الظاهرة الممتدة والمواجهة

لا يمكن تجاهل قوة مواقع التواصل الاجتماعي، فهي منصات حاضرة وبقوة في حياتنا الاجتماعية، لأنها تجمع الملايين من الأفراد من مختلف أرجاء العالم، وبالتالي هي مواقع للتواصل والتفاعل، وهي أيضاً، مع الأسف، مكان للإشاعات وللأخبار غير الموثقة والمعلومات الزائفة، وفيها تظهر بعض سلبيات المجتمعات البشرية، من عمليات النصب والاحتيال والسرقات، مثلها مثل العالم الواقعي. لذا عندما يظهر موضوع التنمر الإلكتروني، يجب عدم المرور عليه بشكل سطحي، أو اعتباره موضوعاً هامشياً. التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي يتمثل في استخدام الكلمات القاسية والعدائية، والهدف إلحاق الأذى النفسي وتحطيم المعنويات، وتثبيط العزيمة وتشتيت الفكر، ومن أهم وسائل وطرق التنمر الإلكتروني، بث الشائعات، والأكاذيب، أو كتابة تعليقات محملة بالتحقير والإهانة.
مشكلة التنمر الإلكتروني أنه يتم بسرعة وخفة، ويسبب معاناة من الضغوط النفسية والعاطفية والاجتماعية، بل قد يصل للصحة الجسدية والنفسية، مثل القلق والاكتئاب، وهناك من فكر بالانتحار. وعندما يقال بأن التنمر، بصفة عامة، يؤثر في المجتمع، فهذا الكلام صحيح تماماً، لأنه يخفف من التماسك، ويهز الثقة، ويدمر التعاون والتعاضد بين الناس. وقد رصد المختصون والدارسون لمثل هذه الظاهرة الأسباب، وحاولوا فهم السلوك التنمري ودوافعه، ومن بينها شعور البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بأنهم في معزل وحماية من الملاحقة القانونية، أو لأنهم يستخدمون أسماء مزورة أو مستعارة، تصعب معرفة الناس بهم. أيضاً هناك سبب آخر يتعلق بالبعد المكاني، ولا ننسى مشاعر مثل الغيرة، أو الحسد، وغيرها الكثير. 
ولكون التنمر الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي بات ظاهرة، ومعاناة، فإن هناك جملة من الحلول والإجراءات التي قد تساعد على التصدي له، ومن بينها زيادة المعرفة والتوعية، بأضرار ووقع التنمر ومخاطره وما يسببه من أذى للإنسان، وتحطيم للروح المعنوية، والمرض النفسي، ومن هنا يجب الإعلاء من قيم التسامح، والاحترام، والتعاون، ونحوها من قيم نبيلة. أيضاً هناك أهمية بالغة لسنّ الأنظمة والقوانين، فمن الأهمية تفعيل السياسات التي تحظر التنمر، وتمنع التحرش، وتعاقب المخالفين، وتحد من الكلمات المبتذلة والجارحة، فضلاً عن أن تضع في أنظمتها خيارات للإبلاغ عن المحتوى المسيء، بل التوسع في منح المستخدمين أدوات تحميهم من التنمر. نحن بحاجة لخطة شاملة تكافحه بصفة عامة، وفي مختلف مفاصل حياتنا، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً. من الأهمية تطوير المهارات، وتسهيل الإجراءات لاستهداف هذه الظاهرة غير الإنسانية.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com