نظرة مختلفة إلى المنظمتين

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في نظرة مختلفة إلى المنظمتين الكبريين عربيّاً وإسلاميّاً؟ عندما تُطرح قضايا العمل المشترك على الصعيدين، غالباً ما تواجه التحدي الفولاذي: وهل سيدعك عتاولة «المجتمع الدولي» تخطو خطوة خارج الدائرة المرسومة؟ وهو سؤال ساذج سلبيّ واستلابي، وإلا لكان الحق زهوقاً على مرّ التاريخ.

مشكلة العالم العربي بالذات، هي أنه لم يأتِ البيوتَ من أبوابها، لم يحسن البناء المتدرّج في مسار التنمية الشاملة. معذرة، قد تكون الصراحة جارحةً، لكن، لم يكن مناسباً منذ عشرات السنين لخريطة عربية أغلبيتها مناعتُها معطوبة، وتغذيتُها سيئة، أن تتمطط وتتمطى صائحةً: هل من مبارز؟ لا يزال المجال مفتوحاً للآمال البنّاءة، غير أن الفرص كانت أوفر وأكثر تنوّعاً قبل سبعين عاماً، ستين وحتى خمسين. تخيّل ما الذي كان يحدث لو اجتمع العرب في منتصف القرن الماضي أو حتى في الربع الأخير منه، وعقدوا العزم على نهضة زراعية، وقد كانت آنذاك سلّة الغذاء العربي في المتناول؟ دعونا يا قوم من الهرطقات والملاسنات في النقاش السقيم حول الثلاثية المضللة القديمة: الوحدة، الحرية والاشتراكية، من أين نبدأ؟ أحسنتِ الصين عملاً، ضمنت لشعبها الغذاء، ثم حمت حماه بطول القنا، ببيض الصفائح، بالعوالي. سيظل القلم يذكّر، إن نفعت الذكرى، بالآية المفتاحية الرائعة: «الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» (قريش 4). خطة استراتيجية كاملة متكاملة: تأمين الغذاء ووسائل الدفاع. جدلية منطقية ومنهجيّة محوريّة، فحتى في مستوى الفرد، لا بدّ من جسم قوي ليكون قادراً على الدفاع.

هل كان العرب في منظمتهم العربية، والمسلمون في مؤسستهم الإسلامية، يتفرّقون، أو يسهل تفريقهم لو اجتمعوا قبل عشرات السنين، وقرّروا الانطلاق بمشروع تنموي اقتصادي؟ بخطة توحيد للمناهج عربيّاً؟ بمخطط نهضة في جميع ميادين العلوم والتقانة يشعّ من سبع وخمسين دولة، من المغرب الأقصى إلى إندونيسيا؟ تخيّل قمّة إسلامية على جدول أعمالها: دعم التنمية الاقتصادية بالذكاء الاصطناعي. كيف يمكن تحقيق اكتفاء ذاتي للعالم الإسلامي في مجال أشباه الموصلات؟

مقصود القلم ثقافي بحت، بل وتراثي صرف. يهمّنا بالذات ميراثنا العربي. من الناحية النفسية، وحتى لحفظ ماء وجه الأستاذ أمام طلبته، والوالدين أمام الأبناء، تخيّل موقف المدرّس الذي يشرح للجيل الصاعد شعر عمرو بن كلثوم: «ملأنا البرّ حتى ضاق عنّا.. وماء البحر نملأه سفينا... إذا بلغ الفطامَ لنا رضيعٌ.. تخرّ له الجبابر ساجدينا»، فيقول له طالب مشاكس: «أستاذ، ماذا يقول إذاً من ملأ برّ الكوكب بثمانمئة قاعدة عسكرية، وماء البحر يملأه بجيرالد فورد وأيزنهاور والغواصات النووية؟ ألا يحتاج العرب إلى التفكير قليلاً؟»، وتردف طالبة: «أستاذ، حتى التراث صار يتكلم بأبجدية من اليورانيوم والبلوتونيوم».

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: المنظمات الوحدوية لا تفقد دورها إلا إذا تناثر أعضاؤها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8su68e

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"