«ماسك» غير ماسك بالخيوط

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يسافر عمالقة الشركات التكنولوجية الكبرى في أساطير الخيال العلمي؟ هم يجاوزون الشطحات، فتزلّ بهم القدم إلى حكاية الراعي وجرّة العسل. إيلون ماسك ليس استثناء، تحسبه يحسب ألف حساب لكل خطوة، فإذا به يخبط خبط عشواء. قال: «لا حاجة في المستقبل إلى الوظائف، فالذكاء الاصطناعي سيقوم بكل الأعمال».

قلت للقلم: ويحك، كيف تجرؤ على هجاء رجل يبشّر الكوكب بأعظم بشرى؟ لو كنتَ ذا فهم وبُعد نظر، لكنت أدركت أيّ كنز من الآمال أهداه في لفافة هذا الكلام إلى أكثرية بلدان العالم، فهو يقول لدول العالم الثالث: ألا هُبّي لرؤية الفجر الباسم، الذي سيسفر عن غروب العمل في العالم الأوّل، مثل بسمة السَّحَر التي تُعلِن انجلاءَ الظلمات الحالكات الدّاجيات. كنتُ أظنك لا تعدم وعياً، ولا تَخيب سعياً. كيف غاب عنك أن الذكاء الاصطناعي إذا لم يَدَع لأحد عملاً، ولا في وظيفة أملاً، فإنما ذلك لا يمكن حدوثه إلا في بلدان متقدمة في العلوم والتقانة، تحتلّ فيها الروبوتات وكل ما يعمل بالخوارزميات، جميع الميادين؟ معنى ذلك أن الدول ذات المدنيّة الحديثة، ستنهار تحت وطأة البطالة، والعطالة ليست ممّا تستطيع تَحمُّله العمالة، فسوف ولا ريب تَغرق تلك البلاد في الفوضى الاجتماعية، والمشكلات الاقتصادية.

وقلت للقلم: ما هذه الفطنة التي جاوزت الحدّ لدى السيد إيلون، فجعلته لا يدري إلى أين هم آيلون؟ كنت أظن أن السيد «ماسك» ماسك بزمام المنطق. أتُراه يتصور أن الذكاء الاصطناعي سينقضّ على الشركات والمؤسسات والمصانع ومراكز البحوث العلمية، وأين هي؟ ويشرّد العاملين فيها، ويسند الوظائف والمسؤوليات إلى الروبوتات، في ليبيا والسودان وسوريا والنيجر ومالي، وقس على ذلك بلداناً عربيةً وإسلاميةً وعالمثالثيةً، إفريقيةً وآسيويةً وأمريكيةً جنوبية، وحتى في القارة العجوز، شرقيّها وغربيّها؟ هل سيجود عليها بعشرات ملايين الروبوتات، قبل أن تظفر بالقوت والماء والكهرباء والبنى التحتية؟

على السيد ماسك، أن يزيح «ماسك» الوهم عن دماغه، فهو والغرب كله، غير قادرين على رؤية العالم على حقيقته، ولا الواقع على صورته الواقعية. السياسة الواقعية عندهم هي أن الأرض مستودع ثروات هم أصحابها المالكون. والمنفعية هي أن كل المنافع لهم، بلا منازع، وإلا فالمَدافع تقصف المُدافع. والليبرالية عندهم تشمل المنتمين إلى الرأسمالية المتغوّلة فقط لا غير. أمّا القانون الدولي فيجب أن يشطب ويحلّ محلّه مصطلح القواعد الدولية الذي تمثله «الشرعية الدولية»، التي تقتصر على الإمبراطورية وثلاث دول مجهرية في الأقيانوسية متناثرة على غير مقربة من أستراليا.

لزوم ما يلزم: النتيجة الأولويّة: هنيئاً لماسك أحلام الخيال العلمي، وأهلاً بروبوتاته، وبالوظائف التي ستستولي عليها، فسوف يكون عليها أن توجدها أوّلاً، فهي في بلدان كثيرة كالغول والعنقاء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3smeh6ct

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"