عندما يرفض الشعر الكذب

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل ينبغي للثقافة، آدابها وفنونها، أن تستكين لقوة الباطل وتتخذ من الأكاذيب قيماً ومبادئ؟ في الثقافة بالذات، لا يصحّ إطلاق أحكام مسبقة عامة من دون تمييز، على شعوب أو طوائف أو أي تقسيم فئوي. ينطبق ذلك على وسائط الإعلام أيضاً. الأيام الأخيرة برهنت على أن الأوساط الثقافية في الغرب لا تنطلي عليها قاطبةً ألاعيب الزور والبهتان التي تلفّقها المؤسسات الإعلامية المنجرفة المنحرفة. في الولايات المتحدة نفسها، أقيم حفل لمنح إحدى أهمّ الجوائز الأدبية: «جوائز الكتاب الوطني». انتهز اثنا عشر فائزاً، فرصة التغطية الإعلامية، لإبداء معارضتهم المآسي التي نُكبت بها غزة وتنكب، مطالبين بوقف فوري للحرب.

في هذا السياق قدّمت آن بوير، الشاعرة الكاتبة الحائزة جائزة بوليتزر ورئيسة تحرير قسم الشعر في نيويورك تايمز، استقالتها، اعتراضاً على حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة، بدعم مباشر من الولايات المتحدة. يترجم القلم هذه الرسالة المعبّرة:

«لقد استقلت من منصبي كرئيسة تحرير لقسم الشعر في نيويورك تايمز. إن الحرب التي تشنّها إسرائيل على شعب غزة، بدعم من الولايات المتحدة، ليست حرباً لمصلحة أحد. إنها لا تجلب أيّ أمن لا لإسرائيل ولا الولايات المتحدة ولا لأوروبا، ولا، بصفة خاصة، لكثير من اليهود الذين يتذرعون زوراً بأنهم يقاتلون باسمهم. المصلحة الوحيدة في ذلك هي المصلحة القاتلة لعائدات شركات النفط وصانعي الأسلحة. العالم، المستقبل وقلوبنا، كلها تتضاءل وتقسو جرّاءها.

إن الأمر لم يعد يتمثل في حرب صواريخ وغزو برّي. إنّه اجتياح مستمرّ لشعب فلسطين، الشعب الذي قاوم طوال عقود من الاحتلال، من التهجير القسري، من أشكال الحرمان، من التكبيل، من الحصار، من الاعتقال والتعذيب.

إن التعبير الفني يشكّل حياتنا العادية، لكن، أحياناً ليس للفنان غير خيار وحيد، الرفض، لهذا أرفض. لن أنقد الشعر بنبرة «معقولة»، نبرة الذين يريدون أن نتأقلم مع هذا العذاب اللامعقول. كفى تهويناً للفجائع. كفى تعقيماً للكلمات الجهنمية. كفى أكاذيب مشعلة للحروب.

إذا تركت رسالة الاستقالة هذه ثقباً في حجم قصيدة، فإنها الشكل الحقيقي في الحاضر».

لزوم ما يلزم: النتيجة الشعرية: قال القلم، هذه الرسالة أجمل قصيدة نثر قرأتها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y85zmnzm

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"