الذكاء الاصطناعي أذكى للتطوير

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

قلت للقلم: ما هو أقصى مدًى يمكن أن تذهب إليه في إعداد وصفة علاجيّة للمناهج العربية؟ قال: هذا السؤال لا يمكن أن يصدر إلّا عن عقل يفتقر إلى المنهجية العلميّة. لقد ذكّرتني بالأنفلونزا، التي يتعذّر علاجها بقرص واحد، لأن الفيروسات التي تسبّبها تتجاوز المئة عدداً، في حين أن القرص الواحد، أو الجرعة الواحدة، لا يمكن أن تحتوي على أكثر من مضادات ستة فيروسات أو أكثر بقليل. هكذا يكون الدواء لعبة يانصيب، أو بتعبير أبي الطيب: «ضربتُ بها التيهَ ضرْبَ القمار إمّا لهذا وإمّا لذا». عبارة «المناهج العربية» فضفاضة، زئبقية.

قلت: كلامك محبِط، يجرفني إلى الاستطراد، والذنب ذنب عمّنا الجاحظ، فماذا لو طلبت منك إيجاد ما يشرح الصدر، ويضع عنّا الوزر، بقاموس يحلّ لنا الألغاز التي لعبت شمولها برؤوسنا طوال سبعة عقود، مثل: «مواجهة التحدّيات» وغيرها كثير؟ قال: إن العالم العربي، حتى الساعة، يرى التحديات دون المستوى، فهو ينتظر شيئاً مثل التسونامي، فيستوي عندئذ الضعيف والقوي. لا تستهن بحكمة العقل العربي، فهو حصيف ظريف، كأنه يقول: إذا ظلت الأمور دون الانفجار العظيم، فسوف تكون تحت السيطرة، أمّا إذا وقعت الواقعة، فإن الجبال ستتناطح لا محالة، ويومئذ تتهرشم الدنيا وتتنجزك.

قلت: ألا تَرانا لا نجيد الحوار؟ لقد طال مشوار الخروج عن الموضوع. هات الوصفة العلاجية للمناهج العربية. قال: هل ستتهمني بالجنون، إذا بحت لك بأنني أرى الحلّ المأمول في الذكاء الاصطناعي؟ لقد قرأت مقالاً قيّماً في موقع مجلة «لا روشيرش» (البحث) الفرنسية (23 أكتوبر)، عن اكتشاف أدوار في منتهى الأهمية، تلعبها الخلايا النجميّة الدبقية (أستروسيت) في نقل المعلومات في الدماغ البشري. فأومضت في ذهني فكرة أنه ما دام الدماغ يعمل بنظام حاسوبي لا مثيل له في الكون، وأن المعلوماتية التي يعمل بها لا ترقى إليها الخوارزميات في الذكاء الاصطناعي حتى في أحلامها وأوهامها، وأن العجب العجاب هو أن الآلة الذكية، بفضل التعليم العميق وما شاكله من المجالات، تتعلم بالخوارزميات على نحو أسرع ألف مرّة من الآدميّ، فإن التوسّل إلى الذكاء غير البيولوجي ضرورة، فلعله يجودنا بغيث مناهج تحلّ عقدة أساليب التربية والتعليم. منطقي تماماً أن الذكاء الاصطناعي الذي يعمل بالخوارزميات والمعلوماتية ومعالجة البيانات، أقدر بلا ريب على التعامل مع الدماغ البشري الذي هو نظام ما فوق المعلوماتي والحاسوبي والروبوتي. في حين أن الطامّة الكبرى في المناهج العربية، تتمثل في أن أنظمة تعليم العرب تتعامل مع أدمغة الدارسين ككتل لحم في جماجم عظمية.

لزوم ما يلزم: النتيجة النجومية: القلم واهم في تصوّره أن التربويين العرب سيطرحون في الغداة تطوير المناهج قياساً على الخلايا النجمية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ykfj2nwx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"