عادي

أوكرانيا.. نكسات في الميدان والتمويل

23:28 مساء
قراءة 4 دقائق

كتب - المحرر السياسي:

تتركز أخبار الحرب في أوكرانيا منذ ما يزيد على أسبوع حول جديدين، أولهما تبخّر الدعم والتمويل، والثاني نكسات الميدان التي تتعرض لها القوات الأوكرانية، وتزيد من قتامتها الخلافات التي تضرب القيادة السياسية والعسكرية العليا، بينما تستعد وسائل الإعلام الغربية لتهيئة الجماهير لنبأ خسارة الحرب.

بينما ألغى الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي خطاباً كان من المقرر أن يوجهه إلى الكونغرس الأمريكي لحضّه على الموافقة على مزيد من الدعم أكد أندريه ييرماك، مدير مكتبه، أن تأجيل المساعدات الأمريكية لكييف سوف يسبب «خطراً كبيراً» ويعزز احتمالات خسارة أوكرانيا للحرب. وسوف يكون من الصعب الاحتفاظ بنفس المواقع، وربما يصعب على الناس البقاء على قيد الحياة دون دعم مباشر للميزانية.

وصدر آخر تحذير على صعيد الواقع الميداني من الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينتس ستولتنبرغ، الذي أعرب عن مخاوفه بشأن «الأخبار السيئة» المحتملة التي ترد من أوكرانيا. وقد عرض تحذيره منظوراً فريداً للموقف، وسلط الضوء على التداعيات الجيوسياسية المترتبة على النزاع.

هجوم روسي

وقال مسؤولون أوكرانيون يوم الاثنين الماضي إن القوات الروسية تهاجم مدينة أفدييفكا شرق أوكرانيا من اتجاهين جديدين، في الوقت الذي وسعت فيه موسكو مساعيها للسيطرة على البلدة شبه المحاصرة. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات صدت 15 هجوماً روسياً منها تسع هجمات قرب باخموت في الشمال، وإن القوات الأوكرانية تواصل كبح جماح الروس بالقرب من مارينكا، في إشارة إلى إصرار كييف على أنها تسيطر على تلك البلدة.

وقال فيتالي باراباش، مدير الإدارة العسكرية في منطقة أفدييفكا إن «الموجة الثالثة الحالية من هجمات العدو تختلف عن الموجتين السابقتين من حيث إنها تتم في اتجاهين جديدين، في محاولتها الاستيلاء على المدينة بأي ثمن».

وسط هذا التحول اللافت في سير العمليات العسكرية تأتي الأنباء غير السارة من واشنطن وبروكسل حول الدعم العسكري والمالي الذي يعاني الكثير من العراقيل منذ فشل الهجوم المضاد الأوكراني. فقد أصدرت إدارة بايدن تحذيراً صارخاً لزعماء مجلسي النواب والشيوخ يوم الاثنين، بأن المساعدات الأمريكية لكييف ستنفد بحلول نهاية عام 2023 إذا لم يوافق الكونغرس على الحزمة التكميلية الطارئة التي اقترحها البيت الأبيض، والتي تتضمن نحو 61 مليار دولار لأوكرانيا.

وجاء في الرسالة التي أرسلتها شالاندا يونغ، مديرة مكتب الإدارة والميزانية: «لم يعد لدينا المال لدعم أوكرانيا في هذه المعركة. لقد حان الوقت الآن لمساعدة أوكرانيا الديمقراطية في مواجهة الروس. آن الأوان كي يتحرك الكونغرس».

نفاد أموال الدعم

وعلى الرغم من اللهجة العاجلة في رسالة مكتب الإدارة والميزانية، فإنه ليس من الواضح تماماً حجم الأموال المتبقية في خزائن أوكرانيا. وقد اعترف رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في أكتوبر/ تشرين الأول بأن ما تبقى من موازنة الدعم لم يعد معروفاً بشكل واضح.

