وسائط هدم ترابط الخرائط

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

ما العمل إزاء الانفلات في وسائط التواصل؟ في سنوات معدودات، والسنتين الأخيرتين بالذات، صار إنتاجها المشبوه أشدّ تكاثراً من الحشرات. من كان يرجو من المعنيين بالإعلام والأمن السيبراني في العالم العربي مواقف رادعةً صارمةً، فقد خاب أملاً وعملاً. لكن، لا بدّ من استعراض فاحص لمجموعة من العناصر الهدّامة التي تَصِم ذلك الإنتاج المتكاثر وتتّسم به. المجال مفتوح أمام أيّ كان لاتهام القلم بأنه واقع في فخ نظرية المؤامرة. نتدرّج من الصغير إلى الكبير.

نموذج استهداف الترابط الأسريّ، تناوله العمود في «مفارقات ديمقراطية الفن»: محاولة التخلص من الحماة أو الكنّة أو الربيبة بدسّ السم في الطعام أو الشراب. الإلقاء بالأمّ في الشارع. إكراه الكنّة حماتَها على تناول طعامها في المرحاض. تجاوز الحدّ في مشهد يصوّر فتاةً لديها صينيّة فيها مشروب غازيّ به مادّة منوّمة، تغري به الأطفال مجّاناً لاختطافهم.

من أشكال السقوط في تلك المشاهد التمثيلية الوجيزة، أن الممثلين المتكررين بملل، لا يملكون مثقال ذرّة من مواهب الأداء المسرحيّ. أنكى الجناية إقحام الصغار في هذه المناظر من انعدام الأخلاق.

من النماذج التشويهية للسلوكيات الفردية والاجتماعية، مشاهد متكررة لشخص يظهر وأمامه صينية مترامية الأطراف، عليها خروف محاط بدجاجات ونقانق وأصناف من المحشوّات والمكسّرات والأرز، وهو منهمك في الالتهام بنهم الذئاب الجائعة، وبأشعبيّة مضروبة في مئة، يشاركه أحياناً ممثل زلّت به قدمه إلى هذا الموقف المهترئ.

الآن، وقد جمعتَ حصيلة تلك النماذج، فتعال إلى مطبخ السموم الناقعة: كم عدد البرامج اليوتيوبية التي تسعى إلى هدم اللغة العربية، من خلال التشكيك في أصولها ونشأتها وجذور أدبها؟ أليست العربية هي لغة الأربعمئة مليون عربي؟ أنتَ إذاً خواءٌ وهباءٌ وهواءٌ، كنتَ صرحاً من هواء فهوى. لكن، مهلاً، لا يفوتنّك الأهمّ والخطب الملمّ، فعليك أن تسأل: هل من الممكن أن يتطفل الساذجون والبلهاء وذوو الجهالة الجهلاء، على أن يشهروا المعاول لهدم بنيان صروح «الضاد»؟ الأمر يحتاج إلى مجرمين محترفين يعرفون من أين تؤكل الكتف و«الموزة»، و«الفيليه». شأن كهذا يستدعي أن يسألوا به خبيراً قادراً على خلط أوراق اللغات الجزيريّة، الساميّة.

الآن، وقد حاولوا النيل من الأسرة والمجتمع والشخصية والهوية المتمثلة في اللغة، تأتي محاولة ضرب الجذع والجذور، فالعروة الوثقى لهذه الأمّة: الدين، فلولاه ما كانت اللغة العربية تنتشر مشرقاً ومغرباً. هل حاولتَ يوماً إحصاء برامج وسائط التواصل المتخصصة في العبث بجذور الدين الإسلامي؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الإيجازية: ما الذي يتبقى إذا هدموا الأسرة والمجتمع واللغة والدين؟ لا تَفُه ببنت شفة، فأنت واقع في فخ نظرية المؤامرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y6f9xrx9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"