هل أنقذت دول الجنوب مبادرة الحزام والطريق؟

21:44 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي*

عندما استضافت بكين، يوم 17 أكتوبر 2023، ‏المنتدى الثالث لمبادرة «الحزام والطريق»، الذي ‏‏‏استمرت فعالياته حتى 18 أكتوبر.‏ يكون قد مر عقد على إنشائه. وحضر المنتدى ‏عدد من القادة ورؤساء المنظمات الدولية، إلى جانب ممثلين عن أكثر من 130 ‏‏‏دولة، بضيافة ‏الرئيس الصيني، شي جينبينج منشئ المبادرة ومهندسها.‏

تعد مبادرة الحزام والطريق الصينية، استراتيجية عالمية للبنية الأساسية والتنمية، ترمي إلى ‏‏الارتباط بآسيا وإفريقيا وأوروبا من خلال شبكة من الطرق التجارية البرية والبحرية، منذ إطلاقها في ‏‏عام 2013، نقطة تحول مهمة في سياسة الصين الخارجية، كما أنها أصبحت من أطمح مبادرات ‏‏التنمية في التاريخ وأوسعها مدى. وهي في نظر الكثيرين في الغرب، وخاصة في الولايات ‏المتحدة، ‏محاولة من الصين لإعادة ‏صياغة النظم السياسية الإقليمية بما يصب في ‏صالحها.‏ ومحاولة ‏‏صينية لتعزيز نفوذها في أوراسيا، وتدشين ‏‏نفسها قوة عظمى بمقدورها المنافسة على مناطق النفوذ. ‏وأن المبادرة من ‏الممكن أن تحقق «الحلم ‏‏الصيني» الذي يدعو إليه الرئيس الصيني الذي تعهد عند ‏الإعلان عن المبادرة باستثمار 124 مليار دولار ‏‏‏في البنى التحتية، وهو ما رأته مراكز الدراسات ‏الأمريكية فرصة لمد يد العون لشركات الحديد والأسمنت الصينية ‏‏التي تعاني ‏التخمة، وأن شركات ‏التشييد الصينية ستستفيد ‏ من المبادرة عبر إبرام صفقات والسماح ‏‏بسفر آلاف من العمال ‏الصينيين ‏للعمل في الخارج، وبأن معظم الأموال التي ‏‏سيتم تقديمها من خلال المبادرة، ‏ستكون في صورة ‏قروض من البنوك الصينية، ما يعني -حسب ‏‏تلك المراكز- أن دولاً فقيرة ‏‏ستعاني وطأة الديون. ‏

وقبيل انعقاد المنتدى الثالث للحزام والطريق، سادت تحليلات تتسم بالتشاؤم وترى أن مبادرة الحزام ‏والطريق ماتت، وأنها تلقت ضربة مزدوجة بسبب «كوفيد-19» والمشاكل الاقتصادية في البلاد، ما أدى ‏إلى خفوت وعود ‏الصين بمساعدة ‏‏الدول التي سترتبط بها ‏عبر المبادرة. ‏مع تراجع إجمالي نشاط ‏الصين في دول مبادرة ‏الحزام والطريق ‏بنحو 40% عن ذروته في ‏عام 2018، ‏مع تباطؤ نموها ‏الاقتصادي، وهبط متوسط ‏صفقات ‏الاستثمار في المبادرة 48% من ‏ذروة عام ‏‏2018 إلى نحو ‏‏392 مليون دولار في النصف ‏الأول ‏من هذا العام، وفقاً لدراسة أجراها مركز التمويل الأخضر ‏والتنمية في شنغهاي بجامعة فودان الصينية‏.‏‏

وأظهرت دراسة نشرت يوم 28 مارس (2023)، أن الصين أنفقت 240 مليار دولار على ‏الإنقاذ ‏‏المالي لما ‏‏‏‏‏يصل إلى 22 دولة نامية بين عامي 2008 و2021، وأن المبلغ زاد في السنوات ‏القليلة ‏‏الماضية ‏‏‏‏‏مع مواجهة مزيد من الدول لمصاعب في تسديد القروض التي أُنفقت على البنية ‏التحتية ‏‏لمبادرة ‏‏‏‏‏الحزام والطريق‏. وأشار التقرير الذي أعده باحثون من البنك الدولي وكلية كينيدي ‏التابعة ‏‏لجامعة هارفارد وإيد داتا ‏‏‏‏‏ومعهد كيل للاقتصاد العالمي، إلى أن ما يقرب من 80% من ‏‏‏قروض الإنقاذ كانت بين ‏‏‏‏‏عامي 2016 و2021، ومعظمها لبلدان ذات دخل متوسط، بما في ذلك ‏‏‏الأرجنتين ومنغوليا ‏‏‏‏‏وباكستان.وقدمت الصين قروضاً بمئات المليارات من الدولارات لتشييد البنية ‏‏‏التحتية في البلدان النامية، لكن ‏‏‏‏‏الإقراض ينحسر منذ عام 2016‏. وأن بكين تحاول ‏‏‏‏‏‏‏في نهاية ‏المطاف إنقاذ بنوكها.

وفي نهاية المنتدى أعلنت جمهورية الصين الشعبية توقيعها اتفاقيات تتخطى قيمتها حاجز ال64 ‏مليار دولار، خلال قمة ‏مبادرة الحزام والطريق، التي سجلت صفقات وصل إجمالي قيمتها إلى 3.67 ‏تريليون دولار.‏

وعلى ‏ النقيض من المتشككين الذين اعتقدوا أن بكين قد تجاوزت مبادرة الحزام والطريق، فإن الصين ‏‏‏سوف تستمر في الدفع بمبادرتها. وكما ينص الكتاب الأبيض، فإن «الصين ستواصل الترويج ‏لمبادرة ‏‏الحزام والطريق باعتبارها خطتها الشاملة وتصميمها عالي المستوى للانفتاح والتعاون الدولي ‏المربح ‏‏للجانبين».

* كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8pxnn4

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"