ومع ذلك، تزعم رسالة يونغ أن وزارة الدفاع أنفقت 97% من الأموال التي تلقتها من الكونغرس حتى الآن، وأن وزارة الخارجية استنفدت مبلغ 4.7 مليار دولار الذي تلقته للمساعدات العسكرية، وأن الأموال المتبقية تنفد بسرعة.

ويجمع داعمو أوكرانيا في الإدارة الأمريكية على أن قطع تدفق الأسلحة والمعدات الأمريكية سوف يعرقل أداء القوات الأوكرانية في ساحة المعركة، ولن يعرّض المكاسب التي حققتها أوكرانيا للخطر فحسب، بل سيزيد من احتمالية الانتصارات العسكرية الروسية. وبينما يكثف الحلفاء جهودهم لتوفير المزيد من العتاد وخاصة الذخائر، يبدو أن الدعم الأمريكي بالغ الأهمية ولا يمكن للآخرين تعويضه.

وعلى الرغم من النداء العاجل لإدارة بايدن، فإن سلسلة من العقبات تقف في طريق الاعتمادات التكميلية التي تشق طريقها إلى مكتب الرئيس.

وحتى لو تمكن مجلس الشيوخ من التوصل إلى حل وسط، فإن المسار سوف يصبح أكثر تعقيداً في مجلس النواب، حيث يشكك عدد متزايد من الجمهوريين في كيفية إنفاق الأموال، وما إذا كانت إدارة بايدن لديها استراتيجية لإنهاء الحرب. وتعهّد عدد من الجمهوريين في مجلس النواب بمعارضة ما يعتبرونه «شيكاً آخر على بياض» يمنح لكييف.

وأرسل رئيس مجلس النواب الجديد مايك جونسون رسائل مختلطة حول موقفه. وعندما كان عضواً عادياً، صوت جونسون باستمرار ضد المزيد من التمويل لأوكرانيا، لكن خطابه منذ توليه منصب رئيس البرلمان يشير إلى تغيير في الرأي.

وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، قال إنه «واثق ومتفائل» بأن الكونغرس سيكون قادراً على الحصول على حزمة تتضمن مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل، إضافة إلى تمويل أمن الحدود «على الخط» قبل نهاية السنة.

المساعدات الأوروبية معلقة

وتجد العاصمة الأوكرانية كييف نفسها في وضع مالي معقد مع تزايد احتمال خسارة مساعدات بقيمة 50 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي. وقالت صحيفة «فايننشال تايمز» إن هذا التطور لا يهدد الاستقرار الاقتصادي في أوكرانيا فحسب، بل يهدد أيضاً قدرتها على إدارة صراعها المستمر وسط البيئة الإقليمية غير المستقرة.

وكان الاتحاد الأوروبي مصدراً رئيسياً للدعم المالي لأوكرانيا، حيث تمثل المساعدات البالغة 50 مليار يورو شريان حياة بالغ الأهمية للحرب. ولكن هذه المساعدات أصبحت الآن في قلب نزاع حول الميزانية داخل الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يلقي بظلاله على المستقبل المالي لأوكرانيا. ويبدو أن المخاوف الأساسية تتعلق بتخصيص المساعدات وإدارتها، ما يؤدي إلى وقف محتمل لضخ الأموال.

وما يزيد الوضع تعقيداً قرار المجر بحجب دعمها لخطة مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، ما يضيف طبقة أخرى إلى الديناميكيات المعقدة لمعضلة مساعدات الاتحاد الأوروبي. ومن الممكن أن تمتد آثار هذا القرار إلى ما هو أبعد من المجال المالي، وقد يؤثر على العلاقات السياسية والدبلوماسية داخل الاتحاد الأوروبي.

ولم يبق سوى تنظيم حملة إعلامية بهدف إفهام الناخبين من دافعي الضرائب في دول التحالف الغربي بأن كسب الحرب في أوكرانيا لم يعد ممكناً بغض النظر عن حجم الدعم المالي والعسكري.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24adstpp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"