وقد كان الاحتفاء به مميّزاً في حفل التوقيع الذي حظيتُ به من إدارة المعرض.

تكرر الحدث المُبهج في دورات تالية، شهدتْ ميلاد عدد من إصداراتي التي احتفيتُ بها مع قراء المعرض وزوّاره. إنه شعور جميل ومميّز أن تضع بصمتك الخاصة في معرض يعدّ من أكبر معارض الكتب في العالم. ولا عجب ولا غرابة في ذلك؛ فهو معرض يحظى باهتمام كبير ومباشر من سلطان الثقافة والعلم، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

معرض الشارقة الدولي للكتاب إشراقة ننتظرها كل عام، وعرس نتباهى بحضوره والمشاركة فيه، ورحلةٌ منتظرةٌ تلوح ذكرياتُها مع كل إطلالة نوفمبرية، فلننهل منه قدر ما نستطيع، ولنصنع ذكرياتنا التي تليق بالقرّاء ومحبّي الكتب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9cy6dy

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"